جدل لا ينتهي منذ تدشين تحالف "أوكوس" بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، بدءا من صفقة الغواصات النووية إلى الكشف عن تعاون ثلاثي في تطوير الأسلحة الفرط صوتية وقدرات الحرب الإلكترونية، اعتبرها محللون "حوافز أميركية لدول المنطقة لمواجهة هيمنة الصين".
وفي خطوة وصفت بأنها إعادة لترتيب هيكل القوة في منطقة المحيط الهادئ، جاء تدشين تحالف "أوكوس" بين الدول الثلاث في منتصف سبتمبر 2021، حيث تضمن الاتفاق تبادل المعلومات والمعرفة في المجالات الأمنية والدفاعية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي.
وبموجب الاتفاقية، تمنح الولايات المتحدة وبريطانيا لأول مرة تكنولوجيا ضرورية لأستراليا لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، ما يعني مشاركة واشنطن تكنولوجيا الغواصات الخاصة بها لأول مرة منذ 50 عاما، بعد أن شاركتها في السابق مع بريطانيا فقط.
الخطوة الثلاثية الأميركية الأسترالية البريطانية، قوبلت آنذاك بانتقاد صيني حملته السفارة الصينية في واشنطن، مطالبة الدول الثلاث بـ"التخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي"، فيما أكدت الخارجية الصينية أن "التحالف يخاطر بإلحاق أضرار جسيمة بالسلام الإقليمي وتكثيف سباق التسلح".
ووفق بيان مشترك الثلاثاء، قال الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ونظيره الأسترالي سكوت موريسون: "تعهدنا اليوم بالبدء في تعاون ثلاثي جديد بشأن الأسلحة الفرط صوتية وقدرات الحرب الإلكترونية، بالإضافة إلى توسيع مشاركة المعلومات وتعميق التعاون في الابتكار الدفاعي".
سباق نفوذ
وتعقيبًا على ذلك، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، إن التحالف الأمني "يستهدف تقوية العلاقات الدفاعية بين الدول، التي هي بالفعل جزء من تحالف العيون الخمس الاستخباراتي، لمواجهة التهديد الصيني المتزايد في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي، فضلاً عن التهديدات الإقليمية الأخرى".
وأضافت تسوكرمان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد نظرت الصين بالفعل إلى هذا التحالف الجديد على أنه محاولة لمواجهة نفوذها الإقليمي. في السنوات الأخيرة، خطت الصين خطوات كبيرة في تطوير سفن بحرية متطورة وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت وتقنيات أخرى، بينما تعرض البنتاغون لانتقادات لتخلفه عن الركب وترك القدرات البحرية الأميركية تتحدد".
وأشارت إلى أن "التحالف يستهدف مواجهة التهديد للأمن البحري وطرق التجارة الدولية لكنه على وجه الخصوص يستجيب للتهديدات التي تتعرض لها أستراليا من جراء الأزمة المتصاعدة في العلاقات مع الصين وتعزيز العمل الأمني المشترك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
مخاوف أميركية
ولفت إلى أنه "على الرغم من أن أستراليا هي الهدف المباشر لتهديدات الصين في المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن الولايات المتحدة لديها مخاوف متزايدة بشأن دور الصين في المنطقة. وهذا جزئيًا هو السبب في أن العديد من الإدارات حاولت التحول من الشرق الأوسط للتركيز على مواجهة تهديد الصين من خلال زيادة الوجود العسكري البحري في المناطق الرئيسية".
وتابعت: "أعطت إدارة بايدن الأولوية لتطوير استراتيجيتها في هذه المنطقة عبر التركيز على تعزيز التحالفات مع الشركاء الرئيسيين، وتطوير الشراكة الناشئة، والدفع نحو الابتكار. يحظى هذا التركيز بتأييد واسع من الكونجرس بالإضافة إلى دعم الحلفاء الآخرين مثل اليابان والهند".
ووفق تسوكرمان "تشمل مخاوف الولايات المتحدة بشأن الدور المتزايد للصين في المنطقة الحاجة إلى إبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة، ودعم حرية الملاحة في كل من البحر والمجال الجوي، ودعم المؤسسات الديمقراطية وحماية المجتمعات الحرة من تدخل الصين، وتوفير نهج مبتكر لكليهما. التقنيات الصلبة والإنترنت والفضاء السيبراني لحماية الاتصالات من الانقطاع. لقد حاولت الصين بالفعل إحداث أشكال مختلفة من الاضطراب في كل هذه المجالات".
وأوضحت أن إدارة بايدن تحاول تقديم حوافز لدول هذه المنطقة للانضمام إلى الولايات المتحدة في مواجهة هيمنة الصين كجبهة موحدة. ومع ذلك، فإنه غير واضح ما إذا كانت هذه الحوافز كافية أم لا"، مؤكدة على أنه "أمام إدارة بايدن طريق طويل لتقطعه، وستحتاج إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز العلاقات الثنائية مع كل دولة قبل أن يتم اتخاذها بجدية في السياق الاستراتيجي الإقليمي متعدد الأطراف. ففي المقابل، كانت الصين فعالة في إظهار قوتها واستخدامها حتى خارج كتل معينة".
وتسبب التحالف في توتر دبلوماسي بين أميركا وفرنسا حيث تسببت صفقة الغواصات النووية في فسخ كانبيرا عقد شراء غواصات فرنسية قيمته 40 مليار دولار، حيث وصفت باريس الأمر بأنه "طعنة في الظهر".