يعمل العديد من الأطباء وغيرهم من عمال القطاع الصحي في أفغانستان دون أجور منذ شهور، في ظل أدوية تتناقص بصورة رهيبة، وذلك بعد مرور شهر على سيطرة حركة طالبان على البلاد.
ومن بين هؤلاء، طبيب أفغاني لم يتقاض راتبه منذ أشهر، ومع ذلك لا يزال يعمل في مستشفى حكومي في العاصمة كابل، وفوق ذلك كله تلقى تهديدات بالقتل من طرف مسلحين في حركة طالبان.
وحوالى 20 بالمئة من الموظفين في المستشفى تركوا عملهم، فلم يعد باستطاعتهم توفير لقمة العيش لأسرهم دون راتب.
ومن بقي، بمن فيهم الممرضات فيعملن من دون أجر، كما أن الأدوية تشارف على النفاد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعدات الطبية اللازمة وإمدادات الأدوية.
ويقول الطبيب الذي رفض الكشف عن اسمه خوفا على حياته، إنه في كل يوم يأتي فيه إلى المستشفى يعتقد أنه سينهار في ذلك اليوم، بحسب تقرير شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
فتى ينتظر الموت
وفي هذه المستشفى، يرقد فتى يبلغ من العمر 16 عاما في وحدة العناية المركزة. في حالة غيبوبة، بعد أن خدره مغتصبون اعتدوا عليه جنسيا.
وترك والد الفتى ابنه وحيدا في المستشفى، حيث اضطر العاملون هناك لتقييده في السرير بسبب تصرفاته اللا إرادية، في الوقت الذي يحاولون فيه الاقتصاد من الأدوية التي يمنحونها له، بسبب نقصها الشديد مع بذل الجهود لإنقاذ حياته.
ويقول الطبيب عن حالة الفتى: "إنه ينتظر الموت فقط".
وليس لدى الطبيب أي فكرة عن المدة التي يمكنه خلالها إبقاء المراهق على قيد الحياة، أو إلى متى يمكنه الاستمرار في الحفاظ على عمل المستشفى.
وقال إنه "أمر محبط للغاي، فأنا لست سياسيا، لذلك لا أشارك في هذه القرارات، لكنني أقول إن المجتمع الدولي ما كان يجب أن ينسحب بهذه الطريقة".
أفغانستان تشبه حال المستشفى
ووضع المستشفى صورة مصغرة عن أفغانستان، التي يبدو أنها تسير في المجهول.
وجُمدت أكثر من 9 مليارات دولار من الاحتياطات الأجنبية، غالبيتها في بنوك أميركية، ومع وجود وعود دولية بتقديم نحو أكثر من 100 مليون دولار كمساعدات إنسانية، إلا أن الأفغان لم يروا سوى جزءا صغيرا من المساعدات الإنسانية، في بلد يعتمد على المساعدات الخارجية.
ويمثل هذا الأمر خطرا كبيرا على الأفغان، لكن المجتمع الدولي متردد في كيفية تقديم المساعدات لشعب الأفغاني، من دون أن يؤدي ذلك إلى استفادة طالبان من هذه الأموال.
وبات الخوف ملاحظا في شوارع كابل، إذ أدت الشائعات التي تحدثت عن احتمال اندلاع اقتتال بين قيادات حركة طالبان إلى إغلاق العديد من المتاجر في العاصمة الأفغانية.
ومنعت حركة طالبان فريق شبكة "سكاي نيوز" البريطانية من تصوير المتاجر المغلقة، وسأل مسلحوها الفريق عن سبب ما يقولون إنه تركيز الفريق عن الجوانب السلبية للحكام الجدد.
وقال أحدهم:"اذهب وانظر المتاجر المفتوحة. لماذا تنظر فقط إلى هؤلاء المغلقين؟".
لا أموال
وبالفعل، وثقت شبكة "سكاي نيوز" أسواقا مزدحمة ومفتوحة، لكن في المقابل كانت هناك العديد من المتاجر المغلقة والفارغة.
ونقل المجلس الأطلسي عن محافظ البنك المركزي السابق، أجمل أحمدي، قوله إن لدى طالبان "عائدات كافية لإدارة تمرد ولكن ليس لإدارة حكومة".
وينتظر الآلاف لساعات كل يوم خارج البنوك في جميع أنحاء كابل في محاولة لسحب أموالهم، بعد أن وضعت البنوك قيودا على سحب الأموال من الأرصدة.
وقال رجل أفغاني: "من الصعب للغاية أن تكون على قيد الحياة في أفغانستان هذه الأيام".
وأضاف "هذه أموالنا. لقد أخذوها منا، ولا يريدون أن يعطوها لنا".