خيمت الأزمات التي تعصف بإيران على عملية تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي، حيث طالبه المرشد الأعلى للنظام، علي خامنئي بالإسراع في تشكيل الحكومة وتقديمها للبرلمان.
ويأتي هذا وسط غموض حول خطة خامنئي والرئيس الجديد فيما يخص الأزمات الداخلية والخارجية.
وقال خامنئي في المراسم التي تمت الثلاثاء: "أوضاع البلاد لا تقتضي التأجيل في تشكيل الحكومة، لأن الثغرات والمشكلات كثيرة".
وسيمثل رئيسي أمام مجلس الشورى (البرلمان) لأداء اليمين الدستورية، الخميس، في أجواء مشحونة بالضغط الداخلي نتيجة تفشي وباء كورونا، واستمرار الاحتجاجات التي وصلت إلى العاصمة طهران، وتعالى فيها الهتاف بسقوط خامنئي.
وكذلك يواجه الرئيس الجديد ضغوطا خارجية نتيجة اتفاق دول أوروبية والولايات المتحدة وإسرائيل على معاقبة إيران على ما يتهمونها به فيما يخص استهداف ناقلة النفط في بحر العرب الأسبوع الماضي، والتلويح بفرض عقوبات جديدة على طهران، تضاف إلى العقوبات الحالية.
وعرج إبراهيم رئيسي في كلمته بعد التنصيب على التحديات التي تواجهه، متعهدا بخطة فورية لتحديد المشكلات وحلّها في 10 محاور، منها التضخم، ونقص الموازنة، ووباء كورونا، والعمل على رفع العقوبات الأميركية.
وكان أول اجتماع عقده رئيسي، الأربعاء، عقب التنصيب جرى مع مسؤولين باللجنة الوطنية لمكافحة الوباء للسيطرة على الموجة الخامسة من المرض، وفق ما ذكرته وسائل إعلام إيرانية.
سباق تبرئة الذمم
وقبل يومين من مراسم التنصيب، تسابق كل من الرئيس السابق حسن روحاني، والمرشد علي خامنئي، في تبرئة نفسيهما من المسؤولية عما وصلت إليه البلاد من تأزم، ولمَّح كل طرف بإلقاء المسؤولية على الآخر.
والأحد، قال روحاني في اجتماع لحكومته قبل تسليم الرئاسة لخلفه: "في بعض الفترات تحفظنا على بعض التفاصيل، خوفا من تأثر اللحمة الوطنية".
وتابع: "أداؤنا لم يكن خاليا من الأخطاء ونعتذر من المواطنين"، لافتا إلى أن هناك الكثير تم إخفاؤه عن الناس".
وأردف: "كل ما قلناه في السنوات السابقة لم يكن خلافا للواقع، لكننا لم نخبر الناس بجزء من الحقيقة"، في إشارة إلى ضغوط المرشد.
وفي اجتماع آخر مع مسؤولي الحكومة، الإثنين، قال روحاني ملمحا لدور السياسة المتشددة التي يتبعها خامنئي في تأزم الوضع الاقتصادي والمفاوضات النووية: "لابد أن نصل إلى هذه النتيجة وهي أن زمن التشدد والإفراط قد انتهى".
وفي المقابل، بث موقع خامنئي مقاطع لجلسة سرية تعود إلى سنة 2012 مع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام (هيئة استشارية عليا)، على رأسهم رئيس المجلس آنذاك، أكبر هاشمي رفسنجاني، وحسن روحاني لبحث المباحثات النووية مع واشنطن، حيث ظهر خامنئي متحفظا على آراءهما بشأن المفاوضات.
وقال خامنئي بحدة موجها حديثه لرفسنجاني في أحد المقاطع: "أنت وروحاني تحدثتما فقط عن فوائد المفاوضات، لكنكما لم تذكرا الأضرار".
"الكلمة لخامنئي لا الرئيس"
وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" يشير الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، محمد المذحجي، إلى أن تصريحات روحاني بالتزامن مع تسلم رئيسي السلطة هدفها "إلقاء اللوم على باقي مؤسسات الدولة، خاصة المرشد الأعلى والحرس الثوري بخصوص إعاقة محاولاته لإلغاء العقوبات الأميركية".
ويردف: "الجناح الراديكالي في النظام هو من وقف أمام قبول حكومة روحاني بإدراج ملف الصواريخ الباليستية في المحادثات النووية، بهدف إلغاء العقوبات، ومنع البرلمان حدوث ذلك".
ويلفت المذحجي إلى أن الكلمة النهائية بشأن إحياء الاتفاق النووي هي لخامنئي، وليست لإبراهيم رئيسي أو حسن روحاني، بيد أن واشنطن بدأت تفصح عن تململها، وتحديدا ما يتصل بتسريع طهران تخصيب اليورانيوم مع غياب المفتشين الأمميين.
ماذا وراء نشر الفيديو؟
ونقل موقع "إيران إنترناشونال" المعارض تصريحات لمحمد حسين صفار هرندي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي حضر الاجتماع السري، إن خامنئي نشر الفيديو للإشارة إلى المسار الذي وصلت إليه محادثات فيينا حول الملف النووي.
وأضاف أن حسن روحاني سعى إلى اتفاق بأي ثمن، لكنه وحكومته "خسرا التفاوض"، في إشارة إلى أن خامنئي يريد تحميل روحاني سبب ما وصلت إليه المفاوضات.
كما نقل الموقع الإيراني توقعات بأن نشر الفيديو على الموقع الرسمي للمرشد، والتلفزيون، قد يشير إلى أن خامنئي يمهد الطريق لإنهاء المفاوضات مع واشنطن.
وتوقفت محادثات فيينا منذ أسابيع بعد 6 جولات لم تصل إلى اتفاق يضمن عدم استخدام إيران أنشطتها النووية في المجال العسكري، فيما قال مسؤولون إيرانيون إن المحادثات ستتواصل بعد تشكيل إبراهيم رئيسي لحكومته.