في خطوة أثارت الغضب والقلق بشأن حقوق النساء في أفغانستان، أكدت حركة طالبان التي تحكم سيطرتها على البلاد أنها ستفرض قيودا مشددة على ممارسة المرأة للرياضة، قد تصل إلى حد منعها من ذلك.
وقال نائب رئيس اللجنة الثقافية للحركة أحمد الله واثق في لقاء تلفزيوني، إن "ممارسة الرياضة ليست حاجة ضرورية ومهمة للنساء في أفغانستان".
وأردف واثق أن "حكومة طالبان لن تسمح للنساء بالرياضة، التي يمكن خلال القيام بها الكشف عن أجسادهن، وهو الأمر الذي لن تتهاون معه الحركة".
وأضاف: "نحن نعيش في عصر الإعلام، لهذا ستنتشر صور ومقاطع فيديو للنساء وهن يمارسن الرياضة التي تكشف عن أجسادهن ثم يشاهد الناس ذلك. لن نسمح بهذا الأمر مطلقا".
وتعليقا على ذلك، قال أستاذ الشريعة الإسلامية والقانون في جامعة سلام بالعاصمة كابل فضل الهادي: "أعتقد أن هذا التصريح صادر عن مسؤول غير معني بالرياضة ولا يمثل السياسة الجديدة لحركة طالبان، أو لنقل التغيرات التي طرأت على خطابها وسلوكياتها في نسختها الجديدة. ينبغي ألا تمنع الحركة الرياضة عن النساء، لكن ربما يكون هناك شروط وضوابط معينة قد تعلن عنها الحركة، ولا أظن أن منع الرياضة بالمطلق سيكون قرارا قاطعا لها. إنه لا ينسجم على الأقل مع السياسة المعلنة للحركة حول عدم منع النساء من الحق في الدراسة والتعليم".
ومنذ الأيام الأولى لسيطرتها على أفغانستان، كانت الحركة المتشددة قد تعهدت باحترام حقوق المرأة لكن "دون التعارض مع الشريعة".
وتابع الوادي لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الناحية الشرعية ممارسة الرياضة في دائرة المباحات للرجال والنساء، لكن وكما أن هناك ضوابط وآداب وأخلاقيات لممارستها حتى للرجال، فكذلك ثمة ضوابط وشروط لممارستها من قبل النساء أيضا، ولا ننسى هنا أن المجتمع الأفغاني مجتمع محافظ مثل معظم المجتمعات الإسلامية. لا بد من أخذ ذلك في الاعتبار".
ويردف الوادي، الذي يشغل منصب رئيس مركز أفغانستان للدراسات والإعلام: "في كل الأحوال فإن منع الرياضة أمر مناقض لأحكام الشريعة الإسلامية. هو منع لأمر مباح وحلال، وحتى قبل مجيء طالبان فإن الفتيات الأفغانيات كن يمارسن الرياضة في إطار من الاحتشام والالتزام بالحجاب وتغطية الرأس وستر أجسادهن، لذلك فالموضوع نسبي ويتعلق بعادات وتقاليد كل مجتمع".
وقالت ناشطة نسوية أفغانية رفضت كشف اسمها لاعتبارات أمنية، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "مع الأسف نحن نساء أفغانستان وفتياتها الضحية الأولى لعودة طالبان المشؤومة وسيطرتها على البلاد، لكن الحركة المتطرفة لن تكتفي بقمعنا وهضم حقوقنا نحن كنسوة فقط، بل سيطال شرها ومنهجها المتشدد والمنافي لروح العصر كافة قطاعات المجتمع ومستوياته".
وأضافت: "مع النزر اليسير الذي حققناه في الارتقاء بواقع المرأة الافغانية الذي يعد أحد أسوأ النماذج حول العالم وأكثرها ترديا وبؤسا، ها هو كل شيء ينهار. بات أناس عنيفون ومتطرفون يتحكمون بنا وبمصائرنا وفق عقليات متحجرة، ويحددون لنا طرق عيشنا وحركاتنا وسكناتنا".
وأوضحت الناشطة: "نحن في وضع لا نحسد عليه كون التعاطي معنا يتم بدونية، وكأننا لسنا بشرا حتى. تقرير شأننا يتم دون إرادتنا، فمثلا بأي حق ستمنع نساء أفغانستان من الرياضة، وهي ممارسة صحية ونشاط بدني ضروري وملح يسهم في تعزيز مناعتنا وصحتنا والترويح عن أنفسنا وتجديد طاقتنا، فما الجريمة في كل ذلك؟ وما وجه الخطيئة في ممارستها من قبل المرأة؟".
وتتابع: "حين نسير في الشوارع الآن نشعر بالاغتراب والتوجس والريبة وكأننا تسير في حقل ألغام. لا أعرف بالضبط في أي لحظة سأتعرض فيها لتحرش من قبل عناصر طالبان ولمضايقاتهم، التي يبررونها دوما تحت حجة تطبيق الشريعة، في حين أنهم يسعون لكبت المجتمع وتنميطه وتحويله لجثة هامدة بلا حراك".
وتكررت على مدى الأيام الماضية المظاهرات النسائية في كابل، للمطالبة بالمساواة وعدم فرض سياسات تمييزية بحق الأفغانيات من قبل طالبان، التي تعاملت مع المسيرات الاحتجاجية بالعنف، عبر إطلاق الأعيرة النارية في الهواء واستخدام الغاز المسيل للدموع، وغير ذلك من الممارسات.