في واحدة من أقسى صور الأحوال المعيشية والاجتماعية داخل أفغانستان، نقلت شبكة “CNN” الأميركية تقريراً موسعاً عن إقدام بعض العائلات على بيع أطفالها مقابل مبالغ زهيدة تعينهم على العيش.
وجرى رصد عمليات البيع بشكل ملحوظ لدى العائلات تلك التي تُقيم في المخيمات، في مسعى لتأمين قوت عدة أشهر من فصل الشتاء القادم، بعدما صارت الأموال ومصادر الطاقة وجميع المواد الغذائية شحيحة للغاية داخل البلاد.
ونقصت المواد بشكل حاد، فيما كانت المخيمات تتلقى مساعدات من المؤسسات الخيرية والدولية، لكنها توقفت تماماً منذ عدة أشهر.
تقرير الشبكة الأميركية نقل حكاية عائلة أفغانية تقيم منذ قرابة أربعة سنوات في مخيم "بادغيس" شمال غربي أفغانستان، كانت تعتمد على المساعدات الإنسانية وتقوم ببعض الخدمات البسيطة داخل المخيم.
وكان ذلك النشاط يدر على العائلة ما يُقدر ببضعة دولارات في الشهر، تؤمن لها جزء كبيراً من حاجاتها الضروري. لكن ذلك توقف تماماً منذ شهر أغسطس الماضي.
واضطرت العائلة، مؤخرا، لأن تبيع واحدة من بناتها قبل قرابة شهرين، وكانت تبلغ من العمر 12 عاماً فقط. وهي الآن تعقد "مساومات" مع شخص يبلغ من العمر 55 عاماً، لبيع ابنتهم الثانية البالغة من العُمر 9 أعوام.
ويقول ذلك الرجل إنه سيستخدم الفتاة في العمل داخل منزله في منطقة أخرى، لكن دون وجود أية ضمانات أن تكون غايته من عملية الشراء كذلك، أو كذلك فقط.
واقع قاتم
واتصل موقع "سكاي نيوز عربية" هاتفياً بأكثر من مؤسسة حكومية أفغانية داخل العاصمة كابل، ومن أرقام أجنبية وأفغانية على حد سواء، بالذات مع وزارة الداخلية الأفغانية، لمعرفة المعلومات المتوفرة لدى الوزارة وموقفها من هذه المعلومات المتوفرة، إلا أن جميع الجهات رفضت التعلق على هذا الشأن، معتبرة أن قيادة الحركة وحدها تستطيع التعليق وإعطاء الموقف الرسمي من القضية.
وحول الأسعار التي تُدفع مقابل شراء هؤلاء الأطفال، قال شخص أفغاني على اطلاع بما يجري، شريطة عدم ذكر اسمه، إن المبالغ المُقدمة تتراوح بين 1000-3000 دولار، حسب تلبية الطفل المطلوب للشروط التي تُحددها الجهة الراغبة في الشراء.
لكن العديد من الشائعات صارت تنتشر في مُختلف مناطق أفغانستان بشأن قدوم العديد من شبكات الاتجار بالبشر من خارج البلاد إلى داخل أفغانستان، خصوصاً المناطق الجنوبية والغربية الأكثر بؤساً من البلاد، لشراء الأطفال ونقلهم إلى خارج الحدود، خصوصاً الأطفال الأصغر سناً.
دوافع "دنيئة"
الباحثة والناشطة الأفغانية في اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، روجهال خماداري، شرحت في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، الأمور الثلاثة التي يُمكن أن تؤدي إليها عملية بيع الأطفال في أفغانستان "أياً كان التغليف الكلامي لما يحصل، فإن منح أي طفل دون الثامنة عشرة لشخص آخر هو عملية بيع فعلية.
وأضافت أن أغلب ما يجري قد يكون بحجة التزويج، خصوصاً للفتيات التي تناهز أعمارهن عشر سنوات، يمنحن لأشخاص أكبر منهن بسنوات طويلة، تبلغ في بعض الحالات نحو ثلاثين عاماً".
تضيف الناشطة الحقوقية الأفغانية في حديثها مع "سكاي نيوز عربية"، "ثمة أيضا بيع بغرض التبني لصالح العائلات الأخرى، وهذه تجري عادة عبر الشبكات الناشطة عبر الحدود، ولصالح جهات وعائلات غير أفغانية، وقد كانت الجمعيات المدنية والجهات الحكومية طوال السنوات الماضية قد أوقفت ذلك إلى حد بعيد".
وأردفت "أخيرا، ثمة البيع الذي يتم للغرض الأكثر دناءة، وهو أعمال السخرة المنزلية، وهي شكل من العبودية، أو بهدف الحصول على الأعضاء الجسدية للطفل الذي يتم بيعه، خصوصاً الكُلى والكبد".
وكانت التقارير العالمية قد دقت ناقوس الخطر بشأن الأحوال الاقتصادية والمعيشية للسكان الأفغان في البلاد. إذ اشارت إلى أن نصف سُكان أفغانستان يعانون من انعدام في الأمن الغذائي، حسب تقرير موثق للأمم المتحدة، فيما يواجه أكثر من ثلاثة ملايين طفل أفغاني دون سنة 15 عاماً من سوء تغذية حاد للغاية، فيما تُفقد جميع المواد ومواد الطاقة من السوق المحلية.
ويعيش قرابة مليون أفغاني في أكثر من 38 مخيماً داخلياً، يفقدون فيها كل أشكال الرعاية، بما في ذلك غياب أي مصدر للدخل.