بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب عن استعداد شركة مملوكة له إطلاق منصة جديد للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيل)، لمواجهة ومنافسة المنصات العالمية الموجودة راهناً، مثل فيسبوك وتويتر وأنستغرام.
فإن المراقبين توقعوا أن يتسبب مشروع المنصة الافتراضية الجديدة بشرح افتراضي داخل الولايات المُتحدة وعلى مستوى العالم، مثلما فعل ترامب على أرض الواقع خلال سنوات حُكمه الصاخبة للولايات المُتحدة.
المنصة الجديدة TRUTH Social التي أعلنت مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا Trump Media and Technology Group، عن أطلاقها، يأتي في ظل ظرفين عموميين، يدفعان نحو الاعتقاد بإمكانية حدوث شرخ داخلي وعالمي في الفضاء الافتراضي، بين ذوي النزعة المحافظة والآخرين.
فمن طرف يُعاني الرئيس الأميركي من حرمان تام من الظهور أو التعبير على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب مواقفه السياسية. بالذات تلك التي أتخذها أواخر العام الماضي، في رفض لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، ودعوة مناصريه لاقتحام مبنى الكونغرس الأميركي، الأمر الذي اعتبرته المنصات العالمية دعوات للكراهية والعنف. لذا ثمة مخاوف من أن تكون المنصة الجديدة منصة لجذب الآراء المتطرفة والخطابات العنيفة، ودون إدارة ومراقبة واضحة المعايير.
الأمر الآخر يتعلق بعشرات الملايين من مناصري الرئيس الأسبق ترامب، حيث كان ثمة قرابة 90 مليون متابع للرئيس الأسبق ترامب على وسائل التواصل الاجتماعية الأخرى، هؤلاء الذين غالباً ما سيعودون للتجمهر على منصة رئيس ترامب الجديدة، وتالياً خلق فضائيين منفصلين تماماً على وسائل التواصل الاجتماعي، داخل الولايات المُتحدة وعلى مستوى العالم.
المُحلل جيمس كايتون شرح في مادة تحليلية على موقع BBC كيف أن الرئيس الأميركي ما يزال يُسيطر فعلياً على جزء واسع من جمهور الحزب الجمهوري الأميركي، وستكون هذه المنصة جذابة لهم، وأن هذه المنصة أنما هي بمثابة تحضير أولي لإمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية الأميركية المُقبلة، خلال العام 2024. مضيفاً إن ذلك سيحدث، بالرُغم من أن منصات تواصل اجتماعي مثل فيسبوك، وبالرُغم من حظرها للرئيس ترامب، ما تزال تُظهر شخصيات محافظة قريبة فكرياً لترامب بكثافة على منصاتها وصفحاتها، مثل بيين شابيرو ودان بونجينو، إلى جانب محطات تلفزيونية وصحف أميركي محافظة، مثل فوكس نيوز وذا ديلي كولر.
موقع مجلة نيوز ويك الأميركية أعلن بخبر مفاجئ إن النُسخة التجريبية من المنصة الأميركية الجديدة تعرضت للاختراق بعد ساعات قليلة من إطلاقها. لكن درو هارويل، المراسل التقني لصحيفة واشنطن بوست أكد إن العشرات من الأشخاص قد تمكنوا من التسجيل على المنصة الجدية بنسختها التجريبية، عبر الرابط المُتاح للجمهور، بالرُغم أن الوعود الأولية من الشركة، قالت إن الإتاحة أمام الجمهور العام ستكون مع أوائل شهر نوفمبر القادم.
الكاتب والمعلق في موقع مجلة نيوز وييك الأميركية هاريسون أيوت كتب تحليلاً مطولاً محللاً هذا المشروع، الذي أعتبره بمثابة ظاهرة مستجيبة لملايين المُحبطين من أعضاء الحزب الجمهوري الأميركي وذوي النزعة اليمنية المحافظة في الولايات المُتحدة. فالمنصة الجديدة ليست الأولى التي يتم الإعلان عنها، لكنها كُلها لم تحقق نتائج واضحة وقادرة على منافسة الشركات العالمية العملاقة.
المراقبون وجهوا انتقادات إلى جُملة من الشروط والمعايير التي تفرضها المنصة الجديدة على المُستخدمين كشروط للخدمة، حسبما كتب المُحلل التقني جاكون جارفيس. فتلك الشروط تحظر على المُستخدم الوصول إلى الموقع أو استخدامه لأي غرض بخلاف ذلك الذي يحدده الموقع. ولا يجوز استخدام الموقع فيما يتعلق بأي مساع، باستثناء تلك التي تم اعتمادها على وجه التحديد أو وافقنا عليها. الأمر الذي يعني أن السياق العام للمنصة ستكون موافقة للمزاج العام والخيارات الإيديولوجيا للمحافظين في الولايات المُتحدة.