من بين التداعيات السلبية العديدة التي خلفتها أزمة وباء كورونا في العالم، تصاعد ظاهرة الإتجار بالبشر، ما دعا منظمات أهلية معنية بالظاهرة إلى إطلاق دعوات لتعزيز جهود حماية الأطفال في كافة المجتمعات، لاسيما في الدول التي يتنامي فيها الاتجار بالبشر.
وأوضحت دراسة أعدتها منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمخدرات والجريمة عن آثار جائحة "كوفيد-19" أن الجائحة جعلت عدد أكبر من الناس عرضة لظاهرة الإتجار بالبشر، وأثرت بشكل سلبي على الدعم والرعاية التي يتلقاها ضحايا الإتجار، وقدرة أجهزة الشرطة على مواجهة هذه الجريمة.
أشكال الإتجار بالأطفال
وتقول عبلة الهوارى النائبة البرلمانية المصرية رئيس إحدى الجمعيات الأهلية المعنية بإيواء الفتيات إن الإتجار بالأطفال له أشكال متعددة منها خطف وتزويج القاصرات والعمل القسري وتجارة الأعضاء، وكلها تندرج تحت مسمي الاتجار بالبشر، إضافة إلى ظاهرة شديدة الخطورة تنتشر في المجتمع المصري وهي "التسول باستخدام الاطفال الذين لاتربطهم أى صلة بالمتسول".
وتوضح الهوارى في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أنها تقدمت بطلب إحاطة لمجلس النواب المصري لمواجهة ظاهرة استغلال الأطفال في أعمال وتعريضهم لانتهاكات جسدية كإحداث عاهة بهم أواستغلالهم جنسيا أو بيعهم بغرض تجارة الأعضاء البشرية.
لا يوجد حتي الآن ما يثبت انتماء الطفل للشخص الذى يمارس التسول، حسب الهواري، وتتابع قائلة إن تفعيل تحليل DNA لمن يتم ضبطه متلبسا بتلك الممارسات سيمثل صعوبة في إجرائه من قبل الهيئات المختصة، لكنه ليس مستحيلا ويحتاج ضوابط تشريعية يمكن إقرارها.
سبل المواجهة
ولفتت النائبة البرلمانية المصرية إلى أن أهمية تغليظ عقوبة كل من يضطلع بالإتجار في الاطفال وفقا لقانون العقوبات المصري، كما تطالب بتوقيع أقصي عقوبة لكل من يستغل الأطفال في التسول أو الخطف أو العمل القسري.
وتكمل الهوارى قائلة إن قضية الاتجار بالبشر بشتي أشكالها تتطلب تكاتف كافة الجهات المعنية، وبحث حلول أمنية ومجتمعية لها بالتوزاي.
وتقترح النائبة البرلمانية ضرورة توفير عمل للمتسولين عن طريق استغلال الأطفال وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع بعد تنفيذ العقوبة بحقهم، وإيواء الأطفال الضحايا عن طريق دور إيواء تابعة للحكومة أو خاضعة لإشرافها، وتوجد بالفعل عدة دور مخصصة لهذا الغرض لكنها غير كافية وتفتقر إلى الدعم لتحقيق أهدافها بالحد من انتشار مثل هذه الظواهر السلبية.
وفي هذا الصدد، وقع المجلس القومي للامومة والطفولة بروتوكول تعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي والهلال الاحمر لإنشاء دار لضحايا الاتجار بالبشر.
وأضافت الهواري أن تزويج القاصرات أيضا من أخطر ظواهر الاتجار بالاطفال، وهو منتشر في محافظات حدودية، وأنها تقدمت بمشروع قانون لمنع زواج القاصرات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 12 إلى 13 عاما، وتمت الموافقة عليه من قبل الحكومة المصرية ويجب تفعيله لتحقيق الغرض منه.
مخاطر البطالة والانترنت
وتوضح دراسة الأمم المتحدة أن انخفاض معدلات الدخل وزيادة البطالة خلال الجائحة هي عوامل تستغلها عصابات الإتجار التي تخدع الأشخاص الباحثين عن فرص عمل عن طريق تقديم وعود زائفة بالتوظيف.
وعن خطر الإنترنت في استهداف الأطفال بشكل خاص، لفتت الدراسة إلى أن ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي خلال الجائحة بسبب إجراءات الإغلاق قد تم توظيفه من قبل الجماعات الإجرامية التي تستخدم هذه المنصات لاستهداف الضحايا.
ونبهت المنظمة الأممية إلى أن عدد ضحايا الإتجار من الأطفال ارتفع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ويتعرض الأطفال الذين يتم الإتجار بهم إلى الاستغلال الجنسي أو الزواج بالإكراه أو العمل القسري أو المشاركة في الإجرام.
دور التوعية
وأكدت السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر أن اللجنة تؤدي دورا كبيرا في التوعية بخطورة الاتجار بالبشر من خلال حملات وخطوط ساخنة للرد على الاستفسارات ودوارات تديبية وتستقبل كافة المقترحات الهادفة لتعزيز حماية الاطفال ومنع الاتجار بهم.
وقالت السفيرة المصرية في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن اللجنة ساهمت في استعادة أطفال مخطوفين خارج البلاد وتسليمهم إلى ذويهم بالتنسيق مع الجهات الدولية المختصة إضافة إلى تفعيل إجراءات يوصي بها المجلس القومي للامومة والطفولة أو مجلس النواب.
مقترحات مجتمعية وتوصيات أممية
وانتشرت علي شبكات التواصل الاجتماعي مؤخرا دعوات لإجراء تحليل DNA للأطفال الممشكوك في نسبهم لبعض المتسولين بالشوارع، إضافة لمقترحات بإضافة إجراء بصمة الإصبع الكبير للطفل المولود إلى شهادة المواليد الجدد أسوة بالدول الاوروبية وبعض الدول العربية الأخرى كي لا تتمكن عصابات تهريب الأطفال إلى تسفيرهم عبر المنافذ الشرعية وبسهولة.
وتوصي الدراسة التي أصدرتها المنظمة الأممية بتطوير استراتيجيات مخصصة لمكافحة الإتجار بالبشر وتعزيز إجراءات دعم الضحايا وتخصيص موارد كافية لذلك، وتكثيف جهود التوعية بمخاطر الإتجار وأساليب استهداف الضحايا، ووضع إجراءات لحماية الأطفال على الإنترنت، فضلاً عن تطوير إجراءات العدالة والتقاضي الالكترونية لتوظيفها في القضايا الملائمة.