دشن عدد من النواب الديمقراطيين والجمهوريين، مؤخرا، مشروع قانون جديد في الكونغرس الأميركي؛ بهدف تقصي مصادر ثروات قادة النظام الإيراني، وتحديدا المرشد والرئيس الإيرانيين وأعضاء مجلس الشورى، ووزير الاستخبارات والأمن، وقادة الحرس الثوري، بكافة فروعه، بالإضافة إلى قيادات الميليشيات المدعومة من إيران.
ويهدف مشروع القانون أيضا إلى البحث وراء صلات هؤلاء القادة المباشرة بتمويل "الإرهاب"، الأمر الذي يرجح أن مسألة العقوبات الدولية التي تقع تحت وطأتها إيران غير مرشحة للانفراج أو الحلحلة، في ظل التقارير الحقوقية الأممية التي تكشف عن تورط قادة ومؤسسات النظام في دعم الميليشيات في عدد من دول المنطقة، وانتهاك حقوق الإنسان.
وقال النائب الجمهوري، فرينش هيل، وزميله الديمقراطي إل لاوسن، إن مشروع القانون الذي تم تقديمه يأتي في سياق "يطالب فيه الإيرانيون بإصلاحات اقتصادية، فيما يمول المسؤولون الإيرانيون الإرهاب في المنطقة متجاهلين المواطنين الإيرانيين الذين يعانون في ظل الديكتاتورية المستبدة لنظام طهران".
ويتعين على مشروع القانون أن يقوم بسن عقوبات جديدة بواسطة الكونغرس تستهدف شبكات إيران المالية غير الشرعية والمصارف المسؤولة عن تصريف الأموال التابعة للمسؤولين، فضلا عن الكشف عن المسؤولين الإيرانيين الذين اعتمدوا على وسائل ملتوية لتخطي نظام العقوبات.
رفع العقوبات عبر مسار دبلوماسي
وفي ظل تعثر المفاوضات في فيينا وتجمد المحادثات، التي شهدت 6 جولات دون أي نتائج ملموسة، أكدت الخارجية الأميركية، أن واشنطن لن ترفع العقوبات المفروضة على إيران إلا عبر مسار دبلوماسي.
وقال الناطق بلسان الخارجية، نيد برايس، إن الولايات المتحدة بصدد مواصلة المسار التفاوضي لإحياء الاتفاق النووي، غير أن طهران طلبت مزيدا من الوقت، وتابع: "حريصون على اتفاق مستدام يمنع إيران من حيازة السلاح النووي".
وعرج الناطق بلسان الخارجية الأميركية على قضية المعتقلين مزدوجي الجنسية في إيران، وقد ألمح إلى وجود "تقدم" في صفقة تبادل السجناء، لكن لم تحدد شروطها، حتى الآن.
ومن جانبه، غرد الناطق بلسان الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "هناك اتفاق مع بريطانيا وأميركا لتبادل الإفراج عن 10 سجناء".
وقد أوضح خطيب زاده في تغريدته أن صفقة تبادل السجناء لا تتصل بالمفاوضات النووية، مشيرا إلى أنها تأتي ضمن اتفاق آخر منفصل.
إذاً، يبدو الملف الحقوقي المتسبب في وضع النظام الإيراني تحت وطأة العقوبات الدولية، ويصنفها ضمن "أسوأ البلدان" في مجال انتهاك حقوق الإنسان، يفرض تأثيراته على الملف النووي، من ناحية، وعلاقات إيران بالغرب والولايات المتحدة، من ناحية أخرى، بحسب الباحث والمعارض الإيراني مهيم سرخوس.
قيادات إيران في لائحة العقوبات
ومنذ تدشين الجمهورية الإسلامية في إيران، قبل نحو أربعة عقود، لم يصنف كافة أفراد النظام وأجهزته على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية، مثلما هو الحال، مؤخراً، إذ يندرج المرشد الإيراني علي خامنئي، ورئيس السلطة القضائية، ورئيس مجلس خبراء القيادة، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام على قائمة العقوبات الأممية.
ووضعت الولايات المتحدة خامنئي، وكذا "مكتب المرشد"، الذي تخضع له مجموعة من الكيانات السياسية والعسكرية، على لائحة العقوبات، للمرة الأولى، أثناء إدارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، وهو ما يعقّب عليه الباحث والمعارض الإيراني مخيم سرخوس بأن هذا "الإجراء الاستثنائي" الذي اتخذه ترامب، واستهدف من خلاله قمة هرم السلطة في طهران، إنما يحظر على المرشد الإيراني السفر للولايات المتحدة، بينما ينطبق الأمر ذاته على ابنه "مجتبي خامنئي"، والذي تشير تقديرات عديدة بأنه من المرجح أن يخلف والده في منصب المرشد.
