اعتمد البرلمان الفرنسي، بعد أسبوعين من النقاش الحاد، مساء الأحد، تمرير مشروع القانون المثير للجدل الخاص باعتماد جواز اللقاح الخاص بفيروس كورونا.
وتسعى الحكومة الفرنسية لأن يدخل القانون حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن، لكن البرلمانيين الاشتراكيين يرفضون بعض بنوده، ويلوّحون باللجوء إلى المجلس الدستوري لضمان احترام "الحريات الأساسية".
وسيتعين على الفرنسيين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما في الأيام المقبلة، إثبات حصولهم على جدول تطعيم كامل من فيروس كورونا.
واعتبارا من 15 فبراير، سيتوجب على الفرنسيين أخذ جرعة معززة بعد أربعة أشهر من الجرعة الثانية، وذلك حتى يظل الجواز ساريا.
وفي حالات معينة يتم تحديدها بموجب مرسوم وباسم "مصلحة الصحة العامة"، قد يلزم تقديم إثبات حالة التطعيم واختبار سلبي معا.
ووفقا للنائب عن حزب "أون مارش" الذي ينتمي إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، برونو بونيل، فإن تصريح التطعيم سيكون إلزاميا للوصول إلى الأماكن التي تم طلب الجواز الصحي فيها سابقا، مثل العديد من المؤسسات المفتوحة في أمام الجمهور (المطاعم والحانات والمعارض والندوات) وركوب سائل النقل العام كالقطارات والطائرات والحافلات.
وأضاف بونيل في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "في حالة غير الملقحين الراغبين بالسفر بوسائل النقل المشتركة، فإن القانون ينص على أنه يجب تبرير وجود سبب عائلي أو صحي مقنع، بالإضافة إلى اختبار كوفيد سلبي".
وسيظل الجواز الصحي ساريا لمن هم فوق سن 12 عاما من أجل الوصول إلى المؤسسات الصحية والخدمات الطبية والاجتماعية، سواء للمرضى أو مرافقيهم.
وفي حالة الطوارئ، لن تكون هناك حاجة إلى تصريح للوصول إلى هذه المؤسسات.
كما سيظل القاصرون الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما خاضعين للالتزام بتقديم بطاقة الصحة الحالية فقط، لذا سيكون بمقدورهم الذهاب إلى المطاعم أو السينما من خلال تقديم النتيجة السلبية لاختبار فحص بسيط.
أما في حالة الموظفين في القطاعات الخاضعة للجواز الصحي، فعليهم بحسب بونيل الحصول على تصريح التطعيم لمواصلة العمل، لا سيما أولئك الذين يعملون في دور السينما، والصالات الرياضية، والمعاهد الموسيقية، وكذلك المطاعم والمقاهي.
ويوضح بونيل: "مع ذلك، فإن إثبات الالتزام بنظام التطعيم قد يكون كافيا لمواصلة العمل في هذه القطاعات، وقت تلقي الجرعات المطلوبة".
حرب ضد الاحتيال
وشدد البرلمانيون العقوبات مقارنة بالقواعد المعمول بها حاليا، فيما يتعلق بحيازة وتقديم بطاقة صحية مزيفة (سواء كانت مزورة أو مستعارة من طرف ثان) وبالتالي، فإنه سيتم المعاقبة على استعارة الجواز بغرامة ثابتة قدرها ألف يورو، مقابل 135 يورو حاليا.
وسيتم تطبيق عقوبة السجن لحيازة عدة تصاريح مزيفة لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة قدرها 75 ألف يورو.
ومن بين بنود القانون كذلك، تخفيض الغرامة المفروضة على الشركات التي ترفض العمل عن بعد عندما يكون ذلك ممكنا، من ألف إلى 500 يورو لكل موظف معني، في حدود 50 ألف يورو لكل غرامة.
التحقق من صحة الجواز
وسيتمكن مدراء الأماكن والأنشطة الخاضعة للجواز الصحي، إلى جانب الشرطة، من إجراء فحص الهوية بالإضافة إلى التحقق من بطاقة التطعيم، وهو يؤكده بونيل الذي قال: "عندما تكون هناك أسباب جدية للاعتقاد بأن المستند المقدم لا يتعلق بالشخص الذي يعرضه، فقد يطلب مستند رسمي يتضمن صورته وليس بالضرورة أوراق الهوية".
وقد تعرضت عمليات التحقق من الهوية هذه لانتقادات واسعة من قبل برلمانيي المعارضة والمهنيين في القطاعات المعنية، باعتبارها مسا بالحريات الأساسية، لذلك قرروا اللجوء إلى المجلس الدستوري.
وفي هذا الشأن، تقول الحقوقية والمستشارة القانونية، لييزيل ترانزنر، في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "هذا التحقق من الهوية قد يتسبب في انجراف من شأنه أن يميز بعض الأشخاص الذين سيتم فحصهم أكثر من غيرهم، مثل الفحص بالوجه. ومع ذلك، أود الإشارة إلى أن ما نلاحظه هو أن العديد من أصحاب المطاعم يشعرون بالحرج للتحقق من تصاريح زبائنهم، لكنهم يفعلون ذلك لتجنب دفع غرامات باهظة".
وقد عبّرت الأحزاب اليسارية عن أسفها لما يتضمنه النص النهائي من تجاوزات، ما اضطرها لجمع توقيع 60 نائبا، للمضي قدما في هذا الإجراء الذي بموجبه سيتأجل إصدار القانون لبضعة أيام.
إلا أن المستشارة القانونية ترانزنر لا تتفاءل بهذه الخطوة كثيرا، لأنه بحسب تعبيرها سبق وأن عرضت على المجلس الدستوري في نوفمبر 2021، مسألة الجواز الصحي وإدارة الخروج من الأزمة الصحية، غير أن المجلس اتفق مع البرلمان حتى لو كان ذلك يتعارض مع بعض الحريات الأساسية.
ومن المتوقع أن يصدر قرار المجلس الدستوري يوم الخميس 20 يناير، وإذا تمت المصادقة على القانون، فقد يتم إصداره يوم الجمعة 21 يناير، ويدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي أو بعد يومين.