اصطدم مسؤولون أمنيون سابقون عن مبنى الكونغرس الأميركي علنا، الثلاثاء، بشأن الأحداث المحيطة بالهجوم الدامي الذي وقع الشهر الماضي على مجمع الكابيتول، وألقوا باللوم على مجتمع المخابرات والبنتاغون، بينما قدموا روايات متضاربة حول كيفية وقوع المأساة.
وهذه أبرز الملاحظات على شهادات المسؤولين الأمنيين، خلال جلسة استماع أمام لجنتين في مجلس الشيوخ، الثلاثاء:
تضارب بين الشهادات
ظهرت خلال الإدلاء بالشهادات، تناقضات كبيرة بين رئيس شرطة الكابيتول السابق ستيفن سوند، ومسؤول الأمن السابق في مجلس النواب بول إيرفينغ، أثناء سردهما أفعالهما قبل وأثناء هجوم 6 يناير.
ولم يتمكن المسؤولان من الاتفاق حتى على ما إذا كانت مكالمة هاتفية قد حدثت بينهما بينما كان مثيرو الشغب يقتحمون المبنى.
وشهد سوند أنه قبل يومين من الهجوم، تحدث مع كل من إيرفينغ ومسؤول الأمن في مجلس الشيوخ آنذاك، مايكل ستينغر، بشأن طلب المساعدة من الحرس الوطني. وقال إيرفينغ إنه كان قلقا بشأن مظهر الوجود العسكري في مبنى الكابيتول، ولم يشعر بأن الاستخبارات تدعمه، وفق سوند.
لكن إيرفينغ رفض رواية سوند، وقال إن انطباع سوند كان "خاطئا بشكل قاطع"، وأن الحكم كان "جماعيا" للرجال الثلاثة، بأن الاستخبارات لم تبرر استدعاء الحرس الوطني.
وشهد سوند بأنه اتصل بإيرفينغ الساعة 1:09 بعد ظهر 6 يناير، للحصول على موافقة مجلس النواب ومجلس الشيوخ على طلب المساعدة من الحرس الوطني، وأكد سوند أن مسؤولين آخرين في دائرته شاهدوه شخصيا أثناء إجراء المكالمة.
لكن إيرفينغ قال إنه كان في مجلس النواب في ذلك الوقت ولا يتذكر تلقيه مكالمة من سوند في الساعة 1:09 بعد الظهر، وأن سجلات هاتفه تؤكد ذلك. مشددا على أن المرة الأولى التي تحدث فيها إلى سوند وقتها، كانت الساعة 1:28 بعد الظهر.
وأضاف إيرفينغ أنه نبه ستينغر وكبار مساعدي رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، بشأن الحاجة إلى استدعاء الحرس، مشيرا إلى أن سوند لم يتقدم بطلب رسمي إلا بعد الساعة 2 بعد الظهر.
وهذه المكالمة الهاتفية ذات أهمية كبيرة، لأن بعض المسؤولين والمشرعين يعتقدون أن طلبا مبكرا لاستدعاء الحرس كان من الممكن أن يمنع وقوع إصابات أو وفيات.
ويمكن للجان الكونغرس الأخرى، التي تحقق في الهجوم، أن تطلب سجلات هاتفية يمكن أن تزيل التناقض، وتسلط مزيدا من الضوء على مصداقية المسؤولـَيـْن.
تحذير مكتب التحقيقات الفدرالي من "حرب" لم يصل إلى قادة الشرطة:
كان هناك العديد من الإخفاقات الاستخبارية يوم 6 يناير، لكن أكثرها وضوحا هو أن قادة شرطة الكابيتول ورؤساء شرطة العاصمة الأميركية، لم يروا تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي، "إف بي آي" المرسل في 5 يناير، والذي يحذر من أن المتظاهرين المؤيدين لترامب كانوا يستعدون لـ"حرب" في مبنى الكابيتول.
وكان المكتب الميداني لـ"إف بي آي"، في مدينة نورفولك بولاية فرجينيا، قد أصدر نشرة يوم 5 يناير، توضح بالتفصيل دعوات محددة للعنف في مبنى الكابيتول، بما في ذلك حث المتظاهرين على الذهاب إلى مقر الكونغرس "مستعدين للحرب".
وشهد سوند أنه علم خلال الـ24 ساعة الماضية فقط أن شرطة الكابيتول تلقت النشرة. وكان ضابط في فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب مع مكتب التحقيقات الفيدرالي قد تلقى التقرير، الذي تم إرساله بعد ذلك إلى مسؤول في شعبة المخابرات في مقر شرطة الكابيتول، لكن لم يتم رفع التقرير إلى المسؤولين الأعلى على سلم القيادة.
كما لم يطلع روبرت كونتي، القائم بأعمال رئيس شرطة العاصمة، ومسؤولي مجلسي الشيوخ والنواب الأمنيين، على مذكرة مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وقال كونتي إن قسمه تلقى رسالة بريد إلكتروني من مكتب التحقيقات الفيدرالي، لكنه يعتقد أن "شيئا عنيفا مثل التمرد في مبنى الكابيتول يتطلب مكالمة هاتفية"، مشيرا إلى أنه يترك هاتفه المحمول متاحا على مدار 24 ساعة في اليوم.
الهجوم كان منسقا للغاية
جاء المتمردون إلى مبنى الكابيتول وهم يرتدون معدات تكتيكية، ويحمل بعضهم أسلحة نارية ومضارب ودروعا ورذاذ الفلفل وأسلحة أخرى. كما أحضروا معدات التسلق حتى يتمكنوا من تجاوز بعض ميزات الأمان في المبنى، وتواصلوا باستخدام أجهزة اتصال محمولة.
وشهد المسؤولون الأمنيون بأن هذا كله دليل على أن الهجوم كان منسقا للغاية ومخططا له، وليس عملا عفويا، ونتيجة لذلك، أجمعوا على أن فشل التخطيط لم يكن المسؤول عن المشهد الفوضوي في مبنى الكابيتول.
وقال سوند إن خرق مبنى الكابيتول "لم يكن نتيجة سوء التخطيط، أو الفشل في احتواء مظاهرة انحرفت عن مسارها"، مشددا على أنه لا توجد وكالة مدنية لتطبيق القانون، ومن بينها بالتأكيد شرطة الكابيتول، مدربة ومجهزة لصد "تمرد الآلاف من الأفراد المسلحين والعنيفين والمنسقين الذين يركزون على اختراق مبنى بأي ثمن".
وأضاف أن القنابل الأنبوبية التي تم اكتشافها خارج مقر الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالقرب من الكابيتول، كانت على الأرجح مزروعة لتشتيت اهتمام رجال الشرطة بعيدا عن المبنى.
وقالت رئيسة لجنة القواعد في مجلس الشيوخ، السناتورة الديمقراطية عن مينيسوتا، إيمي كلوبوشار، إن الشهود "ربما اختلفوا بشأن بعض التفاصيل، لكن هناك اتفاق واضح على أن هذا كان تمردا مخططا له"، مشيرة إلى أن التمرد شمل جماعات متطرفة، وآخرين يؤمنون بتفوق البيض، وكان يمكن أن يتطور على نحو أسوأ.