مع انتهاء الجولة السادسة من مفاوضات الملف النووي الإيراني، بين إيران والقوى الست العالمية، تأرجحت التوقعات بين تفاؤل أوروبي إيراني توقع أن تكون الجولة القادمة حاسمة ومحملة بقرارات نهائية من الأطراف المتفاوضة، وتحذيرات أميركية من أن الهوة ما تزال كبيرة بين المتفاوضين، وأن أهم النقاط ما تزال عالقة.
لكن المراقبين أشاروا إلى أن انتخاب الرئيس الجديد لإيران، إبراهيم رئيسي، يشكل أكبر دافع لأن تستعجل جميع الأطراف، بما فيه الوفد الإيراني نفسه، خشية أن تكون توجهات وسياسيات الرئيس الجديد المحافظ أكثر تشدداً في هذا الملف، وربما تؤدي تماما بالمفاوضات.
وكان كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، قد صرح قُبيل مغادرة الوفد الإيراني لمقر المفاوضات "إن إيران والقوى الكبرى اقتربت من إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015.. فالأطراف أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق"، مذكراً بأن الوفود ستعود إلى بلدانها لاتخاذ قرارات حاسمة ونهائية بشأن المواضيع الخلافية، وليس لأجل مزيد من التفاوض وتحديد الخلافات.
لكن مُستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، كان قد فند التفاؤل الإيراني عبر مقابلة مع محطة ABC الأميركية، مذكراً بأن القرار الحاسم متعلق بما يُمكن للمرشد الإيراني علي خامنئي اتخاذه تجاه القضايا العالقة، وأن الأمر ما يزال مثلما كان على الدوام.
وذكر بأن "المسافة ما تزال طويلة في مسار مفاوضات فيينا، قبل حل عدد من القضايا الرئيسة، بما في ذلك العقوبات والالتزامات النووية، التي يتعين على إيران أن تتعهد بها".
ويرى المراقبون للمشهد أن تصريحات سوليفان تقصد المطالبات الإيرانية "التعجيزية" خلال المرحلة السادسة من المفاوضات، مثل المطالبة بتعويضات عن العقوبات التي فرضتها الولايات المُتحدة بسبب الملف النووي، أو وضع شرط مُلزم للولايات المُتحدة، يمنع أية إدارة أميركية جديدة من الانسحاب من الاتفاق النووي.
لعبة الزمن
الباحث والمعلق الإيراني، غُفران حقي رحمن، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية "لعبة الزمن" التي يتجاذب المفاوضون أطرافها وتؤثر على آليات تفكيرهم للتوصل إلى اتفاق "ثمة ما يقارب أربعين يوماً فاصلا، وليس أكثر، هي الوقت الفاصل منذ الآن وحتى تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي في منصبه، خلال شهر أغسطس المُقبل.
وأوضح أن القوى الأوروبية تسعى جاهدة لإقناع الولايات المتحدة استغلال هذه الفرصة، لأن الرئاسة الإيرانية الحالية تريد أن تحرز كسباً معنوياً ما من جراء الاتفاق، لتختم بها سيرتها السياسية، وهي بسبب انتهاء هذه المسيرة لا تخضع لضغوط شعبية أو حتى من الأجهزة العسكرية، لذا فإن الوقت القصير المتبقي هي مصلحة مشتركة بين الطرفين، وعدم الحسم يعني العودة إلى نقطة الصفر مع الرئاسة الجديدة، التي ستجاهد للظهور بصورة "المُتحدي"، خصوصاً خلال شهورها الأولى".
نهاية الجولة السادسة من المفاوضات ترافقت مع مؤشر ذي دلالة على خطورة الملف النووي الإيراني، إذ أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في بيان رسمي عن إغلاق محطة "بوشهر" للطاقة النووي غرب البلاد على الخليج العربي، لأسباب قالت إنها "فنية" موضحة بأنه تم فصل الشبكة الوطنية للكهرباء عن المحطة التي تُعتبر الأكبر والأكثر حساسية في البلاد.
وكان التقنيون الإيرانيون في المحطة قد صرحوا لوسائل إعلام محلية بأن سبب الإغلاق هو ارتفاع درجات الحرارة في البلاد، الأمر الذي يُنبه إلى تواضع القدرات الحمائية الفنية والهندسية لإيران تجاه مفاعلاتها النووي، التي قد تشكل خطراً على محيطها الجغرافي.
استقطاب وعقبات
الباحث المختص بالشؤون الإيرانية، زكوان عبد الجبار، أشار في اتصال مع "سكاي نيوز" إلى الطرفين الأكثر استقطاباً وتأثيراً على إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الأسابيع الستة القادمة أو انهيار المفاوضات "الاتحاد الأوروبي وإسرائيل هُما قطبان مؤثران من موقع التناقض التام في هذا الملف".
وأردف أن "كل ما يصرح به مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، يؤشر بوضوح إلى أن الاتحاد يسعى لاجتراح اتفاق نهائي بأي شكل كان، وأن ذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي مسألة أمن قومي، لأنها الجهة الأكثر استفادة من ذلك، اقتصادياً وسياسياً، وتملك أوراق ضغط مناسبة على الولايات المتحدة".
يضيف عبد الجبار في حديثه "على العكس تماماً، ترى إسرائيل أن التوصل إلى اتفاق نووي دون إغلاق طيف مخاوفها بشكل كامل يشكل مسألة وجودية بالنسبة لها. فرئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت وجه نداء تحذيراً للقوى العالمية بشأن التوصل لاتفاق مع دولة أوصلت شخصاً مثل إبراهيم رئيسي لرئاسة البلاد.
وأضاف بينيت "موقف حكومتي لن يتغير، وهو معارضة العودة للاتفاق النووي مع طهران، وأنه يجب منع إيران من امتلاك أسلحة نووية" وهذا الموقف الإسرائيلي يستخدم كل آليات وإمكانيات ضغطها للتأثير على الولايات المُتحدة ومنعها من العودة إلى الاتفاق النووي".
صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت تقريراً مفصلا عن المدة المتوقعة لتوقيع الاتفاق، بعد سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين الإيرانيين الفاعلين "يصر دبلوماسيون إيرانيون، بمن فيهم وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، على أن لديهم نفس التفويض التفاوضي كما كان من قبل، ويقولون إنه يمكن التوصل إلى اتفاق قبل تولي رئيسي السلطة في أوائل شهر أغسطس، حيث لا يمكن التغلب على أي من العقبات المتبقية فيما بعد".