يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إلى العاصمة الإيطالية روما في زيارة رسمية تستمر لمدة يومين، بحسب مصادر فرنسية.
ومن المقرر أن يستقبل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في روما، الرئيس الفرنسي فور وصوله، قبل عقد مباحثات ثنائية بين الرئيس الفرنسي ونظيره الإيطالي سيرغيو ماتريلا، الجمعة.
وتشهد الزيارة توقيع ماكرون ودراغي على معاهدة لـ"تقريب المواقف الفرنسية والإيطالية والتنسيق بين البلدين في قضايا السياسة الأوروبية والخارجية والأمن والدفاع والهجرة والبحوث الاقتصادية والتعليمية والثقافية والتعاون عبر الحدود".
المعاهدة التي من المقرر إبرامها بين الجانبين من شأنها أن تطوي سنوات من الخلاف بين الدولتين الأوروبيتين حول ليبيا وعدد من قضايا السياسة الخارجية.
توافق حول الأزمة الليبية
في السياق، قال رئيس مركز التمكين للبحوث والدراسات الاستراتيجية الليبي محمد المصباحي إنه "من الطبيعي وجود تحالف فرنسي إيطالي فيما يخص الأزمة الليبية، وذلك بعد الدعوات التركية التي تريد بها خلخلة الأوضاع الحالية، وبالتالي فإنه لابد من توحيد الرأي الأوروبية لأن الخطر القادم سيأثر على كافة دول الاتحاد الأوروبي".
وأكد المصباحي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن دول التكتل الأوروبي تشعر بخطر حقيقي إثر استمرار عمليات الهجرة غير الشرعية من الأراضي الليبية نحو شواطئها، مشيرًا إلى أن الانقسام الفرنسي الإيطالي الألماني خلال الفترة الماضية، كان له تأثير سلبي على الأوضاع الليبية التي أصبحت قضية دولية أكثر منها محلية".
وأشار رئيس مركز التمكين للبحوث والدراسات الاستراتيجية الليبي، إلى أن التقارب الفرنسي الإيطالي حول ليبيا سيوحد وجه النظر وسيعمل في نفس الاتجاه الذي يقوده مؤتمر باريس من أجل المضي قدمًا في عملية الانتخابات وخروج المرتزقة، مؤكدًا على دور اللجنة العسكرية المشتركة التي تعمل جاهدة على تحقيق ذلك".
ولفت المصباحي، أن التحالف الفرنسي الإيطالي سيساهم في استقرار الأوضاع في ليبيا على المستوي السياسي، وسيعفي البلاد من شر التداخل والصراع الأوروبي داخل المنطقة العربية بشكل عام"، بحسب قوله.
من جهته، قال رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية سمير راغب إن "التقارب الفرنسي الإيطالي من المتغيرات التي تحدث على الساحة الليبية، حيث أن المجتمع الدولي باستثناء تركيا يريد إجراء الانتخابات بأي شكل".
وأوضح راغب لـ"سكاي نيوز عربية" أن "التقارب يأتي كنوع من أنواع تقاسم الكعكة حيث أنه بدون استقرار وانتخابات في ليبيا لن يكون هناك تعاقدات أو استثمارات لأن الحكومة الحالية لا تستطيع تنفيذ أي تعاقدات جديدة"، بحسب قوله.
وتابع راغب: "التقارب يأتي أيضًا في ظل تقاطع المصالح على التسوية في ليبيا، والأمثلة على ذلك استمرار عمليات الهجرة غير الشرعية"، مؤكدًا أن هذا التقارب سيدفع إلى وجود تنسيق بين الجانبين في العديد من المجالات.
توحيد القرار الأوروبي
وأشار راغب إلى أن إيطاليا كانت ترفض في السابق مشاركة القوات الفرنسية في مكافحة عمليات الهجرة وغيرها من الأحداث، مؤكدًا أن التصادم بين إيطاليا وفرنسا لا يأتي في مصلحتهما في ظل وجود تركيا.
ولفت الخبير الأمني والاستراتيجي إلى أن كافة هذه المحاولات الأوروبية الحالية تسعي إلى الدفع نحو الانتخابات وعدم تعطيلها، وهنا نجد أن معرقلي الانتخابات سيواجهون قرار أوروبي موحد، وبالتالي ستدعم أميركا القرار وسيعاقب المخالف بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأشار راغب إلى أن هذا التقارب أيضا سيساهم في وقف عمليات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والتصدي للجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى أن إيطاليا وفرنسا لهما مصالح اقتصادية في ليبيا، فهما لاعبين أساسيين في قطاع النفط.
التقارب الإيطالي الفرنسي
وحول مراحل التقارب بين الجانبين أكد الخبير الاستراتيجي، إلى أن هذا التقارب جاء بعد مروره بثلاث مراحل: الأولى مرحلة الصدام، والثانية التنافس الإقليمي والأخيرة هي الربح المشترك، مؤكدًا أن "بقاء الأوضاع كما كانت في السابق لن تجني منها أي من الأطراف أي مكاسب، وسيزيد ذلك من عمليات الهجرة غير الشرعية وعبور الإرهابيين.
واستطرد الخبير الاستراتيجي أن "هذا التقارب يصب أيضًا في مصلحة الولايات المتحدة والتي تسعى حاليا إلى استقرار الأوضاع في ليبيا حتى تصل إلى الطاقة الانتاجية القصوى من النفط".
من جهته، قال الكاتب الصحفي الليبي أحمد العيساوي إن المعاهدة من هدفها طي صفحة الماضي المبني على الصراع الدائم وسيكون شكلي من الناحية الدبلوماسية بين الدولتين الأوروبيتين تجاه ليبيا وبعض القضايا الخارجية.
وأوضح الصحفي الليبي أن إيطاليا وفرنسا لهم نظرة خاصة ومنفردة عن باقي دول العالم حيث أن هذه النظرة مرتبطة بالحرب العالمية الثانية أثناء تنفيذ النظرية الإمبريالية تجاه تمديد حدود ونفوذ السياسة العليا التي تخدم مصالح هذه الدول.
وتابع العيساوي، أن ملف الهجرة في ليبيا يهم دول الجوار والاتحاد الأوروبي بشكل عام كون موقع ليبيا يفرض هذا الاهتمام.