احتدمت الخلافات في إيران، منذ إعلان مجلس صيانة الدستور الموافقة على طلبات 7 مرشحين فقط لخوض الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها في 18 يونيو الجاري، بينما تم نبذ المرشحين الآخرين في التيارين الإصلاحي والمحافظ.
وكان من بين الشخصيات الذين جرى استبعادهم، محسن هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس بلدية طهران، والجنرال سعيد محمد مستشار قائد "الحرس الثوري"، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان في الفترة بين عامي 2008 و2020، ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين عامي 2005 و2013. وقد سبق للأخير أن رفض طلب ترشحه للانتخابات عام 2017.
وأعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس علي كدخدايي، أن المرشحين السبعة للانتخابات الرئاسية هم: سعید جلیلي، وإبراهیم رئيسي، ومحسن رضائي، وعلي رضا زاکاني، وسید أمیر حسین قاضي زاده هاشمي، ومحسن مهر علي زاده، وعبد الناصر همتي.
وبالتالي تنحصر الأسماء المرشحة في المعسكر الإصلاحي، بين اسمين هما محسن مهر علي زاده، نائب الرئيس الأسبق محمد خاتمي في شؤون الرياضة، ومحافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي.
وإلى جانب نجاد ولاريجاني، استبعد أيضا مجلس صيانة الدستور، المصادقة على أهلية شخصيات أخرى مؤثرة منتمية للتيار الإصلاحي، مثل إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني، ومسعود بزشكيان، النائب الإصلاحي البارز في البرلمان الإيراني، ومصطفى تاج زاده، مساعد الشؤون السياسية لوزير الداخلية الأسبق في عهد الرئيس خاتمي.
والسبت الماضي، بث التلفزيون الرسمي في إيران، مناظرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، التي تبادل فيها المرشحون الاتهامات، إذ اتهم رئيس الحرس الثوري الإيراني السابق محسن رضائي، المرشح المعتدل همتي "بالرضوخ الكامل" للعقوبات الأميركية وهو الأمر الذي يرقى إلى مستوى "الخيانة" حسبما قال رضائي للأخير.
وتابع: "إذا أصبحت رئيسا فسأفرض حظرا على همتي وعدد آخر من المسؤولين في حكومة روحاني وأمنعهم من مغادرة البلاد، وسأثبت في المحكمة الأدوار الخائنة التي قاموا بها".
من جانبه، عقّب أحمدي نجاد على قرار رفضة من لائحة المرشحين، بالقول إن "الأوضاع العامة سيئة، محذرا من "انهيار وتفكك" إيران، مؤكدا "أنه لا يمكن أن يكون طرفا في هذا الانهيار".
كما كشف موقع "دولت بهار" الناطق باسم مكتب أحمدي نجاد، عن زيارة مباغتة للجنرال حسين نجات، قائد قاعدة "ثأر الله"، المكلفة من الحرس الثوري الإيراني بـ"حماية أمن طهران"، لمقر إقامته، حيث تم إبلاغه بالنتائج النهائية، مطالبا إياه بـ"التعاون والصمت والمسايرة".
وقال أحمدي نجاد: "ستؤدي (الانتخابات) إلى السقوط على الأرض ولا يمكن النهوض مرة أخرى". وأردف: "لماذا يرفضونني؟ لا يحق لأحد هذا، ولن أوافق ولن أصمت على هذا العمل الجائر.. إذا رفضت أهليتي وأصبحت الأوضاع أكثر سوءا، فلن يحمل الناس المسؤولية للحكومة فحسب؛ وإنما الدولة أيضا.. لا مسؤولية لي في ذلك".
من جانبه، قال المتحدث باسم الجهاز القضائي، محسن إسماعيلي، إن القضاء "لن يتدخل في عملية الإشراف على الانتخابات وتنفيذها".
ويرى المحلل السياسي الإيراني علي رضا اسدزاده، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن لائحة المرشحين تؤكد قبضة المرشد وهيمنته على الأوضاع السياسية داخل البلاد، وأنه "الوحيد الذي ينفرد بهندسة" العملية الانتخابية".
وأضاف: "لم يعد من المنطقي أو المقبول الحديث مجددا عن ثنائية إصلاحي ومتشدد داخل نظام الملالي، هذا النظام يتجه وبأقصى ما يمكن إلى عسكرة كل مؤسسات الدولة وأجهزة النظام، الأمر الذي كان واضحا مع تصفية تجربة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في عام 1997".
وتابع: "اللافت أنه بالرغم من المخاوف بخصوص غياب المشاركة الانتخابية، كما جرى في الانتخابات التشريعية مطلع العام الماضي، والتي سجلت أدنى مشاركة منذ قيام الجمهورية قبل أربعة عقود، فإن خامنئي "لا يتراجع قيد أنملة عن موقفه المتشدد باتجاه محاولاته لتمرير رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي لمنصب الرئيس، والأخير يخوض الانتخابات بالمخالفة للدستور، إذ ما زال يحتفظ بمنصبه في القضاء".
ويتفق والرأي ذاته المعارض الإيراني، مهيم سرخوس، الذي يرى أن الانتخابات الإيرانية "تظهر فيها آثار المرشد الإيراني بقوة، حيث إنه لا يوجد أحد غيره بمقدوره استبعاد تلك الأسماء المهمة والمؤثرة داخل الحرس الثوري والتيار الأصولي، والأمر ذاته، بين التيار الإصلاحي".
وقال: "هذه السياسة الصلبة تعكس تخطيط خامنئي الذي يريد توفير أقصى درجات الحماية والأمان للنظام، ويظهر انحيازه لإبراهيم رئيسي الذي سبق وخسر الانتخابات أمام روحاني، ولذلك عمد مجلس صيانة الدستور إلى توفير البيئة والمناخ المناسبين لفوز الأخير، عبر تصفية وإقصاء كل هذا الكم من الأسماء التي تنتمي للتيارين الإصلاحي والمحافظ، بحيث يكون هو الأوفر حظا".
وأردف المعارض الإيراني لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "صلات رئيس السلطة القضائية بالمرشد الإيراني معروفة، وقد حظي بمناصب مهمة وحساسة لدى المؤسسات التابعة له، كما أنه أحد المرشحين لخلافة خامنئي، إذ يتولى رئيسي، حتى الآن، منصب نائب رئيس مجلس (الخبراء الإيراني)، الذي تنحصر مهامه في اختيار المرشد الأعلى للجمهورية وتعيينه في حال وفاته".
وأشار سرخوس إلى أن "خامنئي يريد تكرار التاريخ واستنساخ ما جرى معه، حيث تولى منصب المرشد بعد وفاة الإمام الخميني، عام 1989 وقد كان رئيسا للجمهورية، وهو الأمر المتوقع أن يتكرر مع رئيسي، أو يلعب الأخير دورا في تأمين منصب المرشد إلى نجل الأول مجتبي خامنئي".