تعترض إجراءات تمرير موازنة الدفاع الأميركية عملية أخذ وردّ بين قادة الكونغرس والرئيس دونالد ترامب، الذي يصرّ على طلب تعديل المادة 230 ورفع الحصانة القانونية الممنوحة لشركات التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"تويتر" وغيرها، لملاحقتها مستقبلا.
وفيما يستبعد قادة الكونغرس، وفي مقدمهم قادة الحزب الجمهوري، تلبية مطالب ترامب، أنهى المشرّعون في كلا مجلسيّ النواب والشيوخ نقاشاتهم لمشروع الموازنة وأدخلوا كمّا من التعديلات التي تجاهلت سياسات البيت الأبيض إزاء قضايا عدّة، الأمر الذي يهدد، وبحسب المراقبين، عدم تمريرها بعد إعلان ترامب بأنه سيستخدم حق النقض الفيتو ويرفض توقيعها بعد أن يتم التصويت عليها الثلاثاء المقبل.
وفي تفاصيل الأخذ والرد بين البيت الأبيض والكونغرس، يصرّ ترامب على إبقاء رصد مصاريف الإنفاق الدفاعية أعلى من 740 مليار دولار وأن يقترن بها تشريع واضح ينهي حصانة شركات مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الإطار يقول مساعد وزير الخارجية الأميركي سابقا، الجنرال المتقاعد مارك كيميت، إن الخلاف على الموازنة هو سياسي بامتياز أكثر مما هو عسكري وأن ترامب أقحم طلب تعديل المادة 230 في شكل لا مبرّر له.
وأمام ذلك، ردّ المشرعون في الكونغرس على شروط ترامب بإدخال تعديلات تتحدّى سياساته العسكرية، خصوصا حيال وقف سحب القوات الأميركية من ألمانيا وتوجيه رسالة قاسية إلى أنقرة تطلبُ فرض عقوبات على مسؤولين أتراك كبار مرتبطين بصفقة "إس-400" الروسية.
ويقول في هذا الإطار الجنرال المتقاعد مارك كيميت، إن لدى ترامب علاقة شخصية مع الرئيس التركي، رجب طيّب أردوغان، وهو مقتنع بأن العقوبات على أنقره مؤذية.
ويضيف كيميت "للأسف لا أعتقد أن ترامب مدرك لمدى خطورة نظام إس-400 الروسي".
وإضافة الى ذلك، ألزمت تعديلات موازنة الدفاع قيادة البنتاغون بتغيير أسماء 10 قواعد عسكرية ترمز إلى قادة جنرالات الكونفيدرالية في زمن الحرب الأهلية، وهو الأمر الذي يثير غضب ترامب أيضا.
من جانبها، تقول المتخصصة في قضايا الكونغرس، رنا أبتر، لـ"سكاي نيوز عربية" إن التعقيدات كثيرة إلا أن كل ما يمكن لترامب فعله هو تأجيل التمرير النهائي لهذا المشروع بعد أن يستخدم حق النقض الفيتو.
وأوضحت أن المشرعين قد لا يتمكنون من تخطي النقض لأسباب متعلقة بالوقت فقط.
ويعرب خبراء في واشنطن عن قلقهم إزاء هذه التطورات، ويعتبرون أن مشروع موازنة الدفاع، الذي يتضمن 2200 بند والذي جرى التفاوض عليه على مدى أشهر طويلة يجب أن يُمرّر في المجلسين قبل أن يستلم أعضاء الكونغرس الجدد مقاعدهم في 3 يناير المقبل.
تاريخيا اعتاد الكونغرس والبيت الأبيض، وعلى مدى نحو 60 عاما على وضعَ أهدافهما السياسية وخلافاتهما الحزبية جانبا كلما تعلق الأمر بتمرير موازنات الدفاع الوطني خدمةً لمتطلبات أفراد الجيش والأمن، لكن يبدو أن هذا العام سيكون مختلفا بعد تصريحات ترامب الأخيرة التي أوحت بأن تمرير الموازنة قد يكون أكثر صعوبة من ذي قبل.