هيمنت الدعوات للسلام على اختفالات الإيوبيون بالعام الجديد 2014، التي انطلقت الجمعة، وسط أزمات وصراعات تعصف بالبلاد.
ويأتي العام الإثيوبي متأخرا ثمانية أعوام عن التقويم الميلادي.
طقوس فريدة
يحتفل الإثيوبيون داخل بلادهم وخارجها في مثل هذا الوقت من كل عام ببداية شهر "مسكرم" أو رأس السنة، ويتبادلون الزيارات والهدايا ويقيمون الولائم والحفلات الراقصة التي تعبر عن كل ألوان الطيف الإثني للشعب الإثيوبي البالغ تعداده نحو 120 مليون نسمة، ويتكون من قوميات عديدة أبرزها الأمهرة وتيغراي والأرومو.
والعام الإثيوبي يتكون من 13 شهرا، كل شهر منها عبارة عن 30 يوما، ما عدا الشهر الأخير وترتيبه الثالث عشر، فهو من 6 أو 5 أيام فقط.
ويطلق على الشهر الثالث عشر اسم "باغمي" باللغة الأمهرية، وهو عندهم شهر شروق الشمس أو أيام شروق الشمس، وتمارس فيه طقوس غريبة، فهو لا يعتبر شهر عمل، ولا تدفع للعاملين خلاله مرتبات.
كما أنه يعتبر أهم شهر من شهور المعتقدات الدينية للكنيسة الأرثوذوكسية الإثيوبية الشرقية، وهو شهر مقدس خصوصا للحوامل، ويتجه فيه الكثير من السكان المحليين إلى الأنهار والبحيرات للاغتسال والتقرب إلى الله.
دعوات للسلام
على عكس احتفالات الأعوام السابقة التي كانت تتميز بمظاهر الفرح والبهجة، فقد غلب على احتفالات العام الحالي طابع ديني ركز على الدعوة للسلام، وجاء ذلك بناءً على طلب من المجلس المشترك بين الأديان في إثيوبيا، الذي يضم المسلمين والمسيحيين وعدد من الطوائف الدينية.
وخصصت المساجد والكنائس وجميع دور العبادة طقوسها وخطبها الدينية من أجل الدعاء بأن يحل السلام والوئام الاجتماعي في ظل الظروف الحالية التي تعيشها البلاد، بسبب الحرب في إقليم تيغراي، التي اندلعت في نوفمبر من العام الماضي وراح ضحيتها المئات وأدت إلى نزوح نحو 100 ألف لاجئ إلى داخل الأراضي السودانية.
طعم مختلف
وفقا للصحفي فيصل الباقر المتخصص في الشان الإفريقي، فقد استقبلت إثبوبيا العام الجديد في مناخ مختلف تماماً، من أعوام مضت، إذ يأتي الاحتفال بالعام الجديد، والبلاد تعيش ما يمكن وصفه بالظروف الاستثنائية بالغة التعقيد، فتحول المزاج الشعبي من حالة الفرح السائدة في السنوات السابقة والمتنيزة بروح الوحدة والتسامح، والتمازج والتآخي بين القوميات الإثيوبية المختلفة، إلى حالة استثنائية يظللها الخوف والكآبة، والحزن علي فقد الأحباب.
وأوضخ فيصل لموقع "سكاي نيوز غربية": "في اختفالات العام الجديد لم يعد الغناء والرقص بذات الأنغام المفرحة والايقاع البهيج؛ وغلبت على طابع الاحتفال الدعوات بأن يسود الأمن والاطمئنان".
يبقى الفرح
لكن على الرغم من الطابع الحزين الذي لون احتفالات العام الحالي، بدت مظاهر الاختفال حاضرة في المدن الإثيوبية والعديد من العواصم العالمية التي يعيش فيها عدد كبير من المغتربين.
وفي العاصمة السودانية الخرطوم، حيث يعيش أكثر من مليون إثيوبي تجمع الشباب والشابات في الساحات العامة والمطاعم والمقاهي مرتدين الملابس الوطنية الملونة.
وتعبر بتانيا، وهي شابة إثيوبية في العقد الثاني من العمر، أثناء اختفالها مع عدد من صديقاتها في أحد الأماكن العامة في الخرطوم، عن فرختها بقدوم العام الجديد وتفاؤلها بأن يحمل السلام لبلادها.
وتقول بتانيا لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الشعب الإثيوبي يتميز دائما بالتفاؤل، لذلك فهي تأمل بأن تكون الشهور المقبلة شهورا لعودة الوئام والسلام.
يرتبط السودان بحدود مشتركة وعلاقات تاريخية مع إثيوبيا. ويعمل غالبية الإثيوبيين في السودان في أعمال هامشية صغيرة ، في ظل حالة من التعايش مع السودانيين.
وتاكيدا للعلاقات التاريخية بين الشعبين، بادر رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد علي، في السابع من يونيو الماضي للقيام بأول وساطة لحل الأزمة السودانية بعد تعثر المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري عقب الإطاحة بنظام المخلوع عمر البشير في أبريل 2019.
ووجدت الوساطة الإثيوبية صدا واسعا في الشارع السوداني، وتكللت في نهاية الأمر بنجاح كبير اسفر عن توقيع اتفاق تاريخي في أغسطس 2019، قاد إلى حل الأزمة وتشكيل حكومة انتقالية.