خيمت مزيد من الشكوك على العام الدراسي الجديد المرتقب في أفغانستان، فبعد رحيل كثير من المعلمين وغموض سياسة طالبان بشأن الفتيات، جاء الدور على توقف دعم المنظمات المساندة للتعليم وهو أمر يعتبر بالغ الأهمية في بلد يعتمد على العون الخارجي.
وأوقفت هذه المنظمات شتى أنواع الدعم الذي تقدمه للمدارس في أفغانستان، منذ أن سيطرت حركة طالبان على البلاد، معبرة عن خشيتها على سلامة الكادر التعليمي الذي تتعاون معه، بالإضافة لمخاوفها مما قد يتعرض له المتعاونون معها، باعتبارها جهات تمويل أجنبية.
جمعية "الأمل بأفغانستان"، المعروفة محلياً بـ"أميد"، تضم الآلاف من المغتربين الأفغان، أوقفت نشاطاتها داخل البلاد، معلنة أن ذلك سيستمر حتى يتضح نظام الحكم الذي ستستقر عليه أفغانستان.
وقالت إن الإيقاف يطال جميع أنواع الدعم الذي كانت تقدمه، إن من خلال بناء المدارس أو تأهيل الكادر التربوي أو تقديم القرطاسيات والمواد العينية الأخرى.
مساعدات ضخمة
وتشملت مساعدات هذه الجمعية 20 ألف طالب أفغاني سنوياً، وتبلغ قيمة مصروفاتها في القطاع التربوي أكثر من 10 ملايين دولار سنوياً، ركزت خلال السنوات الماضية على بناء المدارس الصناعية المتوسطة للفتيات في المناطق النائية.
المدير العام الأسبق في وزارة التربية بالحكومة الأفغانية السابقة، رهبار شركادي، قال لموقع "سكاي نيوز عربية": "بعد العام 2001 اتسع القطاع التعليمي بشكل تصاعدي في أفغانستان، حيث قفزت أعداد الطلبة من قرابة 50 ألف طالب كانوا يدرسون في مدارس دينية أو ابتدائية متواضعة، إلى نحو 10 ملايين طالب في مختلف مراحل التعليم ما قبل الجامعي".
وأضاف "كانت الميزانيات والقدرات اللازمة لتلبية هذا الصعود بمقدار 20 ضعفا (مقارنة بالسابق)، وتحتاج بالتالي إلى مساعدات مالية ومساندة مهنية من مختلف الجهات الداخلية والعالمية".
دعم بالغ الأهمية
وتابع: "المساعدات الخارجية للقطاع التعليمي في أفغانستان تغطي حوالى ثلث الحاجات المحلية للتعليم. وهي كانت تتوزع بين منظمات الأمم المُتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية، ومن جهة أخرى كانت الجهات غير الربحية الأوربية والأميركية وحتى اليابانية تغطي جزءا كبيرا من قطاع إعادة تأهيل البنية التحتية والكوادر التعليمية. أما المغتربون الأفغان، فقد كانوا يدعمون المؤسسات التعليمية في مناطقهم المحلية، خاصة بالأرياف والبلدات الطرفية".
ولا تثق الجهات الدولية والأفغانية المهاجرة بالسياسات التي يمكن أن تتخذها حركة طالبان في قطاع التعليم، بالرغم من وعودها بالسماح للنساء بالتعليم، خاصة أن هذه الوعود محل شكوك كبيرة.
وعبرت العشرات من الجمعيات الداعمة للتعليم في بيانات إعلان توقف نشاطاها في أفغانستان من القلق أن تتحول جهودها إلى مُجرد تقديم أموال ومساهمة لما تنوي حركة طالبان بتكريسه في البلاد.
لم تُصدر عن حركة طالبان أي تعليق على بيانات الجمعيات والجهات الداعمة لعملية التعليم، بالرغم من تعليق المُتحدث الرسمي باسم الحركة ذبيح الله مجاهد عن حرص الحركة على الحفاظ على الكوادر والمواهب في أفغانستان.
التوقعات الأولية من جانب هذه المؤسسات ومؤسسات الدعم الأوربية، تقول إن إيقاف هذه المساعدات الخارجية قد يعرض أكثر من 700 مدرسة أفغانية للتوقف، كذلك سيوقف البناء والتأهيل والتدريب لألف مدرسة أخرى، خاصة تلك التي تدعم التعليم للفتيات وفي المناطق الريفية القصية.
وكان الكثير من المعلمون والنخبة التعليمية والأكاديمية في أفغانستان اختارت أن ترحل عن البلاد، مع سيطرة حركة طالبان على البلاد، معتبرين أن الحركة تتناقض مع مبدأ حرية التعليم.