الحرب في أوكرانيا ليست بالأسلحة النارية فقط، فهناك حرب أخرى تدور رحاها بين موسكو وكييف والسلاح فيها هو الكلمات، تعرف بالحرب النفسية.
ولا تدخر الحرب النفسية أي سلاح إعلامي في مواجهة العدو، فهي تسخر الأخبار والشائعات والسخرية وحتى الأكاذيب من أجل تحطيم معنوياته ورفع معنويات الجنود والسكان.
لكن خبراء الحرب النفسية يحذرون من الاعتماد على الأكاذيب المباشرة، تطبيقا للمثل القائل "الكذب حبله قصير"، ذلك أن اكتشاف هذه الأكاذيب يؤدي إلى نتائج مدمرة خاصة على معنويات الجنود والشعب.
"أهلا بكم إلى الجحيم"
وقبل اندلاع الحرب، كانت الدعاية الأوكرانية تركز على تحذير الروس من خوض الحرب وتوعدهم بخسائر هائلة.
وفي هذا السياق، وجه ئيس الأركان الأوكراني الفريق، فاليري زالوجني، رسالة قبل 11 يوما من اندلاع القتال، إلى القوات الروسية المنتشرة على حدود بلاده.
وقال زالوجني، "أهلا بكم إلى الجحيم".
وأضاف أن 420 ألف جندي أوكراني، بما فيهم القادة، مستعدون للموت".
وأضاف: "لقد أنشأنا تشكيلات قتالية، وتمكنا من نشر قوات الدفاع الإقليمية في وقت قصير وتسليحها بصواريخ موجة مضادة للدبابات ونظام الدفاع الجوي المحمول".
وتابع: "لقد عززنا الدفاع عن كييف".
"سلاح الدعاية"
وخلال الحرب، كانت أرقام الخسائر أحد أبرز أدوات الحرب الأوكرانية ضد الروس. وقالت في إحصاءات أولية إنها تمكنت من قتل 3500 جندي روسي، فضلا عن تدمير نحو 100 دبابة و500 عربة مدرع،
و14 طائرة حربية و8 مروحيات.
والأربعاء، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن قواته تمكنت من قتل 6 آلاف جندي روسي ، منذ بدء الحرب، أي ما يعادل تقريبا 1000 جندي يوميا.
في المقابل، أكدت روسيا أنها تكبدت خسائر في الحرب المستعرة، لكنها أشارت إلى أنها "أقل بكثير من خسائر العدو".
ولم تحدد وزارة الدفاع الروسية حجم الخسائر التي منيت بها.
واكتفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، بالقول: " للأسف هناك قتلى وجرحى من رفاقنا".
ووزارة الدفاع في روسيا هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إعلان قتلى الجيش، وأي جهة أخرى تنشر هذه المعلومات تواجه ملاحقة قانونية.
ويصعب حتى الآن التأكد من الخسائر الحقيقية التي مني بها كل طرف.
دلائل وتساؤلات
وتثير دلائل على الأرض الكثير من التساؤلات بشأن تصريحات المسؤولين الأوكرانيين، فإذا كانت هناك خسائر فادحة في صفوف القوات الروسية، فكيف تمكنت من الاقتراب من كييف.
وأظهرت العديد من الفيديوهات تحليق المروحيات الروسية على ارتفاع منخفض للغاية فوق بعض المناطق الأوكرانية، ما يثير تساؤلات بشأن الشجاعة التي تدفع الروس إلى هذه المغامرة دون الخوف من إسقاط طائراتهم بصواريخ المحمولة على الكتف.
لكن أكثر ما يثير الريبة هو الموكب الروسي الضخم الذي يستمرعلى طول 64 كيلومترا شمالي العاصمة الأوكرانية كييف، وهي مسافة أطول بكثير من 27 كيلومترا تم الإعلان عنها في وقت سابق من يوم الاثنين.
وبحسب صور "ماكسار تكنولوجيز"، فإن عمليات نشر إضافية لقوات برية ووحدات طائرات هليكوبتر هجومية برية شوهدت أيضا في جنوب روسيا البيضاء، على بعد أقل من 32 كيلومترا من الحدود الأوكرانية الشمالية.
ويثيير الأمر هذا تساؤلات بشأن الأريحية التي تتحرك بها القوات الروسية، دون خوف من هجمات بصواريخ "صائد البابات" أو الطائرات المسيرة من طراز "بيرقدار" أو هجمات مباغتة.
وسلطت مجلة "فوربس" الأميركية الضوء على الفريق الدعائي الأوكراني الذي يخوض الحرب الإعلامية، ويتكون في جانب منه من مديرين تنفيذيين في تقنية الإعلانات وجيش من "الهاكرز".
وقال الخبير الروسي في الحرب السيبرانية، دميتري ألبيروفيتش للمجلة الأميركية بأنه على الرغم من أن موسكو تخسر في حرب المعلومات، فإن دعاية كييف تضمنت مبالغات وأكاذيب.
وقال إن العديد من مزاعمها "مشكوك فيها أو ثبت أنها كاذبة".
وأضاف: على سبيل المثال ثبت عدم صحة ادعاء بأن بورصة موسكو، التي كانت غير متصلة بالإنترنت الاثنين، كانت لا تزال معطلة بفضل هجوم إلكتروني شنه جيش سيبراني أوكراني.