بعد أسابيع من عودة حركة طالبان إلى الساحة، يواصل الجمهوريون في الكونغرس التحقيقات حيال ملف الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بينما اعتبر الديمقراطيون في مجلس النواب أن قرار الانسحاب يعود للإدارة السابقة.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الديمقراطي غريغوري ميكس خلال جلسة الاستماع لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن "فصل أنفسنا عن الحرب في أفغانستان لن يكون سهلا على الإطلاق".
ومثل بلينكن أمام لجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، إذ حاول مواجهة انتقادات كثيرة فيما يخص الإجلاء المباغت للقوات الأميركية، مما أدى إلى الانهيار السريع وغير المتوقع لقوات الأمن الأفغانية التي دربتها ومولتها الولايات المتحدة على مدى عقدين، وسيطرة حركة طالبان على كل شيء.
وأكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري جيم ريش، على استمراره في دعوة مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن للإدلاء بشهاداتهم، بما في ذلك وزير الدفاع لويد أوستن الذي رفض سابقا دعوة اللجنة.
وتابع ريش: "للكونغرس دور إشرافي حيوي يلعبه في التحقيق في الانسحاب الكارثي من أفغانستان، للوصول إلى حقيقة ما حدث من خطأ ومنع حدوث مأساة مماثلة مرة أخرى. يجب أن يشهد مسؤولو الإدارة، بما في ذلك الوزير أوستن الذي رفض المجيء من قبل للمثول أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ".
كما لفت إلى أن "الكارثة في أفغانستان هي فشل مشترك بين الوكالات، ويجب أن نسمع من جميع المسؤولين المعنيين من أجل محاسبة الأشخاص المناسبين".
ووفقا للسيناتور الجمهوري جيم إينهوف العضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، فإن اللجنة ستتولى "مراجعة منهجية" لقرار بايدن "الكارثي"، مؤكدا على أن "هذه مجرد البداية، وأتوقع أن تعقد لجنة القوات المسلحة العديد من جلسات الاستماع والإحاطة حول هذا الموضوع. الشعب الأميركي وأفراد خدمتنا في الماضي والحاضر وحلفاؤنا وشركاؤنا في أنحاء العالم، والأفغان الذين ساعدونا بشجاعة يستحقون الشفافية والمساءلة. لدينا الكثير من الأسئلة وسنواصل طلب جلسات الاستماع حتى نحصل على جميع الإجابات".
ويرى المراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة كمال الزغول، أن الجدل الدائر في الكونغرس الأميركي ليس حول جوهر قرار الانسحاب من أفغانستان، لكن حول كيفية وآلية الانسحاب، وكذلك ضعف، أو بالأحرى "فوضوية" و"عشوائية" عملية إجلاء القوات الأميركية.
ويلفت الزغول في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن كثير من الجمهوريين والديمقراطيين كانوا قد أيدوا الانسحاب سابقا، وبالتالي فإن المساءلة الآن تدور حول إدارة البنتاغون لآلية الانسحاب من أفغانستان.
"لذلك، هدد رئيس العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب مينينديز(عضو مجلس شيوخ ديمقراطي عن ولاية نيوجرسي)، الثلاثاء، باستدعاء أوستن بعد أن رفض الحضور في جلسة استماع بشأن انسحاب إدارة بايدن من أفغانستان"، وفقا للمراقب الأممي السابق، الذي يردف: "من المقرر أن يدلي أوستن بشهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في 28 سبتمبر الجاري، وهذه اللجنة مختصة بما يتعلق بعمل البنتاغون، بينما تختص لجان العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بعمل وزارة الخارجية".
ويرجح الزغول أن تطلب لجنة مجلس الشيوخ المختصة بالقوات المسلحة مذكرة رسمية من الكونغرس في حال رفض وزير الدفاع الحضور يوم 28 سبتمبر، للحيلولة دون امتناعه عن الإدلاء بشهادته، ويضيف: "من الممكن أن يؤثر ذلك على توافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول قضايا داخلية، مثل التصويت على اختيار موظفي البيت الأبيض في المواقع الحساسة، مما يعيق عمل الإدارة الحالية في المستقبل، فضلا عن عرقلة بعض البرامج الاقتصادية الداخلية للبنية التحتية، وسن القوانين الخاصة بالهجرة والحدود".
وبينما تعد التحركات داخل الكونغرس الأميركي بمثابة "مراجعة منهجية " لطريقة انسحاب بايدن من أفغانستان كما وصفها السيناتور الجمهوري جيم إينهو، فإن المؤثرات الكبرى التي لن تظهر الآن لكن مستقبلا بعد التحقيقات، هي الترويج للانتخابات النصفية في عام 2022 من قبل الجمهوريين، حسبما يوضح الزغول.
ومن المتوقع أن تخضع تداعيات ومآلات الانتخابات النصفية إلى نتائج التحقيق، وعليه فإن "الإفلات من المساءلة بالنسبة لفريق بايدن سينجيه من خسارة تلك الانتخابات، عن طريق عمل تنازلات في ملفات داخلية لصالح الجمهوريين مقابل ملفات أخرى".