كشف مستشار الحكومة النمساوية البروفيسور مهند خورشيد عن أن حكومة فيينا تعتزم، بعد نجاح مؤتمرها الأخير، توسيع دائرة التحالف الأمني والاستخباراتي بين دول أوروبا؛ من أجل تعزيز آليات التعاون والتنسيق بينها في مواجهة نشاط تنظيم الإخوان الإرهابي وتيارات الإسلام السياسي.
وفي الوقت ذاته أشار خورشيد في حديث مطول لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن الحكومة النمساوية ومعها حكومات دول أوروبية أخرى ستعقد مؤتمر ثان خلال 6 أشهر من الآن، لمكافحة الإسلام السياسي، كإمتداد لـ"منتدى فيينا" الذي عقد مؤخرا؛ لمواجهة الإسلام السياسي.
وفي ختام منتدى فيينا والذي عُقد في قصر النمسا السفلى في وسط العاصمة النمساوية الخميس الماضي، أكدت النمسا وفرنسا وبلجيكا والدنمارك أهمية تعزيز التعاون على كافة المستويات لمواجهة خطر انتشار الجماعة الإرهابية، في البلدان الأوروبية.
مؤتمر ثان لمواجهة الإخوان
وقال البروفيسور مهند خورشيد، مستشار الحكومة النمساوية، ومدير مركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا إن منتدى فيينا خلص إلى ضرورة عقد مؤتمر ثان خلال 6 أشهر من الآن، ببلد أوروبي أخر.
وأشار إلى أن المؤتمر الثاني الذي سيعقد في بلد أوروبي أخر، سيركز على وضع استراتيجيات مشتركة بين الدول الأوروبية لمواجهة خطر تنظيم الإخوان وتيارات الإسلام السياسي.
وبجانب تحالف الدول الـ 4 (النمسا وفرنسا وبلجيكا والدنمارك) الذي تشكل خلال منتدى فيينا لمواجهة الإسلام السياسي، والحديث لخورشيد، جرى الاتفاق على ضرورة توسيع دائرة الدول الأوربية لتشمل دولا أوروبية أخرى مثل ألمانيا وهولندا وغيرها، والتي لم تشارك في المنتدى الأخير.
استراتيجيات موحدة
"خورشيد" الذي يشغل أيضا أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر في ألمانيا، أكد على ضرورة إيجاد استراتيجية موحدة لمكافحة الإسلام السياسي على مستوي الدول الأوروبية.
يشار إلى أن كارل نيهمر وزير داخلية النمسا أكد، في تصريحات له خلال الأسبوع الماضي، أنه اتفق مع هولندا على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لمكافحة الإرهاب في إطار توسيع التعاون الأمني بين البلدين.
كما كشف "خورشيد" عن اتفاق المشاركين في منتدى فيينا الأخير على إنشاء مركز أوروبي مشترك حول مكافحة الإسلام السياسي، ويعمل أيضا على ضرورة تكريس الإسلام العقلاني والمعتدل فى أوروبا.
أزمة الأئمة بأوربا
كما جرى الاتفاق على دراسة إيجاد حلول لتدريب الأئمة على المستوى الأوروبي، ووضع إطار مشترك لتدريبهم في البلاد الأوروبية، وفقا لخورشيد.
وقال "خورشيد" أيضا أن المنتدى نبه على أنه مازالت هناك مشكلة فى أوروبا بأن معظم الأئمة تأتي من الخارج، دون أن يكون لديها معرفة بالظروف والسياق الأوروبي والقيم الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان، وكيفية تفعيل الخطاب الديني.
وإزاء هذا الأمر، نوه مدير مركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا، إلى أن المساجد في أوروبا تنقسم إلى مساجد وعددها قليل تقوم بعملية تشكيل الوعي بين المسلمين لفهم الإسلام بطريقة تتوافق مع المجتمع التعددي والديمقراطي، مقابل مساجد أخرى عديدة لها دور سلبي في تعميق انفصال المسلمين عن مجتمعاتهم.
تحرك استباقي قبل العنف
ومن أبرز النقاط الأخرى التي ركز عليها منتدى فيينا – وفقا لخورشيد - تكريس الوعي بخطورة تيارات الإسلام السياسي حتي ولو كان يرفض العنف.
