فيما يستمر الطرفان في الإعلان عن رفع الجاهزية استعدادا لأي مواجهة عسكرية محتملة بينهما، فإن رحى معركة أخرى تدور بين إيران وإسرائيل، وبشكل شبه يومي، أساسها شن هجمات إلكترونية على المؤسسات والمصالح الحيوية للطرف الآخر، بالذات تلك المتعلقة بالخدمات اليومية المباشرة للسكان.
فبعد أيام من التحقيقات الموسعة، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية مؤخرا عودة الخدمات إلى مركز "هيليل يافا" الطبي في بلدة الخضيرة، الذي يعتبر الأكبر على مستوى إسرائيل ويقدم خدمات لقرابة مليون شخص من سكان شمال ووسط البلاد.
ويأتي الإعلان بعدما كان المركز قد تعرض لهجمة إلكترونية شلت كامل الخدمات التي يقدمها، وأتلفت كل الأنظمة والبرمجيات والأرشيف وآليات التعامل الإلكتروني التي كانت متبعة في القطاع الطبي.
وصرح مدير أمن المعلومات والإنترنت في وزارة الصحة الإسرائيلية رؤوفين إلياهو أثناء جلسة استماع عقدت بشأن تزايد الهجمات الإلكترونية على إسرائيل خلال الفترة الأخيرة، قائلا: "نحن في حرب عالمية ثالثة على الإنترنت. إسرائيل تمنع المئات من مثل هذه الهجمات كل شهر".
وحلل خبراء أمنيون إسرائيليون نوعية الهجمة الإلكترونية التي شنت على القطاع الصحي الإسرائيلي، واعتبروا أنه "لا يمكن شنها إلا عبر إمكانية دولة ذات بال في هذا المجال".
ويتشابه هذا الهجوم مع ما تعرض له مركز "كلاليت" الإسرائيلي قبل عدة أشهر، الذي يعتبر أكبر صندوق للمرضى في إسرائيل، حيث تعرض لهجمة أوقفته عن الخدمة تماما.
الهجمة الإلكترونية التي تعرض لها القطاع الصحي الإسرائيلي يبدو أنها شُنت مباشرة بعد تعرض قطاع محطات الوقود الإيرانية في 26 أكتوبر الماضي لهجوم إلكتروني، تسبب بتوقف خطوط الإمداد ومضخات التوزيع والتنسيق فيما بينها.
وأدى ذلك الهجوم إلى أزمة شعبية داخل البلاد، حيث استمرت طوابير المنتظرين أمام محطات الوقود طوال أسبوعين كاملين، وارتفعت الأصوات داخل البلاد بشأن حصانة المجال الإلكتروني الوطني.
ورغم عدم اعتراف أي من الطرفين بالمسؤولية عن الهجمات المتبادلة، فإن المؤشرات واضحة على وقوف كل منهما في الخلفية.
ويرى خبراء أمنيون أن كلا البلدين يحصلان على دعم تقني من حلفائهم الدوليين، فالقطاع السيبراني لا يمكن حمايته بشكل وطني ومن دون تدخل ومساندة من الشركات العالمية.
موقع "المونيتور" نقل معلومات عن خبير إلكتروني إسرائيلي رفض الكشف عن اسمه، قال فيها إن "إسرائيل يمكن أن توسع نطاق استهدافها للمؤسسات الحيوية الإيرانية في المستقبل المنظور".
وأشار المصدر إلى أن "القدرات التي تم إثباتها في شل نظام وطني حيوي لإمدادات مثل البنزين، التي أثرت على المركبات العادية هذه المرة، يمكن في المرة المقبلة أن تغلق المزيد من الأنظمة الحيوية، مثل الجيش أو الرعاية الصحية أو غيرها من الشبكات المهمة".
وحسب الباحث والخبير في الهجمات السيبرانية شيروان بطي، فـ"لا يمكن التنبؤ إلى أي مدى يمكن أن تصل مثل هذه الأعمال. طوال المرحلة الماضية كانت إسرائيل وإيران حريصتين على الحفاظ على شعرة ما بينهما لعدم الوصول إلى لحظة الصدام العسكري المباشر، لخشية كل منهما على تأثيرات ذلك على الأمن القومي واستقرار النظام في كل منهما".
ويضيف بطي لموقع "سكاي نيوز عربية": "كانت الهجمات الإلكترونية بمثابة مواجهة من دون ضحايا، وإن كانت موجعة للغاية في القطاعات الحيوية في البلدين، لكن مع إمكانية عدم الوصول إلى أي حلول سياسية للملفات السياسية العالقة، بالذات الملف النووي الإيراني، فإن تلك الهجمات يمكن أن تتطور لتكون أكثر مسا وتحطيما لقطاعات حيوية في إسرائيل أو إيران، بالذات لو طالت الجيش وقطاعات التسليح".