بينما تتوارد الأنباء حول تمكن حركة طالبان من محاصرة ولاية بانشير شمال شرق العاصمة كابل، والتي ما تزال خارج سيطرة الحركة وتتمركز فيها أغلب القوى المعارضة لطالبان، أعلن السياسي الأفغاني أحمد مسعود رفضه الاستسلام العسكري.
وأكد مسعود أن مؤيديه من الميليشيات المحلية والآلاف من أفراد القوات الخاصة الأفغانية الذين وصلوا قبل أيام إلى منطقة وادي بانشير، مستعدون للقتال في حال رفض حركة طالبان تشكيل "حكومة شاملة ذات قاعدة عريضة في كابول تمثل كل الجماعات العرقية المختلفة في أفغانستان"، حسب تعبيره.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُشير فيها مسعود إلى القوات الخاصة الأفغانية، واعتقاده بأنها قادرة على التصدي لحركة طالبان، وهو الأمر الذي دفع المراقبين للتساؤل حول الإمكانية الحقيقية لهذه القوات، مقارنة بالقدرات العسكرية لحركة طالبان، خصوصاً بعد استيلائها على ترسانة من الأسلحة الحديثة التي خلفها الجيش الأفغاني خلفه أثناء عملية انسحابه من المناطق التي سيطرت عليها طالبان.
القوات الخاصة الأفغاني، التي تُعرف محلياً باسمها التقليدي "الكوماندوس، كانت تشكل حوالي 7 بالمائة من مجموع أفراد الجيش الأفغاني، الذي كان يُقدر بحوالي 300 ألف مُقاتل، وتالياً فأن أعداد القوات الخاصة الأفغانية كانت بحدود 20 ألف مقاتل. لكن المعلومات المتداولة في ولاية بانشير تقول إن أعداد مقاتلي القوات الخاصة التي وصلت إلى الولاية تتراوح بين 8-10 آلاف مقاتل.
يد عليا في العمليات الخاصة
طوال السنوات الماضية، خاضت القوات الخاصة الأفغانية مئات المواجهات ضد حركة طالبان، وتشير التقديرات إلى أن 80 بالمائة من المواجهات الميدانية بينمها، أدت لهزيمة مقاتلي حركة طالبان، بالذات في السنوات الثلاث الأخيرة، بعدما راكمت هذه القوات خبرات متتالية منذ العام 2007، وقت تأسيسها.
فأفراد القوات الخاصة الأفغانية كانوا يخضعون لتدريبات مُركزة لشهور، شبيهة بما كانت الوحدات الأميركية من نفس الفصيلة يخضعون لها في الولايات المُتحدة، بما في ذلك تدريبات الـ14 أسبوعاً، التي يتلقاها أفراد هذا التنظيم، التي تُعتبر الأقسى على الاطلاق في مختلق تدريبات الجيوش في العالم. كذلك كانت هذه الفرقة من الجيش الأفغاني تتلقى تسلحاً خاصة، خصوصاً في مجال الاتصالات والحرب عبر الطائرات المُسيرة والأسلحة الحرارية.
التحليلات العسكرية أجمعت على أن القوات الخاصة الأفغانية كانت قادرة على الاحتفاظ بالعاصمة كابل لشهور، لكن الانهيار السياسي والفوضى اللوجستية لمختلف القطاعات المُساندة، دفعها للانسحاب نحو وادي بانشير.
تحد ليس سهلا
في معركتها المرتقبة، فإن القوات الخاصة الأفغانية تعاني ضعفاً في مسألتين رئيسيتين، حسب الباحث الأفغاني روند شلالي، أولهما: " أن مُدة وصول القوات الخاصة إلى مواقعهم الجديدة في ولاية بانشير لا تتجاوز خمسة أيام، وقد وصلوها بعد قرابة شهرين كاملين من القتال في مختلف مناطق البلاد".
ويقول شلالي لسكاي نيوز عربية :" هذه المُدة غير كافية بتاتاً لأن تكون هذه القوات قد أعادت ترتيب صفوفها وخلق خطوط دفاع وتنسيق وتواصل عسكري فيما بينها".
وكذلك سيكون هناك فجوة كبيرة في الدعم اللوجستي الذي كانت تتلقاه هذه القوات أثناء المواجهات السابقة مع حركة طالبان.
"فقد كانت هناك مراكز إدارة وتواصل وإمداد منظمة تزودها بالمعلومات والإحداثيات والسلاح بشكل متدفق أثناء تلك المعارك، وهي مبدئياً غير متوفرة".
وفي بعض المناطق صارت هذه المراكز بأيدي مقاتلي حركة طالبان، "لكن الأهم هو فقدان هذه القوات لآليات عملها المُتقدمة أثناء المعارك، بالذات الطائرات المُسيرة وأسلحة الهجوم الليزرية والحرارية".
لكن المراقبين يُشيرون إلى أن معركة بانشير بين مقاتلي طالبان والقوات الخاصة الأفغانية أنما ستتحصل بأنماط حرب الميليشيات، أي من خلال المواجهات الميدانية المباشرة في الجبال الحصينة لمنطقة بانشير.