وفي هذا الصدد، أوضح مستشار الحكومة النمساوية أن عدد من السياسيين في أوربا لا يستوعبون حتى الآن، أن تيارات بالإسلام السياسي حتى وإن أعلنت رفضها للعنف، لكنها خطر على المجتمع والإنسانية مثلها مثل الجماعات الجهادية".
وأردف: هذا هو المؤتمر الأول (فيينا) الذي يتحرك خطوة قبل بدء العنف؛ حيث إن العنف لا يبدأ من الفراغ ولكن يبدأ بأفكار متطرفة، مع ضرورة تكثيف الوعي بضرورة محاربة الأفكار المتطرفة بغض النظر عما إذا كانت تحمل العنف من عدمه، وهو ما بدا في كلمات وزراء الاندماج في عدد من دول أوربا خلال مداخلاتهم في المؤتمر.
تكريس الفكر الإسلامي المعتدل
وواصل: كما أكد الحضور في المؤتمر على أهمية إبراز وجود مؤسسات دينية فى أوروبا تعمل على إبراز وتكريس الفكر الإسلامي المعتدل، والذى يتوافق مع القيم الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان.
وتحدث "خورشيد" عن ملامح محاضرته التي ألقاها في منتدى فيينا، قائلا إنها تركزت على أن أفكار جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الجهادية، تلتقي جميعها في نفس الأيدلوجيات المتطرفة خاصة فكر رفض الآخر، وإعطاء الذات مرتبة وقيمة أعلي من الآخر؛ لذا جاء التركيز على أهمية الإهتمام بحركات الإسلام السياسي حتي ولو لم تدع للعنف.
كما شددت الكلمة على أنه لا ينبغي الاكتفاء فقط بمكافحة الإسلام السياسي، بل يجب العمل أيضا على تعميق صورة الإسلام الحقيقي التي تتماشى مع قيم الإنسانية والتعددية وقبول الأخر، وهذا ليست وظيفة الدول الأوروبية لكنها وظيفة المسلمين أنفسهم.
ولمح "خورشيد" إلى أنه بجانب وزيرة الإندماج النمساوية، شارك في المؤتمر وزراء إندماج لدول مثل بلجيكا والدنمارك وفرنسا، علاوة على مشاركة باحثين من هذه الدول ومن دول أخرى.
وخلال المؤتمر الذي حضره لفيف من الشخصيات السياسية والدبلوماسية من مختلف دول القارة الأوروبية، أكدت وزيرة الاندماج النمساوية سوزان راب، على خطورة التحديات التي تواجها الدول وعلى وجه التحديد فرنسا والدنمارك والنمسا"، جراء تغلغل التنظيمات المتطرفة، موضحة أن الإسلام السياسي يمثل مشكلة في البلدان الثلاثة، ومحاربته تبدأ بمواجهة محاولات الفصل وخلق المجتمعات الموازية، ونشر التطرف.
وكشفت راب عن تأسيس تعاون بداية من الخميس وعلى كافة المستويات السياسية، مشيرة إلى ضرورة التعاون المكثف مع دول الجوار في نفس الصدد، وأوضحت أن منتدى فيينا لمكافحة الإسلام السياسي وتنظيماته وفي مقدمتها جماعة الإخوان، سيعقد دورة ثانية له العام المقبل، مشيرة إلى تعيين منسق أوروبي مختص بهذا الملف.
وتخوض النمسا حرباً شرسة ضد تنظيمات الإسلام السياسي، وفي القلب منها تنظيم الإخوان الإرهابي، منذ منتصف العام الماضي، بعد أحداث فيينا الدامية التي دفعت البلاد إلى تنفيذ استراتيجة شاملة لمكافحة الإرهاب في البلاد، استهدفت عشرات المؤسسات والمساجد والمنظمات التابعة للإخوان، بعد ثبوت تورطها في عمليات إرهابية، حسبما أوردت تقارير استخباراتية وأمنية.
وفي يونيو الماضي، عززت النمسا إجراءات مكافحة التطرف، بحظر رموز وشعارات الإخوان وعدة تنظيمات متطرفة أخرى، وكذلك كثفت الرقابة على الاستثمارات والمؤسسات المالية التابعة للتنظيم والتي تمثل ممرات لتمويل الإرهاب والتطرف.