هل أتى اليوم الذي يخشى أن يسير فيه رجل الدين في إيران، مرتديا ملابس الملالي، في الشارع خوفًا من احتقار الناس له؟ هذه الحالة يتخذها إيرانيون حكوميون ومعارضون مؤشرًا على تزايد السخط الشعبي على حكم "ولاية الفقيه" مع اتساع مساحة الفقر والأزمات.
وفي حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، يحذر آية الله جلال كنجئي، أحد تلاميذ الزعيم الإيراني الراحل الخميني من أن سيطرة الملالي على الحكم الذي بات كثير من الإيرانيين يشكون من سياساته، جعلهم يوجهون غضبهم إلى رجال الحوزات العلمية رغم مكانتهم الدينية.
وكان كنجئي من القريبين من الخميني حتى صعود الأخير لحكم إيران 1979، غير أنه انصرف عنه رفضًا لتجاوزات الخميني وأفكاره التي أفرزت ما يسمى بنظرية "الولي الفقيه"، وحاليًّا هو رئيس لجنة الأديان في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض.
وطرح كنجئي اعترافات من رجال الحوزات بتعرضها لاعتداءات تتكرر منذ احتجاجات 2018.
وضرب مثلًا برجل الدين المتشدد الملا محمد رضا زائري، الذي كتب على حسابه في "إنستغرام" عن حالة التذمر بين الناس: "لقد بُصِقَ عليّ مرة واحدة في الأيام العشرة الماضية، وتعرضت للإهانة الشديدة مرتين أو ثلاث مرات، والآن سائق أجرة أجبرني على السير في منتصف الطريق بوضع سيئ".
وسبق أن قال الملا دري نجف عبادي، خطيب صلاة الجمعة وإمام أراك، عقب احتجاجات 2019: "تعرض منزلنا للهجوم عندما كنت فيه".
وبحسب مدير حوزة "إشتهارد" العلمية بمدينة كرج هندياني، فالاعتداءات على الحوزة تصاعدت بوتيرة سريعة، ومنها محاولات "لكسر الأبواب وإضرام النيران".
نقطة تحول
واعتبر جلال كنجئي أن هذه الأحداث "نقطة تحول مهمة"، مشيرًا لحدوث انقسامات، مستشهدا باحتجاج حسين علي منتظري 1988 على مذبحة السجناء السياسيين؛ فأزاحه الخميني، ثم حدث تصدع داخل النظام من القمة إلى القاعدة.
ويردف: "لكن لا بد من القول إن الانقسام الأهم نشأ بعد انتفاضات 2009، حيث اضطر المرشد علي خامنئي للذهاب إلى مدينة قم عدة مرات خلال أسبوعين لإنهاء الانقسامات التي وصفها بـ"فيروس الفتنة".
ومن داخل نظام الحكم، صرح المرجع الديني موسى شبيري بأن "رجال الدین تراجعت مصداقيتهم الشعبية السابقة".
وبالتزامن مع الاحتجاجات الأخيرة، صرح رئيس جهاز المخابرات السابق، دري نجف آبادي، وحاليًّا هو إمام صلاة الجمعة وممثل خامنئي في مدينة أراك، بمخاوفه من قيام الأهالي بإحراق المدارس والمراكز الثقافية والدينية والحوزات.
واعترف الملا أحمد خاتمي، ضمن مجموعة من مؤيدي خامنئي في ساوه، بأن "البعض يسعى إلى فصل الدين عن السياسة".
الخوف من الملابس الدينية
كما قال الملا محمد تقي فاضل ميبدي، عضو مجلس مدرسي حوزة قم، لجريدة "همدلي" (الممثلة للجناح الإصلاحي) في 4 يناير الحالي: "يلقي الناس باللائمة في الوضع الحالي على الملالي، وللأسف، ينظر الناس إليهم نظرة سيئة".
وأضاف: "كثير من الملالي الذين يريدون الذهاب للسوق، أو الحصول على متجر أو وظيفة، يحاولون عدم ارتداء ملابس دينية لأن الناس يتجاوزون في حقهم"، و"اليوم يظهرون بشكل أقل في الملابس الدينية في التجمعات حتى لا يتم شتمهم".
وتجنبًا لزيادة السخط، حذرت صحيفة "همدلي" الحكومية من "حياة الترف" التي يعيشها الملالي، بينما يعيش أكثر من 60% من الناس تحت خط الفقر، مشيرة إلى تسابق الملالي على الوظائف في الصناعة والنفط والرياضة والترفيه.