تواجه الحكومة الألمانية عقبات قانونية تجبرها على قبول عودة مواطنيها الملتحقين بتنظيم داعش الإرهابي من سوريا والعراق، رغم خطورتهم على المجتمع الألماني، وهو ما تحاول التغلب عليه بإجراءات أمنية واجتماعية للحد من هذا الخطر.
وبعد مرور 6 أشهر على آخر عملية استقبال لألمان من عائلات داعش قادمين من مخيم روج بشمال سوريا، استقبلت ألمانيا، الخميس، 10 من نساء من داعش و27 طفلا كانوا يعيشون في المخيم نفسه، وذلك تحت ضغط مطالب أوروبية ودولية لتفكيك المخيمات الداعشية.
وتعد تلك العملية هي الثالثة لإعادة أطفال ونساء داعش معا إلى ألمانيا، وتختلف عن سابقاتها كونها الأكبر من حيث عدد العائدين، ولطبيعة الإجراءات، حيث خضعت بعض العائدات للاعتقال بأمر من الادعاء العام الاتحادي.
عملية معقدة
وهذا الشهر، أعلن الادعاء العام، اعتقال 4 نساء عند عودتهن في مطار فرانكفورت، كنَّ التحقن بالتنظيم عامي 2013 و2014 بعد السفر إلى سوريا والعراق.
وبحسب الادعاء، تحمل المعتقلات الجنسية الألمانية، موضحا أن إحداهن متهمة بارتكاب جرائم حرب والإتجار بالبشر ومشاركة زوجها في معاملة سيدة إيزيدية كـ " جارية".
ووصفت الخارجية الألمانية عملية إعادة عائلات داعش من المخيم بـ"شديدة الصعوبة" لوجود أطفال واحتمال تورط سيدات في الإرهاب.
احتياطات ألمانية
وعن المعايير التي تعتمدها ألمانيا للتعامل مع العائدين، يوضح رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، أن عملية الاستعادة تتم بعد مراجعة ملف العائدين، للتحقق من تورطهم في جرائم حرب أو انتهاكات حقوق الإنسان.
ويوضح جاسم محمد لموقع سكاي نيوز عربية أن استقبال العائدين يمر بإجراءات خاصة، منها عزل الأطفال عن السيدات، وتسليم القصر إلى عائلاتهم أو إيداعهم بمراكز خاصة لتلقي الرعاية.
أما السيدات فيتم التعامل معهنَّ بسيناريوهين، الأول في حال ثبوت التهم ضدهن تخضعن للأحكام القضائية التي تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وإن تم تبرئتهن يطلق سراحهن مع الخضوع للمراقبة والتأهيل عبر برنامج "الحياة" لنزع أيديولوجية التطرف، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، بحسب رئيس المركز الأوروبي.
عقبات قانونية
وعلى مدار العامين الماضيين، تسلمت ألمانيا 91 مواطنا من مخيمات سوريا، بينهم 22 امرأة و69 طفلا، وتشير التقديرات الحكومية إلى أن 1050 ألمانيا التحق بداعش، وبلغت نسبة السيدات 15 بالمئة، وتراوحت نسبة العائدين بين 33 إلى 45 بالمئة من الأطفال والنساء.
وتواجه ألمانيا تحديات لتسوية وضع العائدين من داعش تتعلق بتتبع تحركاتهم، فلا يطبق معيار ثابت على جميع عوائل داعش، وتتعامل مع كل حالة على حدة.
ويرى جاسم محمد، أن التحديات في القوانين والدستور الألماني وميثاق الاتحاد الأوروبي الذي يجبر ألمانيا على استعادة رعاياها، وفي المقابل ترفض الحكومة استعادتهم إلا بعد جمع الادعاء العام بيانات المقاتلين.
ويضيف: "وفي الوقت نفسه لا يسمح القانون بإدانتهم إلا بتوافر الأدلة التي يصعب جمعها، خاصة وأن فريق الادعاء العام الألماني يعمل في أوضاع استثنائية في سوريا، فضلا عن صعوبة توفير 30 موظفا لكل شخص للمتابعة الأمنية والدعم النفسي".
كما تصبح استجابة النساء لبرامج التأهيل محدودة للغاية، ما يرجح عودتهن للتطرف، لاسيما وأن النساء العنصر الأكثر خطورة بالتنظيم، مما يمثل خطورة جسيمة على المجتمع الألماني.
ورغم اعتماد ألمانيا في أغسطس 2019 تعديلات على قانون الجنسية تسمح بتجريد المقاتلين الألمان المتورطين في أعمال إرهابية من الجنسية، لم تسجل أي حالة سحب جنسية لهذا السبب، بحسب الداخلية الألمانية.
ويوضح رئيس المركز الأوروبي أن قانون سحب الجنسية يطبق على الألمان الذين يحملون جنسية أخرى وثبت تورطهم في جرائم حرب، ليتم إعادتهم إلى موطنهم الأصلي، بينما لا تسحب الجنسية من ذوي الجنسية الواحدة.