أخفقت أربع جولات من المفاوضات بين موسكو وكييف، إضافة إلى لقاء بارز بين وزيري خارجية روسيا وأكرانيا ووساطات مختلفة، في حلحلة الأزمة وإنهاء الحرب التي بدأت قبل 20 يوما وانعكست تداعياتها على العالم أجمع.
والتقى الجانبان افتراضيا، الاثنين، في جولة رابعة من المفاوضات وصفها رئيس الوفد المفاوض عن كييف، مساعد الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك بأنها "صعبة"، مشيرا إلى أن الطرفين استعرضا "مواقفهما المحددة".
وصرح المفاوض الأوكراني "سبب خلافاتنا هو أن لدينا نظامين سياسيين مختلفين جدًا، موسكو تمارس قمعًا مطلقا"، قبل أن يعلن توقف المفاوضات بسبب مشكلة تقنية.
والخميس الماضي، التقى وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، في تركيا قبل أن يعلن انتهاء المحادثات "دون أي تقدم على صعيد وقف إطلاق النار".
لماذا تعثرت المفاوضات؟
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل السياسي النمساوي، جوستاف سي جريسيل "لا نقلل من القدرات الروسية، موسكو تحرز تقدما على الأرض ويحاولون خلق وضع يضع الأوكرانيين في موقف صعب خلال المباحثات".
وأضاف سي جريسيل، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، "لست متأكدا مما إذا كان الروس يفكرون في غزو كامل لأوكرانيا أم لا، لكنهم يحاولون السيطرة على جزء كبير على الأرض".
وأشار إلى أنه "في غياب أي مساعدات عسكرية غربية لأوكرانيا تحسم الوضع على الأرض، سيبقى الوضع كما هو عليه لصالح الروس وسيفرضون شروطهم".
بدوره، قال المحلل السياسي الإيطالي بموقع "ديكود 39"، ماسيميليانو بوكوليني، إن السبب الرئيسي وراء فشل كافة الجولات هو تمترس كل طرف وراء موقفه، فكلا الجانبين ينتظران معرفة ما إذا كان هناك أي تقدم على الأرض قبل منح تنازلات.
وأضاف بوكوليني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الخطوة الإيجابية تتم اليوم بمفاوضات بين أميركا والصين في روما، فالأخيرة هي مفتاح حل الأزمة، واشنطن تبحث عن تحييد بكين أو على الأقل تفعيل دورها في الوساطة، فهناك عقوبات قاسية على موسكو وإذا توقف دعم الصين لن يتقدم الجيش الروس بسرعة، لابد من ضغط لتراجع موسكو وإنهاء الحرب".
وأوضح أن "هناك عقبات كثيرة وراء فشل كافة جولات المفاوضات، أبرزها محاولة أميركا إدخال روسيا في حرب الحسابات بأوكرانيا لكي تستخدم كل إمكانياتها العسكرية، وفي المقابل دعم المقاومة الأوكرانية ومن ثم إطالة أمد الحرب وجعلها مستنقعا تقع فيه موسكو".
ولفت إلى أنه "قد يتغير موقف روسيا مع اتخاذ أوروبا خطوات حقيقية للبحث عن بدائل في مجال الطاقة الذي يدر المال على روسيا، ومؤخرا أعلنت إيطاليا أنه بعد شهرين ستخفض استيرادها من موسكو بنسبة 50 في المئة بعد توفير بدائل في آسيا وإفريقيا".
تحذيرات أميركية
ويجتمع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في روما، الاثنين، مع يانغ جيه تشي، أكبر دبلوماسي صيني، لبحث موقف بكين من الأزمة في أوكرانيا والتأكيد على العقوبات الاقتصادية التي ستواجهها بكين إذا ساعدت روسيا في حربها بأوكرانيا.
وكشف مسؤول أميركي أن سوليفان سيحذر من العزلة التي قد تواجهها الصين على الصعيد العالمي إذا استمرت في دعم روسيا.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، سعى مسؤولون من الولايات المتحدة ودول أخرى إلى التوضيح للصين بأن وقوفها مع روسيا قد تكون له عواقب على التدفق التجاري وتطوير تكنولوجيات جديدة وقد يعرضها لعقوبات ثانوية.
وقالت وزيرة التجارة الأميركية، جينا ريموندو، الأسبوع الماضي، إن الشركات الصينية التي تتحدى القيود الأميركية على الصادرات لروسيا قد تحرم من المعدات والبرمجيات الأميركية التي تحتاج إليها لصنع منتجاتها.
من جانبه، قال آميد شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج" (مقره واشنطن)، إن "روسيا إذا كانت تريد حقًا وقف إطلاق النار وحل المشاكل مع أوكرانيا، فعليها أن تبدأ المفاوضات من خلال وقف غزو أوكرانيا".
وأضاف شكري في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "يبدو أن السبب الرئيسي لفشل المفاوضات هو أن الخطة الرئيسية لروسيا لإضعاف الحكومة الأوكرانية يجب أن تتم حتى تكون كييف مستعدة حقًا لتقديم تنازلات".
وأشار إلى أن "بوتن خطط لغزو أوكرانيا قبل بضع سنوات، كما أنه فضل المصالح الاستراتيجية طويلة المدى لروسيا على المصالح الاقتصادية. كان بالتأكيد على علم بالعقوبات الغربية ضد روسيا".
ولفت إلى أن "المحادثات رفيعة المستوى بين روسيا وأوكرانيا انتهت دون وقف لإطلاق النار، مع استمرار العنف في جميع أنحاء البلاد وكذلك المحادثات بين وزيري خارجية البلدين لم تشهد أي تقدما".