بدأ المستشار الألماني، أولاف شولتز، زيارة إلى كييف تتلوها أخرى إلى موسكو في مساعٍ دبلوماسيّة غربية جديدة لخفض التوتر، في ظلّ التوترات المتزايدة على الحدود بين روسيا وأكرانيا وضمن محاولات برلين العودة للصف الأوروبي بعد اتهامات لها بالتساهل حيال روسيا.
وتتصاعَد المخاوف في ظلّ وجود 130 ألف جندي روسي متمركزين على طول الحدود الأوكرانيّة وينفّذون تدريبات عسكريّة واسعة، في وقت لم يتمّ التوصّل حتّى الآن إلى تخفيف حدّة التوتّر بالسبل الدبلوماسيّة.
وتقول الولايات المتحدة إنّ الروس قد يهاجمون أوكرانيا "في أيّ وقت" بعد فشل الجهود الدبلوماسية الأخيرة، وهو وضع "حرج" سيُحاول المستشار الألماني، أولاف شولتز، نزع فتيله الإثنين في كييف والثلاثاء في موسكو في أول اختبار له بعد خلافة أنجيلا ميركل.
مُهمّة حرجة
المحلل السياسي الإيطالي، دانييلي روفينيتي، قال إن زيارة شولتز إلى أوكرانيا للدعم أما موسكو فهي للتفاوض، فالمستشار الجديد في حاجة لبناء مكانة وقيادة لنفسه وليست هناك فرصة أفضل من إقامة حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وتجنيب أوروبا ويلات الحرب "هي بالتأكيد بداية جيدة".
وأضاف روفينيتي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية": "شولتز يعلم أنّ هناك حاجة إلى إبقاء الحوار مع موسكو مفتوحًا، لأن أوروبا لا يمكن أن تفقد الاتصال بروسيا (والولايات المتحدة لا تريد ذلك أيضًا)".
وأشار إلى أنّه "من ناحية أخرى، بالنسبة إلى بروكسل وواشنطن، ليس من الممكن قبول القوة، وليس من الممكن قبول العدوانية كشكلٍ مِن أشكال النفوذ الجيوسياسي، وبالتالي يصبح من الضّروري الردّ بموقف حاسم أي العقوبات، على وجه التحديد".
وحول تغيّر موقف ألمانيا، قال المحلل السياسي: "نحن نعلم جيدًا أن ألمانيا كانت دائمًا، تاريخيًّا، أكثر انفتاحًا على الحوار مع روسيا، حتى في السنوات الأخيرة. ثم هناك حاليًّا قضية نورد ستريم 2، وهي تغلغل جيوسياسي وجيو-اقتصادي لروسيا في أوروبا، وكذلك الاتحاد الأوروبي، ونرى مدى أهمية قضية الطاقة في الوقت الحالي".
وعن إمكانية الغزو من عدمه، أكد على أنه "من الصعب حقًا تحديد ما سيفعله الرئيس بوتن. ومع ذلك، فإننا نشهد تحركات دبلوماسية مهمّة يبدو أنها تعمل على نزع فتيل الموقف. في الواقع، قد لا يكون الهجوم المباشر في أوكرانيا في مصلحة موسكو، وربما تفكّر روسيا في حملة استنزاف هجينة لإحداث زعزعة الاستقرار في كييف. يعرف بوتن أنه قبل إعادة ضم أوكرانيا إلى مجال نفوذه، يجب أن يفك ارتباطها (وتطلعاتها) مع الغرب".
الدبلوماسية أو العقوبات
وخلال زيارته للعاصمة الأوكرانية كييف، دعا شولتز روسيا إلى "اغتنام عروض الحوار" الهادفة إلى وقف تصعيد الأزمة الأوكرانية.
وقال شولتز، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "النشاطات العسكرية لروسيا على الحدود الأوكرانية غير مفهومة. لا توجد أسباب معقولة لهذا الانتشار العسكري، ونطلب من روسيا اغتنام عروض الحوار المطروحة".
وأضاف المستشار الألماني: "نسعى إلى مساعدة أوكرانيا على تجاوز الوضع الصعب"، لافتًا إلى أنه تم تخصيص 150 مليون يورو إضافية لدعم أوكرانيا.
تهديدات ومساعٍ
ومؤخّرًا، شدّدت ألمانيا لهجتها حيال روسيا حيث قال فرانك-فالتر شتاينماير بعد إعادة انتخابه رئيسًا لألمانيا "نحن وسط خطر اندلاع صراع عسكري، حرب في أوروبا الشرقيّة، وروسيا تتحمّل مسؤوليّة ذلك".
كما حذّر المستشار الألماني بدوره من أنّ الغرب سيفرض عقوبات "فورًا" على روسيا إذا اجتاحت أوكرانيا، وأقرّ مسؤولون في الحكومة الألمانيّة بأنّ قلق برلين ازداد حيال احتمال حصول اجتياح وأنّ الوضع بات حرجًا.
وأكّد المستشار الألماني لمجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي أنّ مشروع خطّ الأنابيب "لن يمضي قدمًا" إذا اجتاحت روسيا أوكرانيا.
توازًيا مع ذلك، يعتزم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، زيارة أوروبا مجددًا هذا الأسبوع لمواصلة جهوده الدبلوماسية لتهدئة الأزمة المتعلقة بالملف الأوكراني.
ويريد جونسون التحدّث خصوصًا إلى قادة بلدان شمال أوروبا ودول البلطيق، بعد لقائه الأسبوع الماضي الأمين العام لحلف شمال الأطلسي وقادة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا وبولندا ورومانيا وليتوانيا وهولندا والاتحاد الأوروبي.
وقال متحدّث باسم داونينغ ستريت في بيان، إنّ "الأزمة على الحدود الأوكرانيّة وصلت إلى نقطة حرجة. كلّ المعلومات التي في حوزتنا تشير إلى أنّ روسيا يمكن أن تخطّط لغزو أوكرانيا في أيّ وقت. ستكون لهذا عواقب كارثيّة على أوكرانيا وروسيا".
وأضاف: "لا تزال هناك فرصة لخفض التصعيد والدبلوماسيّة، وسيواصل رئيس الوزراء العمل بلا كللٍ إلى جانب حلفائنا لجعل روسيا تبتعد عن حافة الهاوية".