مع انقضاء سنة قمعية أخرى من سنوات حكم أردوغان العجاف وثق حزب الشعوب الديمقراطي اعتقال نحو 20 ألفا من أعضائه على مدى السنوات القليلة الماضية منذ عام 2015 حوكم بالسجن منهم 3695 قيادي وعضو من الحزب بينهم الرئيسان المشتركان للحزب سابقا صلاح الدين دميرتاش وفيغن يوكسكداغ وفي هذا العام لوحده اعتقل 1750 وحوكم قسم لا بأس به منهم بالحبس.
وتتفق آراء المتابعين والمراقبين للشؤون الكردية والتركية على أن هذه حملة إبادة سياسية منظمة ضد الحزب الذي وإن كان ذي غالبية كردية، لكنه يمثل ويتمثل فيه العديد من التوجهات والقوى الديمقراطية واليسارية التركية غير الكردية.
هذه الأرقام المهولة والآلاف المؤلفة لا تمثل سوى عينة، إذ أن الاعتقالات التعسفية في المناطق الكردية وفي التجمعات والأحياء الكردية داخل كبريات المدن التركية شبه يومية وهي واسعة ومتتالية لدرجة يصعب حصرها فبعض حالات الاعتقال مثلا تمتد لأشهر دون محاكمات وتهم يمكن تمريرها حتى بحسب القانون التركي نفسه.
ما يكشف أن "الديمقراطية التركية" في عهد رجب طيب أردوغان غدت لزوم ما لا يلزم فحزب دميرتاش الممثل بالبرلمان بأصوات الملايين من كردستان تركيا إلى قلب إسطنبول يتم قمعه وممارسة إرهاب الدولة المنظم بحقه رغم المناشدات والدعوات الأوروبية والدولية المتواصلة للكف عن هذه السياسات المنافية للديمقراطية والتعايش وحقوق الإنسان والجماعات في تركيا.
وآخر الأمثلة في هذا السياق قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قبل بضعة أيام والذي دعا أنقرة للإفراج الفوري عن الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش، لكن مع ذلك تواصل آلة القمع الأردوغانية اشتغالها متحدية العالم بعهوده ومواثيقه الدولية ومتحدية حتى القوانين التركية، التي بات تطبيقها انتقائيا حسب ما يتوافق ومصالح الحزب الحاكم وأجنداته.
وتقول ممثلة حزب الشعوب الديمقراطي في إقليم كردستان العراق، ناهدة أرميش، لـ"سكاي نيوز عربية": "الأزمة الأم والتي تتفرع منها بقية الأزمات في تركيا هي أزمة العقل العنصري المريض المهيمن في البلاد والذي لا يرى بقية القوميات والمكونات ولا يقر بأية حقوق لبقية الشعوب التي تتكون منها تركيا وفي مقدمها الشعب الكردي".
وأضافت "تسعى السلطة الأردوغانية إلى إبقاء الناس دوما يلهثون خلف لقمة العيش واللهاث لتأمين الحد ولو الأدنى من مستلزمات الحياة اليومية في خطة ممنهجة لإشغالهم عن التفكر في واقعهم ومستقبلهم وفي انحدار بلادهم نحو مهاوي الفردية والاستبداد والفساد".
وتقول: "لذلك تدرك السلطة تماما أنه متى ما تمكن المجتمع من تنظيم نفسه والمطالبة بحقوقه وفق أجندة مطلبية وحقوقية منظمة ومؤطرة فإنه سيتمكن من تغيير النظام القائم حتى لذلك يستشرس أردوغان في العداء لحزبنا على طول الخط دون بقية الأحزاب".
وذكرت: "رغم تراكم النقمة في المجتمع التركي على السلطة لكنها تبقى نقمة مكبوتة في النفوس وغير منظمة لكن في المجتمع الكردي في تركيا على العكس من ذلك ثمة إرث نضالي مديد وتراكم لخبرات وتجارب تنظيمية ما يفسر كون حزبنا في طليعة المعارضة الديمقراطية الجذرية للنظام الاستبدادي التركي".
وتتابع ناهدة: "رغم كل حملات الإرهاب والاعتقال والقتل لكننا نواصل نضالنا وحراكنا من أروقة البرلمان إلى الساحات والشوارع ولهذا يعتبر تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية الفاشي حزبنا كعدو وهدف رئيسي له".