مع استمرار الاحتجاجات العنيفة في كازاخستان، تتجول أعين المراقبين بحثًا عن بصمات الجماعات المتطرفة فيها، خاصة بعد تصريحات رئيس البلاد عن وقوف إرهابيين وراء العنف واستيلائهم على كثير من مرافق البنية التحتية.
واندلعت الاحتجاجات في كازاخستان مع مطلع العام الجديد رفضًا لارتفاع أسعار الوقود، إلا أن وجود جيوب لتنظيم الإخوان الإرهابي داخل الدولة، دفع محللين للتحذير من أن تندفع البلاد للسيناريو السوري إن لم يتم السيطرة على الأوضاع سريعًا.
وأعلن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، أن مجلس منظمة معاهدة الأمن الجماعي -المدعومة من روسيا- والذي تترأسه بلاده حاليًّا، استجاب لطلب الرئيس الكازاخي، قاسم جومارت توكاييف، بإرسال قوات حفظ سلام لـ"دحر الإرهابيين المدربين في الخارج"، بتعبير توكاييف.
وسبق أن خاضت كازاخستان مواجهات عسيرة مع جماعات متطرفة، منها نجاح السلطات في تفكيك جماعة مجاهدي آسيا الوسطى القريبة من تنظيم القاعدة الإرهابي عام 2004.
لكن مع اندلاع الحرب في سوريا بعد 2011، غادر أكثر أعضاء الجماعات المتطرفة للقتال هناك، ما أكسبهم قدرات قتالية جديدة، وبحسب أجهزة الأمن الكازاخية فإن 300 كازاخي قاتلوا في تنظيم داعش الإرهابي وغيره في العراق وسوريا.
وفي أكتوبر 2011، وقع في مدينة "أكتوبي" أول هجوم انتحاري في كازخستان، واستهدف مقرات أجهزة الاستخبارات، وفي 2016 استهدفت عملية إرهابية مركزا للشرطة في مدينة ألماتي أوقع 5 قتلى.
وسبق أن أصدرت المحكمة العليا بكازخستان 2006 قائمة للمنظمات المحظورة، أبرزها الحركة الإسلامية في أوزبكستان وحزب التحرير الإسلامي وجماعة مجاهدي آسيا الوسطى والحزب الإسلامي لتركستان الشرقية وجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وحركة طالبان، وفي 2010 حجبت 950 موقعًا إلكترونيًّا بتهمة الترويج للعنف والتطرف.
تأثير أفغانستان
وجاء سيطرة حركة طالبان على أفغانستان المجاورة، أغسطس 2021، تحديًا جديدًا لكازاخستان، حيث يمكن للإرهابين العبور إليها عبر المسالك الجبلية على الحدود.
ويرى الرئيس السابق لمركز برامج مكافحة الإرهاب، الخبير الكازاخستاني إرلان كارين، مؤلف كتاب "جنود الخلافة: أسطورة وواقع"، في لقاء مع مؤسسة "جيمس تاون" الأميركية، أن المسلحين الذين عملوا على الحدود الأفغانية الباكستانية أصبحوا الآن أكثر نشاطًا قرب الحدود الأفغانية الطاجيكية والكازاخستانية، لافتًا إلى العلاقة القائمة بين طالبان والحركة الإسلامية لأوزبكستان.
3 سيناريوهات
وخلصت دراسة بعنوان "الإسلام الراديكالي في كازاخستان: إجراءات وطرق مواجهة الإرهاب" نشرتها جامعة "أوراسيا الوطنية"، أكبر جامعات كازاخستان، 2017، إلى أن هناك 3 سيناريوهات لمسار آسيا الوسطى.
الأول: تدهور تدريجي يتم التحكم فيه نسبيًّا، والثاني: تدهور سريع نتيجة صراعات القوى العظمى على النفوذ هناك، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، والثالث: "انفجار آسيا الوسطى"؛ بسبب وجود مناطق لا تخضع لسيطرة الحكومات.
غير أن المتخصص في الشؤون الآسيوية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد فايز فرحات يتوقع السيطرة على الأزمة الحالية في كازاخستان، مستندًا إلى أن موقف روسيا والصين ودول الجوار "سيكون حاسمًا في عدم انتقال كازاخستان إلى بؤرة فوضى تهدد منطقة وسط آسيا".
كما استدل على ذلك بنجاح كازاخستان في تجاربها السابقة في مواجهة الإرهاب، ما يحميها من الانزلاق للسيناريو السوري.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية تأييدها للحل السلمي للأزمة الكازاخية، ورفضها للشغب.
ومع تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين، بأن ما يجري في كازاخستان "شأن داخلي"، إلا أنه عبّر عن الأمل في استعادة النظام الاجتماعي.