جددت مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، دينا مياتوفيتش، دعوة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للسماح بعودة مواطنيها من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، المحتجزين في مخيمات الاحتجاز لدى قوات سوريا الديمقراطية.
وتمثل عودة عناصر داعش إلى الدول الأوروبية خطرا كبيرا على أمن تلك الدول كما تقول، لكن ثمة تباينات بشأن الكيفية التي يجب فيها التعامل مع هؤلاء.
إجماع لرفض عودتهم
ويقول الباحث بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، حازم سعيد، إنه بالنظر في سياسات أوروبا بشأن عودة الراشدين من مقاتلي داعش، نجد أن هناك شبه إجماع على عدم استعادتهم من مناطق الصراعات، ومازالت سياسات الدول الأوروبية مختلفة حول استعادة رعاياها الأجانب من المخيمات.
ويوضح سعيد في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن لبعض الدول الأوروبية مثل هولندا وألمانيا عددا ليس بالكبير من البالغين والرجال من هؤلاء.
وتتوافق حكومات عديدة مع رأي بريطانيا وفرنسا برفض عودة مقاتليهما الرجال البالغين وتطالبان بمحاكمتهم أمام محاكم محلية، وفق سعيد.
تهديدات أمنية
ويوضح الباحث في مكافحة الإرهاب أن ملف عودة مقاتلي داعش الأوربيين من مخيمات الاحتجاز في سوريا يشهد انقساما حادا داخل دول أوروبا، إذ يرى البعض أن استعادة مقاتلي داعش سيشكل تهديدات أمنية تتمثل في نشر التطرف وتسريع وتيرة الاستقطاب والتجنيد بهدف تنظيم هجمات إرهابية.
وفي المقابل، يرى فريق آخر أن الخطر الأكبر هو ترك مقاتلي داعش في مراكز الاحتجاز ما يعد بمثابة قنبلة موقوتة تستهدف أوروبا، بحسب سعيد.
ويشير الباحث إلى وجود مطالبات من مفوضية مجلس أوروبا لحقوق الإنسان للدول الأعضاء بالمجلس في السماح بعودة مواطنيها من مقاتلي داعش المحتجزين في سوريا، وسط اعتراضات وانتقادات من العديد الدول الأوروبية أبرزها فرنسا وبريطانيا.
كما رفض القضاء البريطاني عودة بريطانية التحقت بتنظيم داعش في سوريا، حيث تم تجريد "شميمة بيغوم" من جنسيتها البريطانية بدعوى أنها تشكل خطرا أمنيا.
وقضت محكمة سويدية بالسجن 3 سنوات على امرأة التحقت بداعش ومعها طفلها في سوريا.
لماذا ترفض أوروبا عودتهم؟
ويرجع سعيد تشديد الإجراءات الأوروبية تجاه مقاتليها إلى أسباب عدة منها القانوني، كون جمع الأدلة ضد المقاتلين الأجانب من مناطق الصراعات أمرا بالغ في التعقيد، كما لا تتوفر آلية أوروبية قانونية للتعامل مع الإجراءات الجنائية لإدانتهم.
ومن الناحية الاقتصادية، تعد تكلفة استعادة المقاتلين الأجانب مرتفعة خاصة التكلفة المتعلقة بإجراءات المراقبة والمحاكمات وتكاليف إعادة الإدماج.
ومن الناحية السياسية هناك مخاوف من استثمار اليمين المتطرف لملف عودة المقاتلين وخسارة الأغلبية البرلمانية والأصوات الانتخابية.
باريس في مقدمة الخطر
ووفق سعيد، تحتل باريس المرتبة الأولى من حيث عدد النساء المحتجزات والأطفال واستعادت فرنسا (7) أطفال فرنسيين في مطلع 2021.
وللمرة الأولى استعادت السلطات الألمانية في أغسطس 2019 (4) أطفال. وفي عملية تعد الأكبر من نوعها استعادت بلجيكا (10) أطفال من أبناء مقاتلي داعش و(6) أمهات من مخيم روج في شمال شرق سوريا وتتخذ السلطات البلجيكية موقفا فريدا من نوعه تجاه عودة الأطفال والأمهات.
ويؤكد ذلك تصريح رئيس الوزراء البلجيكي بأنه مستعد لأن "يفعل كل شيء" لإعادة جميع الأطفال البلجيكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 عاما وما دون مع معالجة حالات الأمهات كل على حدة.
واعتزمت الدنمارك استعادة (19) طفلا تتراوح أعمارهم بين عام و 14 عاما و(3) من أمهاتهم تم تسليم الحكومة الهولندية (3) أطفال وسيدة، من عائلات مقاتلي التنظيم الإرهابي.
ويشير الباحث بالمركز الأوروبي إلى أن هناك خلافات أوروبية بشأن إعادة المزيد من الأطفال وأمهاتهم، فقد اتخذت بعض الحكومات الأوروبية سياسات بشأن إعادة إدماج أطفال داعش في المجتمع، عبر فصل الأطفال عن الآباء والأمهات، ووضعهم بدور الحضانة أو مع الأقارب.
ورفعت عائلات دعاوى قضائية ضد فرنسا بعد رفضها لإعادة أقارب معتقلين في مخيم الهول بسوريا.
وتقدر أعداد الدواعش في مخيم الهول بنحو 10 آلاف مقاتل من جنسيات مختلفة، وتقدر أعداد الفرنسيات بنحو 80 فرنسية و200 طفل، بعد استعادة فرنسا 35 طفلا دون عائلاتهم في أعمار أقل من 10 سنوات.
وفي عام 2019، سحب القضاء البلجيكي الجنسية من 13 شخصا بسبب انضمامهم لداعش.
وخلال العام الماضي، استعادت فرنسا 10 أطفال من مخيمات سوريا، وأعادت بلجيكا 3 سيدات أرامل لمقاتلين بداعش و6 من أطفالهن، واستعادت حكومتا فنلندا وألمانيا 5 نساء و18 طفلا، بحسب المركز الدولي لدراسات التطرف التابع لـ"كينجز كولدج" في لندن.
والعام الماضي، لجأت أميركا إلى حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قانون يخص مصير المقاتلين الأجانب، اعتراضا على عدم تضمنه فقرة تطالب بإعادتهم إلى بلدانهم.