تحوم الشكوك والأسئلة حول الاتفاق النووي مع إيران، في ظل عدم تحديد طهران لأي موعد جديد من أجل العودة إلى المفاوضات التي جرت عبر عدة جولات منذ أبريل الماضي، بين إيران ومجموعة "5+1"، لكنها أخفقت في التوصل إلى تسوية.
ولم تجب إيران على "الأسئلة الصعبة" التي توقفت عندها المفاوضات، بينما تتلاحق التقارير الدولية التي تشير إلى نهم طهران في تخصيب مواد تدخل في صناعة القنابل النووية وبنسب عالية للغاية، مما جعل الولايات المتحدة تقول إن الاتفاق النووي بين إيران ودول المجموعة الدولية قد يكون برمته في خطر.
المبعوث الأميركي المكلف بشؤون إيران وملفها النووي، روبرت مالي، قال في مقابلة خاصة مع موقع "ناتسيك ديلي"، إن علامة استفهام كبرى تدور حول الاتفاقية التي تم توقيعها خلال 2015، لأن إيران تسعى لاستمرار المفاوضات إلى "ما لا نهاية"، دون أية إجابات على الأسئلة الأساسية.
كما لفت إلى أن إيران "استمرت في اتخاذ خطوات نووية استفزازية، إلى جانب تطلعاتها وأفعاها الإقليمية، فإن كل شيء يدفع للقول إن الاتفاق النووي لم يعد له معنى".
المبعوث الأميركي كشف بشكل استثنائي الخطوات التي يمكن أن تقدم عليها بلاده في حال توصل الاتفاق إلى جدار مسدود. فالولايات المتحدة يمكن أن تقدم على اتفاق منفصل مع إيران في تلك الحالة، سيكون مختلفا تماما عما يتضمنه الاتفاق النووي الحالي.
والمستوى الآخر، حسب المبعوث الأميركي، يتعلق بحزمة من الردود العقابية التي قد تطال إيران، على أن يجري الاتفاق عبرها مع الحلفاء الأوربيين، فيما رفض تحديد نوعية تلك العقوبات.
المفاوضات النووية بين إيران والمجموعة الدولية في العاصمة النمساوية فيينا، والتي كانت تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، توقفت خلال الشهرين الماضيين لثلاثة أسباب. فإيران ترفض مناقشة أية مواضيع استراتيجية لا تتعلق بملفها النووي مباشرة، مثل برامجها للصواريخ الباليستية وشرائها لمواد قد تكون ثنائية الاستخدام.
السبب الثاني يتعلق بكون المفاوضات تزامنت مع إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي أوصلت الرئيس الذي يوصف بالمتشدد، إبراهيم رئيسي، مما يدفع المراقبين إلى إبداء شكوك في إمكانية موافقته على اتفاق نووي جديد، يظهره كمتهاون في ملفات الأمن القومي الخاصة بالبلاد.
أما المسألة الثالثة فتتعلق بتعقد الأوضاع الداخلية الإيرانية، مثل التظاهرات والضغوط الاقتصادية التي يعاني منها النظام الإيراني داخليا.
المختص في الشؤون الإيرانية رحمي برانبارد، شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، الضغوط التي قد تتعرض لها الإدارة الأميركية في الملف النووي الإيراني بسبب أحداث أفغانستان الأخيرة.
وقال: "ستحرص الإدارة الأميركية طوال السنة المقبلة على أن تبدو بمظهر الجهة الحريصة على الأمن القومي والمصالح العليا للولايات المتحدة ومصالحها بعيدة المدى".
وأضاف: "ما جرى في أفغانستان خلق المزيد من الاتهامات لهذه الإدارة ومسؤوليتها تجاه منع انتشار الفوضى والمس بالأمن القومي الأميركي. وفي حال تهاونها أو توقيعها لاتفاق نووي مشكوك فيه مع إيران، سيكون بمثابة انتحار سياسي في مواجهة الخصوم داخل الولايات المتحدة، وهو أمر مستبعد تماما أن تقوم به الإدارة الحالية".
وحول إمكانية إلغاء الاتفاق النووي بشكل نهائي من قبل الولايات المتحدة، قال الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات، عمران إبراهيم، لموقع "سكاي نيوز عربية": "سياسيا يبدو ذلك مستبعدا تماما، لأنه ليس هناك توافق بالحد الأدنى بين القوى الدولية، حتى بين قوى حلف الناتو نفسها، حول اليوم التالي لإلغاء الاتفاق، وكيفية مواجهة أي تصعيد إيراني، أو إمكانية تحقيق عقوبات اقتصادية ومالية بالحد الأقصى لأهداف المجموعة الدولية. دفع إيران للقوى الدولية بهذا الاتجاه، يغدو بمثابة المشي على حافة الهاوية".