بلغت مستويات المياه في تركيا معدلات منخفضة للغاية بعد نقص كبير في الهطولات المطرية، الأمر الذي تسبب بأقسى موجة جفاف شهدتها البلاد منذ عقد من الزمن.
وتواجه المدن الرئيسية في أنحاء تركيا خطر نفاد المياه في الأشهر القليلة المقبلة، ومنها إسطنبول التي لم يتبقى لديها من احتياطي مياه سوى ما يكفيها لأقل من 45 يوما.
وتسببت الهطولات المطرية المتدنية هذا العام بأشد موجة جفاف عرفتها تركيا منذ 10 سنوات، وباتت إسطنبول التي يقطنها 17 مليون شخص، على شفير أزمة مياه خطيرة، حسبما ذكرت غرفة المهندسين الكيميائيين التركية.
وحذّر عمدة أنقرة منصور يافاش، في وقت سابق من الشهر الجاري، من خطر الجفاف، لافتا إلى أن العاصمة التركية أمامها 110 أيام فقط لتستهلك مخزونها المائي من السدود والخزانات، حسبما نقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
ولا تختلف الصورة بالنسبة لثاني أكبر مدينتين في تركيا، إزمير وبورصة، حيث امتلأت السدود فيهما بنسبة 36 و24 في المئة على التوالي.
كذلك يخشى مزارعو القمح في كل من قونية وأدرنة على الحدود مع اليونان وبلغاريا، من عدم نجاح محصول هذا العام بسبب شح الأمطار.
أزمة مياه
وتعتبر تركيا من الدول التي تعاني من شح المياه، إذ يبلغ نصيب الفرد من الماء فيها 1.346 متر مكعب سنويا، كما أنها واجهت العديد من أزمات الجفاف منذ ثمانينيات القرن الماضي، من جرّاء النمو السكاني الكبير والزحف العمراني وتغيّر المناخ.
وعلّقت خبيرة إدارة المياه، التركي الدكتور أكغون إلهان، على مسألة نقص المياه في البلاد قائلة: "بدلا من التركيز على التدابير لإبقاء الطلب على المياه تحت السيطرة، تصّر تركيا على توسيع إمدادات المياه من خلال بناء المزيد من السدود".
وأضافت إلهان: "علامات التحذير من الأزمة المائية موجودة منذ عقود ولكن لم يتم فعل الكثير على أرض الواقع".
من جانبه، قال الدكتور أوميت شاهين، الذي يدرّس تغيّر المناخ العالمي والسياسة البيئية في جامعة سابانجي بإسطنبول: "يعلم الجميع أنه يجب الحفاظ على أحواض المياه، خاصة بالنسبة لنوبات الجفاف هذه التي أصبحت أكثر حدة وطويلة الأمد".
وتابع شاهين قائلا: "في إسطنبول تم فتح أحواض المياه الأكثر حيوية، وآخر الغابات والأراضي الزراعية أمام مشاريع التنمية الحضرية مثل المطار الجديد وجسر البوسفور والطرقات السريعة المرتبطة به، وقناة إسطنبول. إن هذه السياسات لا يمكن أن تحل مشكلة الجفاف في تركيا ".
وبينما تحتاج المدن التركية إلى الكثير من الأمطار لإنقاذ الوضع الخطير الذي يهدد جوانب عديدة في البلاد، يرى باحثون أن تداعيات الجفاف ستوّلد حلقة مفرغة، إذ سيؤدي انخفاض الإنتاج الزراعي وزيادة أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع معدلات الفقر والهجرة من الريف إلى المدينة، وهو ما سيفاقم بدوره البنية التحتية للمياه، لتظل الإرادة السياسية الغائبة عن هذا الملف الحيوي وتعاملها السلبي معها، حجر عثرة أمام توفير حلول لهذه المشكلة الخطيرة.