كشفت وسائل إعلام يونانية رسمية عن مساعي وزير الخارجية نيكوس دندياس، لإحباط مخطط تركيا الرامي إلى إقامة قاعدة عسكرية على ساحل ليبيا في منطقة قريبة من جزيرة كريت اليونانية.
وقال دندياس إن بلاده "تسعى لمنع إقامة قاعدة عسكرية تركية في ليبيا. يجب ضمان أن تكون الشواطئ الليبية المقابلة لجزيرة كريت اليونانية آمنة عبر سيطرة قوى نظامية عليها وليس مجموعات من الميليشيات والمرتزقة"، في إشارة للمجموعات الإرهابية التي تدعمها أنقرة في طرابلس ومحيطها.
وأضاف الوزير اليوناني: "نأمل أن تتراجع حكومة فايز السراج (حكومة طرابلس) عن الاتفاقات والمذكرات التي وقعتها مع تركيا حول المناطق البحرية، وغيرها من الاتفاقات ذات الطابع العسكري".
وأكد أيضا على أن الولايات المتحدة "دحضت ادعاء تركيا بأنها ركن أساسي لتواجد حلف شمال الأطلسي (ناتو) في جنوب أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط"، حيث "كانت تزعم أنقرة دوما بأنها العمود الرئيسي للحلف".
ولفت دندياس إلى أن "العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على الوزارات والمسؤولين الأتراك، ستؤثر على التوازن الحالي مع مرور الوقت، في ظل ما تعانيه أنقرة من تأزم سياسي واقتصادي داخلي".
وفيما يخص ملف العلاقات الأوروبية التركية، أعرب وزير الخارجية اليوناني عن اعتقاده بأن أنقرة "ستستمر في الابتعاد عن أوروبا، في ظل اتباع سياسة تقوض أمن دول الاتحاد الأوروبي وتهدد الاستقرار في حوض البحر المتوسط"، مؤكدا أنه "لا يمكن لتركيا أن تنشئ أي علاقة مع أوروبا، أو تدخل السوق الأوروبية، من دون إلزامها بسيادة القانون وحقوق الإنسان".
كما أكد دندياس انفتاح بلاده على أي محادثات مع تركيا "لكن في المناخ السياسي المناسب لإجراء مثل هذا الحوار بين الطرفين".
أكثر جدية
وفي السياق ذاته، أشار الباحث السياسي الليبي سعد مفتاح إلى أن دور اليونان الجديد وجهودها الأخيرة "تؤكد أنها أكثر جدية في ردع التحركات التركية الاستفزازية بمنطقة شرق المتوسط، في ظل انتباه قيادة أثينا لحجم المخاطر الواقعة عليها من سياسات أنقرة".
وقال مفتاح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن رد فعل اليونان في التعامل مع التحركات التركية "أكثر جدية من نظرائها الأوروبيين، وهذا طبيعي بحكم أنها الدولة المجاورة لتركيا، مما يعني أنها ستكون الأكثر تضررا إزاء تدخلات جارتها في سوريا وليبيا، وهو ما انعكس في ملف اللاجئين وأيضا أنشطة تركيا الاستكشافية عن موارد الطاقة في مياه قبرص واليونان نفسها، في مشهد حمل تهديدا صريحا لسيادة البلدين".
وأضاف أن "اليونان باتت تهتم بمراقبة الوضع في مياه بحر إيجة وكذلك سواحل غرب ليبيا، بعد أن أصبحت موانئ مصراتة وطرابلس مصدر تهديد مباشر لأمن دول جنوب أوروبا عامة واليونان خاصة".
ويرى مفتاح أنه "يمكن تفهم سبب توجه اليونان للانخراط في تحالف مع فرنسا، أكبر قوة عسكرية في جنوب أوروبا، ومصر، أهم قوة عسكرية في شمال إفريقيا، بهدف مراقبة مياه شرق المتوسط، والتصدي للتحركات التركية في ظل عزم (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان إنشاء قاعدة عسكرية بحرية قرب سواحل غرب ليبيا".
اليونان تزيح تركيا
وفي سياق الصراع بين اليونان وتركيا شرقي المتوسط، يرى أستاذ العلوم السياسية الليبي محمد الزناتي، أن "أثينا أعدت إستراتيجية كي تجعل نفسها الركيزة الأساسية للقوة الجوية للناتو، لتحل محل تركيا في المنطقة المتأزمة".
وقال الزناتي لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه "منذ الأيام الأولى من أزمة سفن تركيا الاستكشافية في شرق المتوسط، يدرك الجيش اليوناني جيدا نقاط القوة والضعف لديه ولدى نظيره التركي أيضا، مما جعل أثينا تسخر كل طاقات الدولة لتطوير قدرات جيشها في أسرع وقت".
وأضاف أن "هذا التوجه يفسر اهتمام رئاسة الأركان اليونانية بتحديث قدرات سلاحها الجوي، لذا تحركت نحو الولايات المتحدة للحصول على المقاتلة الأميركية الشبحية (إف 35)، وهي الخطوة التي جاءت بعد نجاح اليونان في إقناع فرنسا بتوريد مقاتلات (رافال) لها في المدى القريب، كي تكون كلتا المقاتلتين بجانب أسطولها الجوي الذي يضم أكثر من مائة مقاتلة من طراز (إف 16)".