في إطار تبادل حالة التوتر بين روسيا والولايات المتحدة المتصاعدة حول أوكرانيا، كشف خبراء روس، يوم الثلاثاء، عن إرسال موسكو غواصات نووية روسية عبر المحيط الأطلسي إلى الساحل الأميركي، مزودة بالنظام الصاروخي الروسي الجديد "تسيركون فرط الصوتي".
ورداً على ذلك، طالبت مجموعة من أعضاء الكونغرس الرئيس الأميركي بإرسال غواصات أميركية إلى البحر الأبيض المتوسط، وإلى الشرق الأقصى، وإلى سواحل روسيا والمحيط الشمالي، بحسب موقع "روسيا اليوم".
الوحش الروسي
وصاروخ "تسيركون" الروسي فرط الصوتي قادر على التحليق بسرعة 9 ماخ (وحدة قياس سرعة الصوت) ما يعادل نحو 7000 ميل في الساعة أي نحو 10000 كلم/ ساعة.
ويعني ذلك أنه من المستحيل اعتراضه في أي حال من الأحوال، كما أن مدى عمل "تسيركون" الروسي بلغ 620 ميلاً، أي 1000 كيلومتر.
وفي حال استخدامه من غواصة أو سفينة حربية يمكن أن يصل مداه الولايات المتحدة وبلدان حلف الناتو.
أما بطاريات "تسيركون" الساحلية فإنها قادرة على فتح مظلة قوية فوق القرم ومنطقة البلطيق بالتعاون مع صواريخ "أرض - جو" من طراز "إس - 300" و"إس - 400".
ومؤخراً أطلقت الفرقاطة الروسية "الأميرال غورشكوف" بنجاح، صاروخاً من تسيركون، وذلك على هدف أرضي، على ساحل بحر بارنتس، شمال شرقي النرويج والجزء الأوروبي من روسيا.
وتمكّن من إصابة الهدف مباشرة، وذلك عبر مسافة تفوق 350 كم، طبقاً لبيان صادر حينها عن وزارة الدفاع الروسية.
وحينها وصفت تقارير عسكرية الصاروخ الروسي الجديد، بـ"الوحش"؛ نظراً لقدراته الهائلة على المناورة، وكونه صاروخاً مجنحاً قادراً على الوصول إلى سرعات لا تمتلكها باقي صواريخ منظومات الدفاع الجوي حول العالم.
بوتن يهدد
وفي 24 ديسمبر الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، نجاح اختبارات هذا الصاروخ الواعد.
وحينها هدد بوتن، حال نشر أميركا أسلحة نووية متوسطة المدى في أوروبا، بنشر "صواريخ أسرع من الصوت" على سفن وغواصات روسية.
كما حذر بوتن الولايات المتحدة من رد فعل عسكري روسي، إزاء الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، قائلاً: "لا توجد أسلحة فرط صوتية لدى الولايات المتحدة حتى الآن، لكننا نعرف متى سيمتلكونها، هذا أمر لا يمكن إخفاؤه، ويوماً ما سيسلّمونها إلى أوكرانيا".
ومن جانبه، قال الخبير العسكري الروسي قسطنطين سيفكوف: إن السرعة القصوى لأول صاروخ فرط صوتي في العالم تسيركون بلغت نحو 9 ماخ، بحسب وكالة "سبوتينك" الروسية.
ونوّه بأن ميزة السلاح فرط الصوتي الروسي، لا تكمن في القدرة على الطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت مرات عديدة، بل في أنه يستطيع المناورة والتملص من أنظمة الدفاع الصاروخي الموجودة حالياً.
مناورات بكل الأساطيل
وفي 20 يناير الماضي، أعلن الجيش الروسي أن الأساطيل التابعة له ستنخرط في مناورات حربية واسعة النطاق خلال يناير وفبراير الجاري، في وقت تتصاعد فيه حدة الأزمة مع أوكرانيا.
وذكرت البحرية الروسية أن المناورات ستشمل نحو 140 سفينة حربية و60 طائرة مقاتلة إلى جانب أكثر من 10 آلاف عسكري.
وتقول موسكو: إن الغاية الرئيسة من هذه المناورات هي تحسين قدرات القوات البحرية والجوية على حماية المصالح الروسية في المحيط العالمي.
وأضافت أن مهمة المناورات الثانية هي "مواجهة التهديدات العسكرية التي تحدق بروسيا في البحر والمحيط".
وهنا يشير الباحث في أكاديمية العلوم الروسية مكسيم أليشين، إلى أن المناورات الحالية للغواصات النووية الروسية ذات طبيعة استعراضية.
ويقول: "هذا الصاروخ لم يدخل الخدمة بعدُ، لكنها مسألة عام أو عامين".
ويضيف: "هي رسالة للأميركيين بأن الغواصات المسلحة بصواريخ تسيركون يمكن أن توجد بانتظام قبالة سواحل الولايات المتحدة في وقت قريب".
وقال أليشين إن "خصائص "تسيركون" تحول دون إسقاطه من منظومات الدفاع الجوي، فهذا صاروخ مضاد للسفن، لكن يمكنه استهداف مواقع أرضية، ولا شيء يمنع من تزويده برأس نووي".
ويضيف: "غواصة مسلحة بتسيركون، تسير بالقرب من نيويورك كابوس للولايات المتحدة، ومن حيث المبدأ، يمكن للغواصات النووية الروسية أن توجد هناك بشكل دائم، وأن تتناوب الإبحار هناك".
وبحسب أليشين، فإن روسيا لا تهدد بهذه الطريقة، إنما تدعو الولايات المتحدة إلى "مناقشة تفصيلية لقضايا مناطق النفوذ"، وأن "هذا استمرار للنقاش حول الخطوط الحمراء".
وأردف: "لكن من تحت الماء فهناك رسائل روسية تقول: إذا صارت أوكرانيا عضواً في الناتو، فإن غواصاتنا النووية ستكون دائماً قرب شواطئكم، فكروا في الأمر".
وتنفي روسيا التخطيط لهجوم، وتطالب بتعهدات بأن أوكرانيا لن تنضم أبداً لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ووقف نشر أسلحة الناتو قرب الحدود الروسية، وسحب قوات الحلف من أوروبا الشرقية.
ويصف الناتو والولايات المتحدة هذه المطالب بأنها غير واقعية.
واستباقاً للاتصال المرتقب بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة، أكدت موسكو، يوم الثلاثاء، أنها لن تتراجع في مواجهة التهديدات بفرض عقوبات أميركية عليها.
ومنذ نهاية العام الماضي تتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون روسيا بحشد ما يصل إلى 100 ألف جندي على حدودها الغربية (مع أوكرانيا) تمهيداً لغزوها.
ولطالما حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتن من ردّ واسع ومنسّق من العقوبات الغربية في حال غزو روسي لأوكرانيا.