في خطوة تدل على إعادة انخراط الولايات المتحدة الأميركية تحت إدارة الرئيس جو بايدن في قضايا الشرق الأوسط، تخلى أعضاء مجلس الشيوخ عن انتماءاتهم الحزبية، ووافقوا بالإجماع على تعيين وليام بيرنز مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي".
هذا القرار يؤكد أن بيرنز صاحب الـ 64 عاما والخبرة الطويلة في قضايا الشرق الأوسط، سيصبح أداة بايدن في فك تعقيدات منطقة الشرق الأوسط.
مسيرة دبلوماسية حافلة
يعد بيرنز من أقدم الدبلوماسيين الأميركيين، حيث عمل لأكثر من 33 عاما في السلك الدبلوماسي، والتحق بوزارة الخارجية عام 1982 وعمل سفيرا لدى الأردن ومساعدا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وسفيرا لدى روسيا، ووكيلا لوزارة الخارجية للشؤون السياسية.
وتولى بيرنز منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، وعمل رئيسا للمفاوضين في المحادثات التي سبقت التوصل للاتفاق النووي عام 2015.
وبعد 5 سنوات من تقاعد بيرنز عن العمل الدبلوماسي، وتحديدا في 2019، أصدر كتابه "القناة الخلفية" والذي رصد فيه تجربته طوال 30 عاما في الخارجية، حيث عمل تحت إدارة 5 رؤساء و10 وزراء خارجية، كما نشر مؤخرا مقالات ينتقد فيها سياسات دونالد ترامب، وتوقع في أغسطس الماضي أن يرفض الأخير الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية قبل بدايتها.
دلالات الاختيار
"بيرنز يتفق معي على أن عمل الاستخبارات لابد أن يتجرد من السياسة، وأن محترفي الاستخبارات الذين يكرسون حياتهم لخدمة أمتنا يستحقون منا التقدير والاحترام"، بهذه الكلمات للرئيس جون بايدن، تم تقديم الرئيس الجديد للجهاز.
هذا التصريح حمل العديد من الدلالات المرتبطة بتوجهات الإدارة الجديدة، ومناطق الاشتباك المقررة على أجندتها، والتي تحتاج إلى دبلوماسي مخضرم على قمة أحد أهم المؤسسات الأمنية في أميركا.
أبرز هذه الدلالات، تتمثل في انخراط إدارة بايدن بقضايا الشرق الأوسط، فقد عمل بيرنز سفيرا لبلاده في الأردن من 1998 حتى 2001، وخلال هذه الفترة ركز اهتمامه على ملفات المنطقة، فقد كان مبعوثا من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما منذ 2011 وما بعدها.
ويرى الخبير السياسي الروسي ألكسندر تاس، في تصريحات خاصة لـموقع "سكاي نيوز عربية" أن تولى بيرنز المنصب خطوة كبيرة في إعادة صياغة العمل الاستخباراتي الأميركي في عدة ملفات لم تنجح فيها إدارة ترامب".
ولفت تاس إلى أن خبرة بيرنز الواسعة بملف روسيا أيضا سيضمن لإدارة بايدن اتخاذ خطوات إيجابية في هذا الملف.
وبيّن أن الاتهامات المتبادلة بين القطبين الدوليين "روسيا وأميركا" في الوقت الراهن تحتاج إلى شخصية لها قدرة تفاوضية يمتاز بها بيرنز، فضلا عن خلفيته الدبلوماسية.
الصين تتصدر
وحدد بيرنز 4 قضايا تمثل أولويات عمله في حال حصوله على تأييد مجلس الشيوخ، جاء أبرزها العلاقات مع الصين، التي يرى أنها تعزز قدراتها ونفوذها، مؤكدا أن التنافس مع بكين أولوية قصوى لدى إدارة بايدن وأعضاء الكونغرس الذين يريدون نهجا صارما مع بكين.
من ناحية أخرى، لم يغفل بيرنز خبراته كمهندس للاتفاق النووي الإيراني، حيث قاد الوفد الأميركي في المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وتوجت هذه المفاوضات باتفاق في 2015.
ويتفق السفير نبيل العربي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق مع الرأي القائل بأن تولي بيرنز هذا المنصب الرفيع يمثل نقلة نوعية في فهم الإدارة الأميركية لخطورة الموقف في العلاقات الأميركية مع الصين وإيران.
ويضيف الدبلوماسي المصري لـموقع "سكاى نيوز عربة" أن بيرنز يتميز بقدرته على الإصغاء أكثر من إعطاء محاضرة في جلسات التفاوض وهو ما يجب استغلاله في التعامل مع الصين خاصة في ظل المواجهة الحاسمة بين الطرفين، كما أن وصف بيرنز للصين بهذه الصفات هو تحد كبير لإدارته لهذا الملف والذي قد يعيد تشكيل قوة عالمية جديدة تتراجع فيها أميركا عن الصدارة.