في تطور نوعي في ملف مكافحة التنظيمات المتطرفة، داهمت الشرطة والأجهزة الأمنية الألمانية عشرات المنازل والمكاتب ومراكز الإدارة لشبكة واسعة لغسيل الأموال والتحويلات غير النظامية، التي كانت تهدف مساعدة وتمويل وتسهيل الأعمال لصالح تنظيمات متطرفة في كل من سوريا وتركيا، إلى جانب أعمال أخرى غير شرعية أخرى كانت تقوم بها هذه الشبكة.
وألقت الشرطة الألمانية القبض على عشرة أفراد مشتبه بهم، في عمليات مداهمة منسقة بين مختلف الأجهزة والجهات الألمانية على المستوى الفيدرالي، في ولايات شمال الراين ويستفاليا وسكسونيا السفلى وبريمن.
وبدأت الأجهزة الأمنية تنفيذ أوامر المداهمة والاعتقال التي أصدرها القضاة في تلك الولايات، بمشاركة أكثر من ألف شرطي ورجل أمن من الوحدات الخاصة الألمانية، والتي نفذت طوال 4 ساعات من فجر الأربعاء.
وكان المدعي العام الألماني في مدينة دوسلدورف قد أكد خلال مؤتمر صحفي عقده صباح الأربعاء، أن العملية تستهدف الحصول على المصادر والأدلة والأصول الرئيسية لهذه الشبكة التي تتعامل مع جهات مشكوك بأمرها في كل من تركيا وسوريا، مذكرا بأن التحقيقات مع هذه الشبكة الواسعة لغسيل الأموال قد تكشف المزيد من الشبكات الناشطة على الأراضي الألمانية، بالذات من حيث آلية عملها.
ومن جانبه، أكد المكتب المركزي الألماني لملاحقة مرتكبي الجريمة المنظمة أن الشبكة المذكورة كانت تعمل على شكل مؤسسة غير نظامية لتحويل الأموال إلى الخارج، مقابل الحصول على أجور من ذلك، وهو أمر لا يسمح به حسب القوانين الألمانية، لأن أي تحويلات مالية يجب أن تتم تحت سيطرة هيئة الرقابة المصرفية المركزية في البلاد.
وكانت المعلومات التي أوردتها صحيفة WDR الألمانية قد ذكرت أن كشف هذه الشبكة تم عن طريق الصدفة بعد أن عثرت دورية للشرطة الألمانية على طريق سريع وسط البلاد على مبلغ 300 ألف يورو مخبأة داخل حقائب رياضية.
وبعد التحقيقات التفصيلية توصلت الأجهزة الأمنية إلى أن هذه الأموال جزء من عمل الشركة لتحويل الأموال بشكل غير قانوني عن السلطة المصرفية.
وأشارت جهات التحقيق إلى أن كمية الأموال التي تم تحويلها من قبل هذه المجموعة تجاوزت 100 مليون يورو خلال الفترة الماضية، وأن معظم تلك الأموال تم تحويلها إلى سوريا وتركيا.
كذلك كشفت المعلومات أن المصدر الأساسي لتلك الأموال كان من تهريب وتجارة المخدرات في ألمانيا ودول أخرى مجاورة.
تمويل الإرهاب
وأفاد تقرير لصحيفة "بيلد" الألمانية بأن المعلومات المتوفرة لديها تؤكد أن الأموال المحولة تم استخدامها لتمويل الإرهاب في سوريا، وأن الأعضاء الفاعلين في هذه الشبكة يتجاوز عددهم سبعين فردا، موزعين على أكثر من منطقة.
الباحث المراقب لشؤون الحركات الإسلامية المتطرفة آراس فايق، والمقيم في برلين، شرح في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" الجهود والتوجهات الجديدة للسلطات الألمانية لمكافحة التنظيمات المتطرفة، بالذات من حيث شبكات تمويلها المالي قائلا: "كانت التنظيمات المتطرفة تستفيد من السلبية السياسية الألمانية تجاه ملف الحركات الإسلامية المتشددة، وتاليا كانت هذه الأخيرة تعتبر ألمانيا ملاذا آمنا نسبيا لتنفيذ نشاطاتها غير النظامية. لكن ذلك تغير في العامين الماضيين، فألمانيا تعرضت لأكثر من هزة أمنية طوال الفترة الماضية، حيث أن الكثير من التنظيمات التي كانت تدعي القيام بالعمل السياسي والدعوي، أثبتت علاقتها مع التنظيمات المتطرفة، سواء داخل ألمانيا أو خارجها، وهو أمر صار محل ملاحظة شديدة من الرأي العام الألماني".
جدير بالذكر أن هذه العملية هي الثانية خلال العام الجاري، بعدما أعلنت الشرطة الألمانية تفكيك شبكة من المتعاونين لتحويل الأموال بطريقة غير مباشرة في منتصف يونيو الفائت، متورطة في تنفيذ 600 حوالة مالية.
كما رصدت ألمانيا تحويل أكثر من 1.6 مليار يورو خلال آخر 5 سنوات عن طريق شركات تحويل الأموال غير النظامية، يعتقد أن جزء كبيرا منها ذهب لجهات متطرفة.