بعد أن أصبحت واشنطن على يقين بأن العاصمة الأفغانية ستسقط في قبضة حركة طالبان، دخلت في مفاوضات معها بشأن السفارة الأميركية في كابل، وفق ما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، الجمعة.
وهذه أول مرة يكشف فيها النقاب مع مفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان بشأن السفارة الأميركية، إذ كانت المفاوضات السابقة متصلة بعملية السلام بين الحكومة الأفغانية والحركة.
وكانت الإدارة الحالية والسابقة في واشنطن تقول إن المفاوضات مع طالبان تتعلق حصرا بخلق مناخ توافقي بين طالبان وحكومة الرئيس أشرف غني.
ويبرز تقرير الصحيفة الأميركية أن احتمال سقوط العاصمة الأفغانية بات في حكم المؤكد، خاصة من اقتراب مقاتلي طالبان منها.
وقالت "نيويورك تايمز" نقلا عن ثلاثة مسؤولين أميركيين إن المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد هو الذي يقود المفاوضات حاليا، حيث يحاول انتزاع تأكيدات من حركة طالبان بأنها لن تهاجم السفارة الأميركية في كابل، في حال استولت الجماعة المسلحة على العاصمة وأرادت الحصول على مساعدات أجنبية.
وتسعى هذه المفاوضات إلى تجنب الإخلاء الكامل للسفارة الأميركية، مع تسارع وتيرة سقوط المدن الأفغانية في أيدي حركة طالبان.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، الخميس أن بلاده ستعيد عددا غير محدد من 1400 موظف أميركي يعملون في مقر السفارة الأميركية، وذلك في إطار تقليص الوجود الدبلوماسي هناك.
الأهداف الأميركية
ورغم أن تقدم حركة طالبان يثير الرعب في كابل، إلا أن واشنطن لا تريد أن تخلي السفارة، وفق ما قال برايس.
وقال 5 مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين إن المزاج العام داخل السفارة هو القلق والتوتر، مع اقتراب شبح إقفال السفارة التي افتتحت عام 2001.
ويأمل خليل زاد في أن يقنع حركة طالبان بالإبقاء على السفارة الأميركية مفتوحة وبعيدة أن أي أعمال عنف تمسها، وذلك في مقابل تلقي مساعدات مالية أو أي مساعدة أخرى كجزء من حكومة البلاد المستقبلية.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن قيادة حركة طالبان إنها تريد أن يُنظر إليها على أنها ممثل شرعي لأفغانستان، وتسعى لإقامة علاقات مع قوى عالمية أخرى، بما في ذلك روسيا والصين، في خطة ترمي في جانب منها لتلقي المساعدات.
وقال مسؤول أميركي إن حركة طالبان ستفقد أي شرعية في حال استولت على كابل أو أزاحت الحكومة الأفغانية عن السلطة.
ومن جانبه، يقول الباحث الأميركي العراقي، ريبوار أمينكى لموقع "سكاي نيوز عربية": "القادة الميدانيون الأميركيين كانوا مشاركين مباشرين طوال جولات المفاوضات، وهم كانوا الأكثر معرفة بتوازنات القوة والوضع الميداني على الأرض، بالإضافة لمعرفتهم التامة بنوايا حركة طالبان نفسها".
وأضاف: "غالباً كان القرار السياسي الحاسم بالانسحاب، دافعاً لهم لطرح موضوع مستقبل السفارة الأميركية في العاصمة، كضمانة وحيدة لعدم الدخول في منطقة (الهزيمة الماحقة)، وهو أمر وافقت عليه الإدارة السياسية غالباً".
المسؤولون كذبوا
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عبر تقرير مفصل من جزأين بعنوان "وثائق أفغانستان" ما أسمته التاريخ السري للحرب الأميركية في ذلك البلد.
وكشفت الصحيفة أنها أجرت مقابلات مع أكثر من ألف مسؤول أميركي عملوا في أفغانستان، خلال فترات خمسة إدارات أميركية متتالية.
واقرا هؤلاء بأهم نقلوا "معلومات مُضللة" إلى الجمهور الأميركي.
وذكرت الصحيفة "لقد اختار القادة السياسيون والعسكريون دفن أخطائهم وترك الحرب تطول. وتوج ذلك بقرار الرئيس جو بايدن الانسحاب من أفغانستان هذا العام، وطالبان في أقوى فتراتها".