دفعت الحرب في أوكرانيا دولا غربية إلى تغيير سياستها القديمة فيما يتعلق بنقل السلاح إلى دول ليست ضمن تحالفاتها، ليبقى السؤال قائما حول قدرة هذه الإمدادات العسكرية على تغيير الوضع الميداني، وصدّ الهجوم الروسي.
وكان وضع الجيش الأوكراني قبل عام 2014 "كارثيا" حيث كان يمتلك أسلحة سوفياتية يعود أحدثها إلى العام 1988.
ومع إطلاق روسيا عملية عسكرية أواخر فبراير، زوّد الحلفاء الغربيون حتى الآن الجيش الأوكراني عبر حدود بولندا ورومانيا بحوالي 17 ألف صاروخ خفيف يمكن إطلاقه من على الكتف وذاتي التوجيه، من نوع "جافلين" أميركية الصنع.
كذلك أرسلت واشنطن قوات "فرق الإرسال الإلكتروني" من قواعد بأوروبا الشرقية، للتدخل في الهجمات والاتصالات الرقمية الروسية، وفقا لوكالة "الأسوشيتد برس".
وكشف البيت الأبيض، يوم الأربعاء، حجم المساعدات الأميركية، وتشمل 20 مليون طلقة وقذيفة، و100 نظام جوي تكتيكي دون طيار، و2000 صاروخ "جافلين" مضاد للدبابات، و800 نظام "ستينغر" مضاد للطائرات.
كما أعلن تزويد كييف بصواريخ دفاعية بعيدة المدى و100 طائرة بدون طيار من طراز "سويتشبليد"، ما يمكّن قوات كييف من مواجهة الطائرات والمدرعات الروسية بشكل أفضل من مسافة بعيدة.
وشملت قائمة السلاح الأميركي لأوكرانيا أيضا، دفاعات صاروخية بعيدة المدى من طراز "إس-300 السوفياتية، وهي آلية بالكامل على غرار منظومة باتريوت الأميركية، فضلا عن 800 صاروخ إضافي من طراز "ستينغر" مضادة للطائرات محمولة على الكتف تستخدم الأشعة فوق البنفسجية.
وتشمل شحنة الأسلحة الأميركية الجديدة أيضا 7 آلاف سلاح إضافي مضاد للدروع، وآلاف الأسلحة الرشاشة والبنادق وقاذفات القنابل، و20 مليون قطعة ذخيرة للأسلحة الصغيرة تتناسب مع المعايير الروسية ومعايير حلف شمال الأطلسي، فضلا عن 25 ألف طقم من الدروع الواقية والخوذات.
وتتلقى أوكرانيا أيضا مساعدة في عمليات الضغط والعلاقات العامة والمساعدة القانونية مجانا.
وتقول لورا كوبر، كبيرة مسؤولي السياسة الروسية في البنتاغون: "لقد تأثرنا جميعا بشكل كبير بمدى فعالية القوات المسلحة الأوكرانية في استخدام المعدات التي قدمناها لهم. لقد فوجئ مراقبو الكرملين بهذا أيضا".
وأضافت: "رأينا كيف أبطأوا التقدم الروسي وكان أداؤهم جيدا للغاية في ساحة المعركة، وحتى العناصر التي انضمت للجيش الأوكراني في الأيام الأولى للحرب"، حسبما نقلت صحيفة" نيويورك تايمز" الأميركية.
المساعدات العسكرية الأوروبية
وفيما يخص المساعدات الأوروبية لأوكرانيا، فقد قررت بريطانيا، يوم الخميس، إرسال 6 آلاف صاروخ إضافي لأوكرانيا، ما يمثل زيادة بنسبة الضعف في الأسلحة الفتاكة الدفاعية البريطانية لكييف.
وسبق أن أرسلت المملكة المتحدة 3615 من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات متوسطة المدى بريطانية وسويدية الصنع NLAW.
وإلى جانب ذلك، أرسلت لندن متخصصين بريطانيين للتدريب، وتعتزم إرسال أسلحة أخرى مضادة للدبابات طراز "جافلين" وكذلك صواريخ أرض- جو من طراز "ستارستريك".
وعشية قمتي حلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن لندن ستقدم بالإضافة إلى الصواريخ مساعدة للجيش الأوكراني بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني (30 مليون يورو).
وتعتزم ألمانيا أيضا إرسال 2000 صاروخ إضافي مضاد للدبابات، بعد أن أرسلت 1000 صاروخ مضاد للدبابات و500 صاروخ أرض-جو من طراز "ستينغر"، كما قدمت نحو 500 صاروخ أرض-جو من طراز "ستريلا" من أصل 2700 تعهدت بها، بالإضافة إلى 9 مدافع "هاوتزر" و14 آلية مدرعة.
