جاءت تصريحات وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، الخميس، لتعبر عن مخاوف رسمية من إمكانية خروج مظاهرات في الذكرى الثانية لاحتجاجات الوقود التي أودت بحياة العشرات وتوقيف المئات.
وقال وزير الداخلية الإيراني، الخميس، إن أعداء إيران (لم يسمهم) يخططون لاحتجاجات في نوفمبر كما حدث في 2019 وأن توقف محطات الوقود في إيران هي بداية لخلق المظاهرات.
وأوضح وحيدي أن الهجوم السيبراني الأخير على محطات الوقود، وقلق الناس بشأن قضية البنزين، من "تخطيط العدو".
وتأتي تصريحات وحيدي بالتزامن مع اضطرابات تشهدها محطات البنزين في جميع أنحاء إيران جراء عطل برمجي أثر على نظام الدفع بالبطاقات المدعومة وسط انتشار لقوات الأمن في بعض هذه المحطات.
هجوم سيبراني
والثلاثاء الماضي، ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا" أن قرابة 4300 محطة وقود خرجت عن الخدمة في إيران بسبب هجوم إلكتروني، مشيرة إلى أنه "تم إعادة 700 محطة منها إلى الخدمة".
وقال مدير الشؤون العامة في وزارة النفط الإيرانية، علي فروزنده، إن المسؤولين في الشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات النفطية يعقدون اجتماعا طارئا لمناقشة المشكلة، مطالبا الناس بتجنب مضخات البنزين في الوقت الحالي.
ويعتمد ملايين السائقين في إيران على بطاقات الوقود التي تستخدمها الحكومة لإدارة توزيع البنزين المدعوم.
واندلعت في نوفمبر 2019 احتجاجات في نحو 700 موقع داخل إيران، بعدما رفعت السلطات أسعار الوقود من دون سابق إنذار، واستمرت الاحتجاجات 10 أيام ألقت فيها السلطات القبض على 7113 شخصا.
وأقر مسؤولون إيرانيون بأن السلطات مسؤولة عن قتل 80 في المئة من ضحايا احتجاجا نوفمبر 2019.
وقالت وزارة الداخلية آنذاك إن عدد قتلى احتجاجات نوفمبر التي اندلعت في أنحاء إيران بسبب رفع أسعار الوقود، أقل من 225 شخصا، لكن تقديرات غير حكومية أشارت إلى أن العدد الحقيقي أكبر بكثير.
أين وقودنا؟
وفي محافظة أصفهان، جنوب طهران، تبدلت الإعلانات اللوحية بالميادين وأعلى الجسور في عدد من المحافظات، وحلت مكانها عبارة "يا خامنئي أين بنزيننا؟"
وفي هذا الصدد، كتبت وكالة "إيسنا" أن "الصور الواردة من أصفهان تظهر أن اللوحات الإعلانية الرقمية في هذه المدينة تعرضت لهجوم سيبراني". لكن تمت إزالة الخبر بعد دقائق من نشره.
وذكرت الوكالة أن الهجوم إلكتروني "قام به عملاء للأجانب"، بينما تشكلت طوابير طويلة أمام محطات الوقود في مختلف المدن الإيرانية.
ظلام وندرة مياه
وفي يوليو الماضي، شهدت مدينة الأهواز، جنوب غربي البلاد، مظاهرات واسعة سميت بـ"احتجاجات المياه" أوقعت قتلى وجرحى للمطالبة بتوفير المياه واستقالة المسؤولين في الحكومات المحلية، بسبب سوء إدارة هذه الأزمة التي تعصف بالإقليم الذي يسكنه قرابة 5 ملايين نسمة.
وترجع ندرة المياه في إيران إلى بعض العوامل المتعلقة بالطقس، بما في ذلك الانخفاض الحاد في هطول الأمطار الذي انخفض بنسبة تزيد على 40 في المئة عن مستويات العام الماضي في الأشهر الأخيرة.
كما أدى الجفاف إلى خفض المياه المستخدمة في الطاقة الكهرومائية في السدود الإيرانية، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في الأسابيع الأخيرة. ووفق خبراء فإن عقودًا من سوء إدارة الحكومة الإيرانية ساهمت أيضًا في الجفاف.
وفي الشهر ذاته، شهدت عدة محافظات انقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي جراء إيقاف تشغيل بعض المحطات وعلى رأسها بوشهر وهي أقدم محطة للطاقة النووية في إيران جراء ما قالوا إنه "عيب فني".
وحذر مسؤولو الطاقة في إيران من أزمة كهرباء مزمنة في إيران مع اقتراب الشتاء، خاصة مع استمرار الجفاف ونقص مخزون الغاز وتهالك البنية التحتية، إضافة لصناعة عملة "بتكوين" التي يستحوذ عليها الحرس الثوري الإيراني؛ حيث تستهلك حجما كبيرا من إنتاج الكهرباء.
وتمتلك إيران ثاني أكبر موارد الغاز في العالم، وواحدة من أغنى موارد النفط في العالم التي يمكن استخدامها كوقود في محطات الطاقة، ومع ذلك تعد من أكثر الدول شكوى بخصوص الكهرباء.
غليان بالشارع الإيراني
محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، قال إن تصريحات وحيدي لها بعدان أولهما أن هناك تقارير استخباراتية حول غليان بالشارع الإيراني والبلاد حبلى بعملية احتجاجية مماثلة لـ 2019 على خلفية أزمات متعددة أبرزها الطاقة والجفاف التي بالفعل شهدت خروج مظاهرات بسببها.
وأضاف أبو النور، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية": "البعد الثاني هو حالة الغضب والامتعاض التي يعيشها الإيرانيون جراء الاختراقات السيبرانية الخارجية المتواصلة دون أي رد من طهران كما حدث مع محطات نووية ومؤخرا محطات البنزين".
وأشار إلى أن الغضب الإيراني يأتي جراء حجم الميزانية الكبيرة المخصصة لـ"المجلس الأعلى للأمن السيبراني" الذي أنشأه المرشد علي خامنئي في 2012 ويرأسه رئيس البلاد.
وحول أدوات النظام لمواجهة الاحتجاجات، قال أبو النور إن النظام الإيراني يقوم على الولاء في اختيار العناصر الأمنية سواء في قوى الأمن الداخلي أو الحرس الثوري وسيتم مواجهة أي احتجاجات بالقمع كما حدث سابقا.