"استعراض للقوة" ولتمدد أذرع إيران الميليشياوية في الخارج.. بهذه الكلمات فسَّر خبراء السبب وراء ظهور قادة الميليشيات الإيرانية أو الموالية لإيران في عدد من بلاد العالم في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، فيما أعلنت واشنطن أن معلومات استخباراتية تفيد بأن ثمة خطرا جديدا في النشاط الإيراني بالمنطقة.
واعتبر الخبراء في حديثهم لـ"سكاي نيوز عربية" أن استعراض القوة هذا تريد إيران أن تضغط به على المجتمع الدولي؛ كنوع من التهديد بإثارة القلاقل في عدد من البلاد عبر هذه الأذرع، إن نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وعيدهم بالرد على حادثة استهداف ناقلة النفط الإسرائيلية في بحر العرب قبل أيام، والتي يتهمون طهران بالوقوف ورائها، فيما ترفض هي هذا الاتهام.
وممن حضر حفل تنصيب "رئيسي"، الثلاثاء، وفد ميليشيا الحوثي من اليمن برئاسة محمد عبد السلام الذي استقبله الرئيس الإيراني الجديد وبحث معه الأوضاع في اليمن.
وكذلك حضر في الصفوف الأمامية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة بفلسطين إسماعيل هنية، ونائب رئيس حزب الله في لبنان الشيخ نعيم قاسم، ووفد قيادي من حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، برئاسة الأمين العام للحركة القائد زياد النخالة، وعدد من قيادات الميليشيات التابعة لإيران في العراق.
ومن داخل إيران، حضر قائد فيلق القدس في ميليشيات الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، المسؤول عن العمليات الخارجية وصناعة الميليشيات في البلدان المستهدفة.
وفي إشارة ذات مغزى، جرى تعليق صور قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني، المعروف بدوره في صناعة ميليشيات "الحشد الشعبي" في إيران، و"الحوثي" في اليمن، ورعاية عدة حركات في فلسطين ولبنان، بخلاف ميليشيات وحركات أخرى وصلت لعمق إفريقيا، مثل الحركة الإسلامية التي يتزعمها إبراهيم زكزاكي في نيجيريا.
وإلى جانب صور سليماني، ظهرت صور أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، والاثنان قتلتهما غارة أميركية في بغداد يناير 2020 بعد اتهامهما بالوقوف وراء الكثير من العمليات الإرهابية في العالم.
وخلال حفل التنصيب، أكد رئيسي على "وقوف إيران إلى جانب من تصفهم بـ"المظلومين" في كل مكان؛ بما في ذلك أوروبا وأميركا وإفريقيا واليمن وسوريا وفلسطين، وهو ما يشكل رسالة بأن استغلال هذه الميليشيات في العمليات الإرهابية سيتعاظم في عهده.
والخميس، صرح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لـ"سكاي نيوز عربية" بأن: "معلومات استخباراتية تفيد أن ثمة خطرا جديدا في النشاط الإيراني بالمنطقة".
حرب السفن
حضور أذرع إيران في المنطقة، تزامن مع ارتفاع حالة التوتر في الخليج العربي وبحر العرب، بعد تعرض ناقلة النفط "أسفلت برينسيس"، التي ترفع علم بنما قبالة شواطئ الإمارات العربية المتحدة، لمحاولة اختطاف، الثلاثاء، اتهمت وزارة الخارجية الأميركية إيرانيين بالوقوف وراءه.
وأتى هذا بعد أيام قليلة من تعرض ناقلة النفط الإسرائيلية "ميرسر ستريت" قبالة سواحل سلطنة عمان لهجوم أودى بحياة إثنين من طاقمها، بريطاني وروماني.
كذلك اتهم مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى بشكل مباشر قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاج زاده، بأنه العقل المدبر لمهاجمة السفن في المياه المفتوحة.
ويتكون الحرس الثوري من خمس قوى لها مهام مختلفة: القوات البرية، والقوات الجوية، والبحرية، وقوة الباسيج، وفيلق القدس، ويتحكم في سياسة إيران الخارجية تقريبًا، عبر استخدام الأنشطة العسكرية.
"ولاية الحرس الثوري"
ويرى مراقبون أن ولاية إبراهيم رئيسي، الذي انتخب بدعم من الحرس الثوري، سوف تكون ولاية الحرس؛ نظرا لما تم توصيفه داخليا بتعرض "الثورة الإسلامية" - أي نظام حكم ولاية الفقيه - لخطر داخلي وخارجي.
وعلى هذا، توقعوا أن الحرس الثوري سيسعى لتوسيع دائرة عملياته في الخارج؛ لكسر الطوق الداخلي والدخول في مفاوضات تستطيع أن تكسر حاجز ما يعتبرونه حصارا تفرضه عليهم "قوى الاستكبار العالمي" في إشارة للولايات المتحدة.
ويقول الباحث المتخصص في الشأن الإيراني مدير المركز العربي للبحوث والدراسات في القاهرة، هاني سليمان، لـ"سكاي نيوز عربية" إن إبراهيم رئيسي جاء بمباركة الحرس الثوري، وهو لن ينحرف عن المرسوم له، وحضور ممثلين أذرع إيران الميليشياوية حفل تنصيبه "رسالة واضحة لاستمرار عمليات التصعيد العسكري التي باتت واضحة في حروب السفن، واستمرار إطلاق ميليشيات الحوثي الصواريخ صوب السعودية، واستهداف السفارة والمصالح الأميركية بالعراق".
وأعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن، ليلة الخميس، أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت ودمرت طائرة مسيّرة مفخخة أطلقتها ميليشيات الحوثي باتجاه خميس مشيط جنوبي المملكة.
وحول دور الميليشيات في حرب قادمة محتملة بين إيران والدول الغربية، يقول الباحث الإيراني سعيد ساعدي لـ"سكاي نيوز عربية": "أعتقد أن النظام الإيراني سيرحب بحرب قصيرة المدى؛ ليسد ثغراته الداخلية ببركات الحرب".
وفي تعليقه لـ"سكاي نيوز عربية" يرى رئيس حزب "سربستي كردستان"، عارف باوه جاني، أن استقبال قادة الميليشيات في حفل تنصيب رئيسي يعني أن الحرس الثوري يحكم قبضته على السياسة الخارجية، وأن هذه الميليشيات سوف تلعب دورا في أي مواجهة مع الغرب.