مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثاني، كثَّفت دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" بشكل محموم إمداد أوكرانيا بنوعيات وكميات من الأسلحة، وهو ما دفع خبراء عسكريين وأمنيين إلى توقع أن تنقلب المعارك لحرب شوارع يطول أمدها.
واعتبر الخبراء، في أحاديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن القرارات التي اتخذتها قمة "الناتو"، الخميس، بزيادة تسليح أوكرانيا، ردّ على استخدام روسيا صاروخ "كينجال"، وإنقاذًا لأوكرانيا بعد تشديد القوات الروسية حصارها للمدن الكبيرة وتكثيف عملياتها الجوية والبحرية معًا.
وخلال قمة الناتو في بروكسل، اتفق قادة الحلف على تعزيز الجناح الشرقي للحلف -المواجِهة لدوله لروسيا جغرافيًّا- بمزيد من التسليح.
ودعاالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، لدعم بلاده بـ1% من دبابات وطائرات الحلف، ضاغضًا بأن الحرب التي تخوضها بلاده ليس للدفاع عن أوكرانيا وحدها، بل أوروبا بالكامل.
وفي أوقات متقاربة، أعلنت ألمانيا والسويد وبريطانيا تقديم كميات كبيرة من أسلحة مضادة للدبابات وأخرى مضادة للطائرات إلى كييف.
وتعتزم ألمانيا إرسال 2000 صاروخ إضافي مضاد للدبابات وقذائف "أر بي جيه" إضافية، وبالمثل قال وزير الدفاع السويدي، بيتر هولتكفيست، إن بلاده سترسل 5 آلاف سلاح يدوي مضاد للدبابات بجانب معدات إزالة الألغام، مشيرًا إلى أن قتال الأوكرانيين مهم لأوروبا برمّتها.
وتتميّز الأسلحة السويدية المرسلة بسهولة استخدامها، فهي صواريخ من طراز AT-4 الأحادية الطلقة.
ومؤخرًا، أعلن رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، إرسال 6 آلاف صاروخ إضافي؛ وهو ما يزيد ما أرسلته بلاده من الأسلحة الفتاكة الدفاعية إلى الضعف، مشددًا على أهمية تقوية موقف زيلينسكي أثناء المفاوضات مع موسكو.
صفحة جديدة
وعن أسباب تكثيف الإمدادات بهذه السرعة والكمية، يقول جاسم محمد، خبير قضايا الأمن الدولي، إن إعلان الدول الثلاث تزويد كييف بأسلحة إضافية، هدفه تعزيز تسليح الجيش الأوكراني والمقاتلين الأجانب، لا سيما أن دول الحلف ليست لديها القدرة للدخول في حرب مباشرة مع روسيا، ويضيف هدفًا آخر، وهو تحقيق رهان الغرب باستنزاف القوات الروسية مع استمرار محاصرة موسكو للمدن الكبرى دون دخولها.
ويرجّح محمد أن "هذه الشواهد تدفعنا إلى صفحة جديدة في المعارك، تسود فيها حرب الشوارع، وتعتمد على الفرق الخاصة والمقاتلين الأجانب أكثر من القوات الحكومية، ويزيد هذا الاحتمال كلما اقتربت القوات الروسية من كييف".
ويتفق خبير الشؤون الأوروبية محمد رجائي بركات، على أن "هذه الإمدادات الكبيرة هدفها تجنّب دخول الحلف للمعركة بتقديم بديل، خاصّةً مع تصاعُد مخاوف بلجوء موسكو للأسلحة الكيميائية والنووية، والقلق من دخول بيلاروسيا الحرب، ودفع بولندا للمعارك المضادة، وهذا يعني أن يصبح الحلف جزءًا من الحرب"، باعتبار أن بولندا من الأعضاء.
كما يأمل الناتو أن يُضعف هذا التسليح موقف روسيا في المفاوضات، جنبًا إلى جنب مع الضغط على الاقتصاد الروسي بزيادة العقوبات، وفق بركات.
نقطة تحول
وتعد حرب أوكرانيا نقطة تحول بشأن نقل السلاح إلى دول خارج الحلف، ويتفق الخبيران بركات ومحمد، على أن تسليح أوكرانيا تصعيد نوعي من الغرب ضد روسيا.
وتسلمت أوكرانيا 1000 سلاح مضاد للدبابات و500 سلاح مضاد للطائرات و9 مدافع هاوتزر و14 آلية مدرعة من ألمانيا، و3600 ألف صاروخ "إن لاو" مضاد للدبابات من بريطانيا، و5 آلاف قاذفة مضادة للدروع و52 مليون دولار من السويد، و300 مليون يورو من فرنسا كمساعدات دفاعية.
كما خصصت الولايات المتحدة 350 مليون دولار لتزويدها بأسلحة فتاكة، ووفّر الاتحاد الأوروبي 450 مليون يورو للتسليح.