تحديات كبيرة وآمال كثيرة معلقة على قمة المناخ المقرر انعقادها في مدينة غلاسكو بالمملكة المتحدة في 30 أكتوبر الجاري، في ظل أجواء دولية مشحونة بالقلق من مخاطر التغير المناخي، مما يعزز من أهمية خروج المؤتمر بنتائج حاسمة في نسخته السادسة والعشرين.
وتعرف قمة التغير المناخي بالاختصار "COP26"، الذي يعني "المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخي"، وتعقد القمة بحضور 197 دولة بهدف مناقشة قضية تغير المناخ، والوصول إلى حلول المشكلات الشائكة.
وتتمثل التحديات الكبيرة التي من المقرر أن تتصدى لها قمة التغير المناخي في ثلاث قضايا، يأتي على رأسها التمويل، والمشكلات التي يواجهها صندوق المناخ الأخضر، الذي تأسس عام 2010 ويحكمه مجلس مكون من 24 عضوًا وتدعمه أمانة عامة ومقره كوريا الجنوبية.
مَهام الصندوق
سمير طنطاوي، استشاري التغيرات المناخية، والمؤلف الرئيسي مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية، يشرح دور صندوق المناخ الأخضر، والعقبات التي يواجهها في سبيل تنفيذ مسؤولياته؛ إذ يقول إن الصندوق أًنشئ بعد جولات من المفاوضات المضنية والدول المتقدمة.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن صندوق المناخ الأخضر يمثل عنصرا حاسما في اتفاق باريس للمناخ الذي اعتمد عام 2015، ويعد أكبر صندوق للمناخ بالعالم، وهو مفوض لدعم الدول النامية في إعداد وتنفيذ طموحات المساهمات المحددة وطنيًا (NDC) نحو مسارات منخفضة الانبعاثات ومرنة للمناخ.
والصندوق معنيّ بتمويل مشروعات التخفيف من الانبعاثات والتكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، بتعزيز الاستراتيجيات المتكاملة والتخطيط وصنع السياسات لتعظيم الفوائد المشتركة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما يشجع تمويل مشروعات الابتكار المناخي من خلال الاستثمار في التقنيات الجديدة.
ويوضح طنطاوي طبيعة عمل الصندوق، قائلًا: "يعمل الصندوق من خلال مجلس إدارة يتم انتخابه من خلال الدول الموقعة على اتفاق باريس للمناخ، ويكون تشكيل الأعضاء والرئيسين مناصفة بين الدول النامية والدول المتقدمة، كما يشتمل الهيكل الإداري على سكرتارية تنفيذية تقوم بكافة الأعمال الفنية".
وتابع: "كما يباشر الصندوق مهامه من خلال شبكة تضم أكثر من 200 كيان معتمد وشركاء يعملون مباشرة مع الدول النامية؛ لتصميم وتنفيذ المشروعات، وتشمل هذه الشبكة البنوك التجارية الدولية والوطنية، ومؤسسات تمويل التنمية المتعددة الأطراف الإقليمية والوطنية، ومؤسسات صناديق الأسهم، ووكالات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني".
ويكمل طنطاوي: "يقوم الصندوق بتوفير التمويل لتنفيذ المشروعات بالدول النامية، من خلال مزيج مرن من المنح أو الديون الميسرة أو الضمانات على أن تقوم الدول التي يتم تنفيذ المشروعات بها بالمشاركة في التمويل من خلال الدعم الوطني".
عقبات وتحديات
يقول استشاري التغيرات المناخية، إن أحد أهم المعوقات التي تواجه الصندوق في تحقيق أهدافه هو توافر التمويل، فمنذ 2009 في قمة المناخ التي عقدت في كوبنهاغن – الدنمارك، تعهدت الدول الصناعية بتوفير تمويل قدره 100 مليار دولار سنويا لتمويل مشروعات المناخ بالدول النامية، ولم تتحقق تلك التعهدات.
ويتابع: "حتى شهر أكتوبر الجاري قام الصندوق من تاريخ إنشائه بالموافقة على تمويل 190 مشروع فقط بكافة الدول النامية بإجمالي ميزانية تقدر بنحو 10 مليار دولار – أي ما يعادل 10 بالمئة فقط من التعهدات المالية".
هذا الأداء المترهل للصندوق، دفع الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيرش أن يضع على رأس جدول أعماله خلال قمة المناخ القادمة بغلاسكو ثلاثة موضوعات أساسية منها توفير التمويل من الدول الصناعية وضمان توزيع عادل بين الدول وبين نوعية المشروعات سواء تخفيف أو تكييف.
ماذا ينتظر الصندوق في غلاسكو؟
يجيب طنطاوي عن هذا التساؤل قائلًا: "الأمين التنفيذي للصندوق سيقدم تقرير لمؤتمر غلاسكو يوضح فيه موقف وأنشطة الصندوق عن العام السابق، ومن المقرر أن يشتمل جدول أعمال المؤتمر التفاوض على عدد من الموضوعات ذات الصلة بتمويل المناخ وعلى رأسها صندوق المناخ الأخضر".
"وفي هذا الإطار تطالب الدول النامية بمزيد من التمويل، وضمان التوزيع الجغرافي العادل لموارد الصندوق، وكذلك التوزيع المنصف لتوعية المشروعات خاصة مشروعات التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية".
ويستطرد: "على الرغم من أن قارة إفريقيا تعتبر من المناطق الجغرافية الأكثر حظًا في عدد المشروعات الممولة من الصندوق (77 مشروعا) إلا أن إجمالي التمويل المخصص لهذا العدد من المشروعات محدود؛ كون معظمها مشروعات ذات صلة بتعزيز البناء المؤسسي، ورفع الوعي وبناء القدرات في مجال التكيف، مقارنة بمشروعات التخفيف التي تحظى بتمويلات كبيرة.
مصاعب أكثر من المال
لا تتوقف الصعوبات التي يواجهها الصندوق عند محدودية التمويل، لكن تضاف أيضًا صعوبة إعداد مقترحات مشروعات ناجحة تضمن الاعتماد من اللجان الخاصة بالمراجعة والتقييم.
ويقول طنطاوي إن معظم الدول النامية تفتقر للكفاءات الوطنية لإعداد مقترحات مشروعات ناجحة؛ إذ يتطلب الأمر كمًا كبيًرا من المعلومات دراسات تفصيلية قبل الموافقة على مقترح المشروع ورفعه لمجلس إدارة الصندوق للموافقة على تمويله.
ويضيف أن خلال اجتماعها رقم 26 الذي عقد خلال الفترة من 12- 14 أكتوبر الجاري، اعتمدت اللجنة الدائمة للشؤون المالية التابعة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية تقريرًا فنيًا مستخلصًا من التقارير الوطنية المقدمة من الدول لتقييم احتياجاتها لتمويل المناخ.
وأوضح: "شملت تلك التقارير الوطنية تقارير المساهمات الوطنية، تقارير البلاغات الوطنية، تقارير الحصر كل سنتين، الخطط الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية واستراتيجيات التنمية منخفضة الانبعاثات وغيرها، وقد قام فريق من الخبراء بتقييم تلك الاحتياجات التي جاءت تقديراتها في حدود 5 تريليون دولار أميركي".
ويختتم استشاري التغيرات المناخية حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، بالإشارة إلى أنه من المتوقع أن يعتمد مفاوضي الدول النامية على تقرير اللجنة المالية في المطالبة برفع سقف التمويل المقدمة من الدول الصناعية لتمويل المناخ وخاصة لصندوق المناخ الأخضر.