قمة غلاسكو 26، تعني أن هناك 25 قمة مناخ أخرى لم تسفر عن نتائج ملموسة، وأنّ العالم بدأ الآن يُدرك حجم المخاطر التي ستحيط بكوكب الأرض ومن عليه خلال 30 أو 40 عاما مقبلة.
ومع كل قمّة عُقدت على مدار الأعوام السابقة، يبقى السؤال المطروح: هل انقشعت غبار تحذيرات القمم السابقة، وأيقنت دول العالم أنّها أمام منعطفٍ خطير لابد من مواجهته بالتكاتف؟
من استوكهولم لغلاسكو
ويجتمع العالم في اسكتلندا لمحاولة أخذ تعهدات من 197 دولة مشاركة في قمة "غلاسكو" بالالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية، والحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، وإلا سيكون الدمار هو عنوان المرحلة المقبلة.
ومنذ مؤتمر عام 1972، الذي استضافته ستوكهولم في السويد، حول البيئة البشرية، والذي حضره 113 مندوباً ورئيسا دولتين، كانت هناك العديد من الاتفاقيات البيئية الدولية.
وتشمل هذه الاتفاقية جودة مياه البحيرات العظمى لعام 1978؛ واتفاقية جنيف لعام 1979 بشأن التلوث الجوي بعيد المدى عبر الحدود؛ واتفاقية هلسنكي لعام 1985 (والتي أدت لالتزام 21 دولة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت)؛ وبروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون لعام 1988؛ واتفاقية بازل لعام 1989 بشأن نقل النفايات الخطرة عبر الحدود.
وكان هذا النوع من التعاون الدولي هو ما سعى إليه مؤتمر ريو عام 1992، ولكن على نطاق أوسع.
وفي السطور المقبلة نستعرض تاريخ القمم السابقة، من ريو دي جانيرو إلى قمة غلاسكو، وما الذي أسفرت إليه من تحذيرات بشأن المناخ، وإلى أي مدى التزمت دول العالم بهذه التحذيرات..
ريو دي جانيرو 1992
في عام 1990، اجتمعت الأمم المتحدة في لندن، وخلصت إلى أنَّ زيادة مستويات الغازات الدفينة، رفعت درجة حرارة الأرض.
أمَّا في ريو دي جانيرو في عام 1992، وتحديدًا في الفترة من 3 إلى 14 يونيو، فشملت أول إجراء رسمي حيث وقّعت الدول المشاركة على اتفاقية إطارية في "قمّة الأرض" للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وكان الهدف الأساسي لقمة الأرض هو وضع جدول أعمال واسع ومخطط جديد للعمل الدولي بشأن قضايا البيئة والتنمية التي من شأنها أن تساعد في توجيه التعاون الدولي وسياسة التنمية في القرن الحادي والعشرين.
وحققت "قمة الأرض" العديد من الإنجازات العظيمة: إعلان ريو ومبادئه العالمية السابعة والعشرون، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية التنوع البيولوجي؛ وإعلان مبادئ إدارة الغابات.
كما أدت "قمة الأرض" إلى إنشاء لجنة التنمية المستدامة، وعقد المؤتمر العالمي الأول للتنمية المستدامة للدول الجزرية الصغيرة النامية في عام 1994.
وأصدرت جميع الدول التي حضرت المؤتمر قرارًا يلزمها "بالحفاظ على الموارد البحرية الحية واستخدامها المستدام في أعالي البحار".
وقد حددت القمة المحيطات كهدف لحماية البيئة في التسعينيات، ويُلزم جدول أعمال القرن 21 الدول بإجراء أبحاث تعاونية طويلة الأجل لتحسين جودة المعلومات المتعلقة بالمحيطات وبالتالي تحسين إدارتها الفعالة.
كيوتو 1997
اعتُمد بروتوكول كيوتو في 11 ديسمبر 1997، إلا أنّه دخل حيّز التنفيذ في فبراير 2015، وحاليًّا يوجد فقط 192 طرفاً في هذا البروتوكول، ويعمل على تفعيل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
والاتفاقية الإطارية التي يعمل عليها بروتوكول كيوتو، تُلزم البلدان الصناعية والاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وخفضها وفقًا للأهداف الفردية المتفق عليها.
إلا أنَّ هذا البروتوكول عليه أزمة كبيرة؛ لأنّه يُلزم البلدان المتقدمة فقط، ويضع عبئًا ثقيلًا عليها بموجب مبدأ "المسؤولية المشتركة المتباينة والقدرات الخاصة"، لأنه يعترف بأنها مسؤولة إلى حد كبير عن المستويات العالية الحالية لانبعاثات غازات الكربون في الغلاف الجوي.
ويحدد البروتوكول أهدافًا ملزمة لخفض الانبعاثات لـ37 دولة صناعية واقتصادات تمر بمرحلة انتقالية والاتحاد الأوروبي، في ذلك الوقت.
وتضيف هذه الأهداف ما يصل متوسط خفض الانبعاثات بنسبة 5 بالمئة مقارنة بمستويات عام 1990 خلال فترة الخمس سنوات 2008-2012.
وفي 8 ديسمبر 2012، تم اعتماد تعديل إحدى الدول العربية لبروتوكول كيوتو لفترة التزام ثانية، تبدأ في 2013 وتستمر حتى عام 2020، ومع ذلك، لم يدخل التعديل حيز التنفيذ بعد.
وشمل التعديل التزامات جديدة للأطراف المدرجة لبروتوكول كيوتو الذين وافقوا على تحمل التزامات في فترة التزام ثانية من يناير 2013 إلى ديسمبر 2020.
وخلال فترة الالتزام الثانية، التزمت الأطراف بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 18 بالمئة على الأقل دون مستويات عام 1990 في فترة الثماني سنوات من 2013 إلى 2020.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة؛ فإنَّ الأطراف الموقّعة على الالتزام معنيّة بالإبلاغ عن طريق تقديم قوائم الجرد السنوية للانبعاثات والتقارير الوطنية بموجب البروتوكول على فترات منتظمة.
اتفاقية باريس 2015
كل ما سبق هو الذي أدى إلى اتفاقية باريس 2015، والتي نجحت لأول مرة في الحصول على اتفاق عالمي بشأن المناخ.
الاتفاق أتى بعد مفاوضات عُقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي في باريس، والذي اعتبرته الدول الأوروبية (التي اعترضت في السابق على تسببها في تصدير أكبر انبعاثات كربونية بسبب الثورة الصناعية) اتفاقًا مناسبًا ومتوازنًا وملزم قانونيًّا.
الملفت في هذا الاتفاق هو تصديق كل وفود الدول الـ195 الحاضرة المؤتمر على الاتفاق، وهو ما لم يحدث من قبل.
وتهدف الاتفاقية إلى احتواء الاحتباس الحراري العالمي لأقل من 2 درجات وسيسعى لحده في 1.5 درجة مئوية.
ووُضعت كحد أدنى قيمة 100 مليار دولار أميركي كمساعدات مناخية للدول النامية سنويًّا وسيتم إعادة النظر في هذا المبلغ في 2025 على أقصى تقدير.
إلا أنَّ أغلب التقارير والاستطلاعات تشير إلى أنّه منذ 2015 لم تفِ الولايات المتحدة بوعودها سوى بـ80 مليار دولار فقط، وهناك تقديرات تشير إلى أقل من ذلك.