اختلطت برودة الشتاء القارس بأجواء شديدة السخونة أشاعتها حدة التصريحات المتبادلة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتن بعد فشل قمتهما الافتراضية في احتواء الأزمة الراهنة بشأن أوكرانيا.
غير أن خبيرا في الشؤون الأوروبية رجح لموقع "سكاي نيوز عربية" سيناريوهات لحل الأزمة بعيدا عن دقات طبول الحرب رغم التصريحات الملتهبة للرئيسين.
واتسمت تصريحات الجانبين بالحدة عقب اللقاء الذي عقد في أجواء شديدة التوتر، بعد تعزيز روسيا وجودها العسكري على الحدود مع أوكرانيا على مدار الأسابيع الماضية.
وأعلن بايدن أنه حذر نظيره الروسي من تطبيق عقوبات شديدة اقتصادية لم يشهدها أحد من قبل في حال التصعيد العسكري في أوكرانيا، مؤكدا على عدم تقديم تنازلات أو تعهدات لبوتين بشأن طلباته.
غير أنه استبعد خيار استخدام القوة إن غزت روسيا أوكرانيا قائلا إن التزام بلاده "المقدس" ناحية حلف الناتو لا يمتد إلى أوكرانيا.
كما أوضح البيت الأبيض استمرار مشاورات بايدن مع قادة الناتو في مقدمتهم قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، علاوة على محادثاته مع نطيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي عبر عن استياءه لتأخر عملية انضمام بلاده إلى حلف الناتو.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، على دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لسيادة أوكرانيا واستقلالها، مطالبين روسيا بالعودة للدبلوماسية والتنفيذ الكامل لاتفاقيات مينسك.
وفي المقابل حملت تصريحات بوتن عقب القمة التأكيد على حق بلاده في الدفاع عن أمنها وانتهاجها سياسية خارجية سلمية، معتبرا ترك حلف الناتو يقترب من حدود روسيا تقاعسا إجراميا.
ووصف محادثاته مع بايدن بأنها "بناءة"، مجددا طلبه بالحصول على ضمانات لمنع ضم أوكرانيا للحلف.
الحرب ليست مصلحة
تتزايد مخاوف أوكرانيا من شن روسيا هجوما واسعا النطاق مع نهاية الشهر المقبل، خاصة مع حشد الثانية نحو 94 ألف جندي وفقا لتقديرات وزارة الدفاع الأوكرانية، وإجراءها مناورات دورية قرب الحدود منذ بداية الشهر الجاري، وفي المقابل تتهم روسيا أوكرانيا بحشد قوات على حدود منطقة دونباس.
ويعد اللقاء بين بوتن وبايدن هو الأول من نوعه عقب التوترات الأخيرة، ويرى خبير الشؤون الأوروبية والعلاقات الدولية محمد رجائي بركات أن اللقاء لم ينجح في إيجاد حل للأزمة.
غير أن بركات لا يرى نذر حرب في الأفق، مرجعا ذلك في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن الجميع يعلم أنها لن تكون حربا إقليمية فقط بل تصبح أكثر خطورة.
وطرح تساؤلا بشأن إمكانية تحقيق بوتن طموحاته بغزو أوكرانيا كما حدث في جورجيا وشبه جزيرة القرم، ويجيب قائلا: "سيكون أمرا صعبا نظرا لأن الأوضاع على الساحة الدولية تغيرت؛ فصعود الصين سياسيا واقتصاديا وعسكريا يجعل واشنطن وربما موسكو تفكران كثير ا قبل الدخول في مغامرة عسكرية؛ لذا اندلاع الحرب ليس من مصلحة أي طرف.
ما وراء التصعيد
ووفقا لمراقبين تمثل أوكرانيا حالة خاصة للرئيس الروسي، حيث يرى بوتن أنها جزء من روسيا، معتبرين أن هدف التعزيز العسكري الروسي الضغط على واشنطن في ملفات أخرى.
وفيما يتعلق بأسباب التصعيد الأخير، يرجع بركات الوضع إلى مواجهة الرئيس الأوكراني معارضة داخلية واتهامه بعدم تبني موقف قوي إزاء روسيا خاصة منذ اجتياحها لشبه جزيرة القرم، ما دفعه للتلميح برغبته في استعادة شبه الجزيرة والانضمام لحلف الناتو وهو الأمر الذي أزعج بوتن.
ويوضح أن مخاوف روسيا من توسيع الحلف لوجوده غرب حدودها سبب آخر للتوتر، خاصة وأن الاتحاد السوفيتي في عهد الرئيس غورباتشوف في التسعينيات حصل على ضمانات أميركية بعدم انضمام أي من الدول التي كانت تتبع الاتحاد إلى الناتو مقابل موافقة السوفييت على إعادة توحيد ألمانيا.
ويرجح بركات حصول روسيا على طمأنة جديدة بشأن عدم ضم أوكرانيا للحلف لتجنب التصعيد العسكري وتفاقم الأوضاع بين دول الحلف وروسيا.