من جانبها، أعلنت السويد، يوم الأربعاء، عزمها إرسال 5 آلاف قطعة سلاح إضافية مضادة للدروع، ومعدات لإزالة الألغام، بحيث سيصل إجمالي تكاليف حزمة الدعم العسكري المقدمة منها إلى حوالي 20 مليون يورو.
وبدورها اقترحت بولندا السماح بنقل جميع طائرات المقاتلة من طراز MiG-29، وهو نوع مألوف للطيارين الأوكرانيين، عبر قاعدة أميركية في ألمانيا، لكن واشنطن عرقلت الخطة، وأرسلت مروحيات أخرى من الحقبة السوفياتية إلى كييف في شكل خمس مروحيات هليكوبتر من طراز Mi-17.
وبالنسبة لفرنسا، فقد زودت أوكرانيا بمبالغ مالية تصل قيمتها إلى 300 مليون يورو، كمساعدات ومواد دفاعية ووقود.
ووافقت كندا على إرسال أسلحة ومعدات وذخائر بقيمة 7.8 مليون دولار كندي، ومنح كييف قروضا بقيمة 500 مليون دولار كندي.
وعن أهمية المساعدات العسكرية الغربية لكييف، قال الجنرال دومينيك ترانكاند، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن الأسلحة التي تم تقديمها إلى أوكرانيا كانت مهمة جدا لتسليح جيشها.
وبيّن ترانكاند أن "استمرار المعارك لفترات طويلة يستنزف الجيش الروسي، وهذا النهج سيؤثر على الداخل في روسيا".
المخصصات المالية لأوكرانيا
وبالإضافة إلى الدعم العسكري، تواصل الدعم المالي لكييف، حيث أقرّ مجلس النواب الأميركي تمويل أوكرانيا بقيمة 14 مليار دولار، لكنها لا تزال بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ.
ووافق صندوق النقد الدولي على تمويل طارئ لأوكرانيا بقيمة 1.4 مليار دولار بموجب أداة التمويل السريع للصندوق.
وفيما رصد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، حزمة مساعدات بأكثر من ملياري يورو للمتضررين من الحرب، أعلن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، مضاعفة المساعدات العسكرية لأوكرانيا إلى مليار يورو.
وبهذا المبلغ يتضاعف المبلغ الإجمالي للمساعدات العسكرية الذي يقدمه التكتل لأوكرانيا إلى مليار يورو، بعد حزمة سابقة بلغت 500 مليون يورو، تم الإعلان عنها في فبراير الماضي.
أوكرانيا غير راضية
ورغم حجم المساعدات العسكرية الغربية والمخصصات المالية لأوكرانيا، لكن رئيسها فولوديمير زيلينسكي يبدو غير راض على ذلك، حيث واصل خطاباته التي يلوم فيها الغرب.
فمن مقولته في 27 فبراير الماضي، إن بلاده "تُركت وحدها" و"الجميع خائفون"، يطلب لقاء نظيره الروسي لحل الأزمة سلميا.
ورغم طلب الرئيس الأوكراني من الغرب بفرض حظر الطيران على بلاده، فلا يزال ذلك المعسكر يخشى الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع موسكو.
ودعا زيلينسكي، يوم الخميس، إلى خروج مظاهرات في جميع أنحاء العالم "لدعم الحرية والحياة"، قائلا: "روسيا بدأت الحرب ضد الحرية، وتحاول هزيمة حرية جميع الأشخاص في أوروبا، وجميع شعوب العالم".
وسبق ذلك تصريح للرئيس الأوكراني، مساء الاثنين، قال فيه إنه مستعد لمناقشة التزام بلاده بعدم السعي لنيل عضوية حلف شمال الأطلسي مقابل وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الروسية، وضمان أمن أوكرانيا.
وكرر دعوته لإجراء محادثات مباشرة مع بوتن، قائلا: "ما لم ألتق بوتن، فمن المستحيل أن نعرف ما إذا كانت روسيا تريد وقف الحرب".
وتعليقا على إمكانية إحداث المساعدات العسكرية الأوكرانية لتغيير على الأرض، قال الخبير في الشأن الروسي نبيل رشوان، إن "الحرب الحالية دخلت في مرحلة من الاستنزاف ويبدو أنها ستطول بعض الشي رغم الجهود الدولية المكثفة التي تبذل حاليا لوقف هذه الحرب سواء من تركيا أو إسرائيل وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول".
وأوضح رشوان في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن " الرئيس الروسي يريد تحقيق انتصار حاسم يدخل به التاريخ على حساب أوكرانيا، والغرب لا يستطيع غير تقديم المساعدات العسكرية والمخصصات المالية لكييف".
واختتم قائلا: "لو كانت تلك المساعدات ذات جدوى أو ستساهم في نصر أوكراني، لما رأينا الرئيس يتوسل بطريقه مهينة لمقابله بوتن، وهو ليس بيده مفاتيح المفاوضات أو أوراق اللعب".