ويلفت الباحث والمعارض الإيراني إلى أن مجتبي يؤدي أدوارا سياسية عديدة من خلال الهيئات والكيانات التابعة لمكتب المرشد وكذا الحرس الثوري، كما أنه يتصل بأنشطة اقتصادية وعسكرية متفاوتة، بيد أن العقوبات سوف تضغط على وتيرة نشاطاته المحلية والإقليمية، لا سيما وأن له زيارات عديدة في العواصم الأوروبية.
ويردف سرخوس: "يندرج رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي، الذي تولى منصبه، خلال الشهر الحالي، بمرسوم تعيين من المرشد الإيراني، في لائحة العقوبات الأميركية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وذلك على خلفية انتهاكاته لحقوق الإنسان، وهو الأمر الذي لا يختلف كثيرا عن ما جرى أثناء فترة تولي صادق لاريجاني المنصب ذاته، وقد شهدت قفزة في عمليات الإعدام بحق الأطفال والمراهقين، والتنكيل بالمعارضين والخصوم السياسيين، ناهيك عن حالات الوفاة إثر التعذيب، تارة، والظروف الصحية المتدهورة فجأة، تارة أخرى، وتحديدا في معتقل كهريزك".
في النصف الثاني من عام 2019، صدر مرسوما تنفيذيا غير مسبوق يسمح لوزارة الخارجية الأميركية بمنع دخول القادة والمسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى وأقربائهم من الدرجة الأولى من الدخول إلى أراضي الولايات المتحدة سواء بقصد الزيارة أم بقصد الهجرة، بحسب موقع إيران وير.
تشديد العقوبات
وقبل أيام، أعلنت وكالة مهر الإيرانية للأنباء، نقلا عن تقرير لـ"وول ستريت جورنال" الأميركية أن الولايات المتحدة بصدد تشديد العقوبات على بيع النفط الإيراني للصين.
وبحسب التقرير، فإن العقوبات الأميركية الجديدة ضد إيران تستخدم باعتبارها وسيلة لإقناع طهران على إبرام الاتفاق النووي وزيادة تكلفة الانسحاب من المحادثات.
ولفتت الصحيفة الاميركية إلى أن المفاوضين الأميركيين يعملون مع أوروبيين وشركاء دوليين آخرين في فيينا بشأن المحادثات النووية، وأنه مع ضعف المحادثات، فإن لدى الولايات المتحدة خيارات، للضغط على إيران لمواصلة المفاوضات أو معاقبتها.
وتشمل خطط البيت الأبيض قيد الدراسة ضد النظام الإيراني، والتي أعلنها مسؤول أميركي، لم تفصح الصحيفة عن اسمه "فرض عقوبات جديدة على شبكة الشحن وإعداد خطة لمنع بيع النفط الخام الإيراني إلى الصين والتي تقدر بحوالي مليون برميل نفط يوميا".
وإلى ذلك، أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود، قبل أيام، أن رئيس السلطة القضائية الإيرانية الجديد محسني إجئي فضلا عن سوء سمعته وإجراءاته القاسية بحق الإعلاميين فإنه ضالع بشكل مباشر في قتل الإعلامي "بيروز دواني" في العام 1998.
وعليه، طالبت منظمة مراسلون بلا حدود بـ"تشكيل لجنة دولية تابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة للتحقيق مع محسني إجئي".
كما أشارت المنظمة الأممية إلى قيام وزارة الاستخبارات وقت رئاسته رئيس السلطة القضائية، عام 1998، بقتل شخصيات بارزة من المعارضة الإيرانية مثل "داريوش فروهر" و"بروانه اسكندر"، وعضو رئاسة تحرير مجلة "إيران فردا" "مجيد شريف"، والصحفيين "محمد مختاري" و"محمد جعفر بوينده"، كما أنه وفق أقوال الصحفي "أكبر غنجي" التي أدلى بها أمام المحكمة في ديسمبر 2000 "كان محسني إجئي هو المدعي العام آنذاك بمحكمة رجال الدين، وهو الآمر بقتل رئيس تحرير مجلة ’بيروز‘، بيروز دواني".
وفي ما يتصل بقمع الاحتجاجات المعروفة بالحركة الخضراء، عام 2009، ذكرت مراسلون بلا حدود أن محسني إجئي خلال توليه وزارة الاستخبارات والادعاء العام، لعب دورا هاما في اعتقال المئات من الإعلاميين والصحفيين، وإصدار أحكام مشددة في حقهم.
كما ألمحت إلى "دور محسني إجئي المدعي العام ثم المتحدث باسم السلطة القضائية في فرض الإقامة الجبرية على رئيس الوزراء السابق والمسؤول عن الصحيفة الموقوفة "كلمه سبز"، "مير حسين موسوي" برفقة زوجته المفكرة والكاتبة "زهرا رهنورد"، ورئيس البرلمان السابق والمسؤول عن الصحيفة الموقوفة "اعتماد ملي"، "مهدي كروبي"، هذا ويقبع هؤلاء الأشخاص من قادة "الحركة الخضراء" تحت الإقامة الجبرية منذ مارس 2011 عقب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل التي انعقدت عام 2009".