في رد سريع على مذبحة الأربعاء الماضي، التي راح ضحيتها 25 مدنيا على الأقل من النيجر في هجومين إرهابيين على بلدتي تيليا وتاهوا قرب الحدود مع مالي، تمكن الجيش الفرنسي، من قتل نحو 20 إرهابيا في النيجر خلال ضربة جوية.
وأعلنت هيئة الأركان العامة الفرنسية، أن الضربة الجوية وقعت على بعد 1.5 كيلومتر من الحدود مع مالي داخل أراضي النيجر، وهي المنطقة التي ينشط فيها تنظيم داعش في الساحل والصحراء.
وقال المتحدث باسم أركان الجيش الفرنسي الكولونيل باسكال ياني، إن العملية كانت غير مخطط لها، قد تخللها استخدام مروحيات قتالية وطائرات مسيرة من نوع "ريبر"، إضافة إلى مروحيات قتال ضد مجموعة من نحو 40 إرهابيا، في المنطقة المعروفة باسم "الحدود الثلاث" بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وأضاف المتحدث باسم الجيش الفرنسي - في مؤتمر صحفي - أن نحو 20 إرهابيا من عناصر تنظيم داعش في الساحل الأفريقي، تم تحيديهم، فيما تم تفريق باقي العناصر الإرهابية.
وكانت وزارة الداخلية في النيجر قد أعلنت في بيان، مساء الأربعاء، عن مقتل 25 مدنيا في غرب البلاد قرب الحدود مع مالي في هجوم شنه إرهابيون ينتمون لتنظيم داعش، مضيفة أن معسكر بكورات، في مديرية تيليا تعرض لهجوم شنه مسلحون، كما تم حرق مركبتين.
وأوضحت الداخلية أن هجوما ثانيا وقع في غربي البلاد، مضيفة أن مسلحين هاجموا بلدة تيمارام في مديرية تاهوا، مشيرة إلى أن المسلحين قاموا بإحراق أو نهب بنى تحتية اجتماعية، بما في ذلك دار البلدية والمركز الصحي وشركة الكهرباء.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم صالح، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن أحداث القتل والاختطاف والنهب أصبحت جزءا من يوميات الحياة في منطقة الساحل الغربي لإفريقيا منذ فترة ليست بالقصيرة.
وأضاف المحلل المالي أن الذي يتغير من فترة لأخرى هو حجم العمليات الإرهابية والاهتمام الإعلامي بها تبعا للاهتمام بالمنطقة، مشيرا إلى أنه في الفترة الأخيرة ارتفعت وتيرة الهجمات الإرهابية في المنطقة نتيجة تلميح فرنسا بتقليص دورها في الساحل وإنهاء عملية "برخان" العسكرية، فضلا عن إخلاء القواعد العسكرية شمال مالي.
وكانت باريس قد أعلنت في يونيو عن إعادة تنظيم انتشارها العسكري في منطقة الساحل الغربي لإفريقيا، وشمل ذلك مغادرة القواعد الواقعة في أقصى شمال مالي (كيدال وتمبكتو وتيساليت)، وتقليص عدد الجنود في المنطقة ليصل بحلول عام 2023 إلى بين 2500 إلى 3000 عنصر، علما أنه يصل إلى خمسة آلاف حاليا، كما سلمت قوات عملية "برخان" الفرنسية الجيش المالي قاعدة تيساليت وكيدال في إطار إعادة هيكلة عملياتها في منطقة الساحل.
وتشهد العلاقات بين باماكو وباريس أخطر أزماتها منذ بدء التدخل الفرنسي في البلاد عام 2013، في وقت تدهورت العلاقات بين فرنسا، وشريكتها التاريخية مالي إثر انقلابين عسكريين شهدتهما مالي في الأشهر الأخيرة.
وتصاعد التوتر بشكل غير مسبوق عندما وصف رئيس الوزراء المالي شوغيل كوكالا مايغا في 25 سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخطة الفرنسية لخفض وجود عسكرييها بـ"التخلي"، وهو الأمر الذي دفع باماكو إلى التقرب من موسكو والتلويح بإمكانية الاستعانة بقوات من "فاغنر" الروسية.
وبحسب دراسة نشرها المركز الفرنسي للبحوث وتحليل السياسيات الدولية، فإن ظهور جنود فرنسيين من قوة "برخان" في المناطق التي كانوا يطاردون فيها الإرهابيين يتسبب في إحساس بالخوف لدى المدنيين من موجة انتقام من جانب الإرهابيين بعد انتهاء العمليات العسكرية.