تزايدت مخاوف الحكومية الأفغانية بشأن تحركات إيران نحو تنظيم مجموعات مُسلحة "شيعية" أفغانية، خاصة في العاصمة كابل وبقية المناطق التي يقطنها الشيعة الأفغان.
وتخشى حكومة الرئيس أشرف غني أن تدفع طهران نحو تشكيل ميليشيات طائفية، شبيهة بميليشيات الحشد الشعبي العراقية، بحجة محاربة التنظيمات المتطرفة مثل طالبان.
وهذا الأمر، إن حدث، قد ينذر بحرب طائفية، تماما مثل تلك التي حدثت في العراق.
والأمر ليس مجرد مخاوف في أذهان المسؤولين الأفغان، فثمة إشارات متزايدة على صعيد التدخل العسكري الإيراني عبر تشكيل الميليشيات.
ونقلت نقلت صحيفة "جمهوري إسلامي" الإيرانية، المُقربة من مرشد النظام الإيراني، علي خامنئي، تقريراً عن استعدادات الوحدات الصغيرة من التنظيمات المُشكلة داخل الأحياء الشعبية في العاصمة كابل ومناطق ريفية.
وتستغل هذه التنظيمات انشغال الحكومة في مواجهة حركة طالبان.
طهران تقلل مخاوف الأفغان
من ناحيته، حاول وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، تقليل مخاوف الحكومة الأفغانية.
وقال ظريف "إن عدد مقاتلي اللواء لا يتجاوز 5 آلاف، وقد تشكل قوة مساندة للقوات الأفغانية لمكافحة داعش".
الدور الإيراني في الجماعة الأفغانية المُقاتلة هذه، توضح أكثر من خلال التحركات التي بدأها سيد حسين حيدري، الذي يُعتبر قائداً لهذه الجماعة المقاتلة، لكنه كان حاضراً وفاعلاً ضمن الفصائل العراقية من الحشد الشعبي الموالية لإيران.
وهو أمر أكده سيد زهير مجاهد، المسؤول الثقافي عن جماعة "فاطميون" الأفغانية المقاتلة، التي أسستها إيران لتقاتل في سوريا.
وقال مجاهد في مقال كتبها في صحيفة "جمهوري إسلامي" الإيرانية بأن الجماعة المقاتلة ضمن الأراضي الأفغانية تواصل استعداداتها، وإن لم تكن قد دخلت مرحلة التعبئة العامة لمقاتلة حركة طالبان بعد.
سلاح "فاطميون"
المراقبون للمشهد الأفغاني عبروا عن مخاوفهم من سعي إيران لإرسال الآلاف من المقاتلين الأفغان من تنظيم "فاطميون" من إيران وسوريا إلى أفغانستان، لينخرطوا في الحرب الأفغانية، خاصة في المناطق المختلطة طائفياً.
وذكرت تقارير إعلامية في السابق أن إيران شكلت تنظيم "فاطميون" خلال عام 2015، ويتشكل من المراهقين والشُبان الأفغان اللاجئين في إيران.
وقالت إن طهران أرسلتهم إلى سوريا على دفعات، حتى أن وكالة "إيكنا" الإعلامية المُتحدثة باسم تنظيم "الجهاد الجامعي" قالت خلال العام 2018 إن أعداد تنظيم "فاطميون" قد تجاوز 80 ألف مُقاتل، أكثر من نصفهم موجود في سوريا.
الباحث الأفغاني، جوهر طالبي، المُقرب من مصادر القرار الأمني والعسكري الأفغانية، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" مخاوف السلطات الأفغانية من هذا الدور الإيراني في تنظيم الميليشيات الشيعية.
وقال طالبي: "تتخوف السلطات الأفغانية من إمكانية هيمنة تلك الجماعات مناطق ذات لون طائفي، وأن تحولها إلى مناطق مُغلقة أمنياً وسياسياً، مثلما فعل حزب الله في لبنان أو الحوثيون في اليمن، والتخوف الأكبر يتأتى من منطقتي العاصمة كابل وإقليم باميان.
وتابع: "الحكومة تخشىأيضا من تحول هذه التنظيمات إلى حُجة بيد حركة طالبان، وتالياً أن تمنح كل حركة مُسلحة منهما الشرعية للحركة الأخرى، من باب تكامل الأدوار، وإن كان ظاهرياً يبدو وكأنه صراع بينهما، لكن الطرفان يتغذيان من الخطاب والصراع الطائفي".
مخاوف أفغانية رسمية
وترفض الحكومة الأفغانية تحركات إيران على أراضيها، إذ قال المشرف على وزارة الاستخبارات الأفغانية، قاسم وفائي زاده، في تصريحات إعلامية "يخلق النظام الإيراني بهذه الأعمال أبعاداً أكبر للحرب الأفغانية، التي يُمكن أن تكبر نارها وتصل بنارها إلى داخل الأراضي الإيرانية نفسها".
وقال إن الجماعات الأفغانية التي تدعمها طهران "مُجرد مُرتزقة" و"أدوات للأجانب".
أما كبيرُ مُستشاري الرئيس الأفغاني شاه حسين مرتضوي، قال إن إيران بأفعالها أنما تُلمع من صورة حركة طالبان و"تحرض على الفتنة".
وأضاف أنه يجب حماية أفغانستان النماذج في سوريا والعراق واليمن ولبنان، حيث ساهمت إيران في خلق الصراعات الطائفية.
الأهداف الإيرانية الحقيقية
الصحافي الأفغاني نبيهي جمارلوي قال في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" إن" إيران تسعى لتحصيل نفوذ وهيمنة داخل دولة إقليمية مجاورة لها، وحيث تتقاطع مصالح العديد من البلدان داخلها، وما التحجج بالظروف الطائفية وحماية الجماعات الأهلية ومحاربة التنظيمات المُتطرفة، إلا أداوت خطابية وسياسية للتغطية على الهدف المركزي والجوهري والوحيد للمسألة".