تشير أراء المحللين وتوقعات الخبراء الى أن منطقة الساحل والصحراء، والتي تشمل دول موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد تتجه لتكون مسرح عمليات التنظيمات الإرهابية الدولية وفي مقدمتها تنظيمي القاعدة وداعش خلال الفترة القادمة.
والتوقعات تأتي على خلفية إعلان تنظيم القاعدة، السبت الماضي، تعيين الجزائري مبارك يزيد، والذي يدعى أبو عبيدة يوسف العنابي كزعيم جديد لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، خلفا لعبد المالك درودكال، التي قامت القوات الفرنسية بتصفيته في يونيو الماضي بشمال غرب تساليت في مالي قرب الحدود المالية مع الجزائر.
ويأتي ذلك في سياق ما تشهده مدن الغرب الليبي من تطورات خطيرة بعد أن لعبت الطائرات التركية دور جسر العبور للدواعش من شمال سوريا إلى غرب ليبيا، بالتزامن مع التحركات المريبة للعديد من الجماعات التكفيرية في مالي ونيجيريا، في ظل توسع بؤرة جماعة بوكو حرام الإرهابية في نيجيريا (غرب أفريقيا)، وتمدد التنظيمات المتشددة بمالي جهة الشمال نحو الصحراء الجزائرية، وهي كلها تحركات تخدم مشروع تفجير الوضع بدول الساحل والصحراء كي تكون بؤرة توطين جديدة للتنظيمات الإرهابية مستقبلا.
وتلقى مبارك يزيد، والذي يدعى أبو عبيدة يوسف العنابي تدريبه في أفغانستان أوائل التسعينيات، وانضم للجماعة السلفيّة للدعوة والقتال بالجزائر، وهي المدرجة على اللائحة الأميركية السوداء لـ"الإرهابيين الدوليين" منذ سبتمبر 2015.
كما أنه من مؤسسي تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين في شمال مالي، وهو التنظيم الذي عمل كحلقة وصل بين تنظيم القاعدة في أفغانستان والتنظيمات التكفيرية الصغيرة المتفرعة في دول المغرب العربي والساحل والصحراء.
وشارك أبو عبيدة عام 2007 في محاولة اغتيال الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعمل كمسؤول للفرع الإعلامي بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب.
وسبق وأن حذر الجيش الوطني الليبي على لسان المتحدث الرسمي باسمه اللواء أحمد المسماري من تحول منطقة الساحل والصحراء لنقطة تلاقي مختلف المرتزقة والتكفيريين والتنظيمات الإرهابية من مختلف دول العالم كحال ما حدث في سوريا والعراق بعام 2012، مما قد يضرب الاستقرار في قلب أفريقيا، ويجعل من دلتا النيجر وصحاري تشاد بوابات خلفية لضرب استقرار دول شمال أفريقيا وفي المقدمة ليبيا والجزائر، وهو أيضا ما يهدد الوجود العسكري الأميركي والأوروبي وقوات حفظ السلام الدولية بتلك الدول.
أبو عبيدة يستعد لإتمام ما فشل فيه درودكال
وفي ذلك السياق، يقول الباحث السياسي الليبي، سعد مفتاح، إن المؤشرات الأولية بأن الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، أبو عبيدة يوسف العنابي، لديه مشروع كبير لاستعادة هيبة تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا والساحل والصحراء، بعد ما تعرض له التنظيم من ضربات قوية على يد الاستخبارات الفرنسية بالشهور الأخيرة، وهو ما قد ينذر بمواجهات كبرى بتلك البقعة الاستراتيجية بالقارة السمراء.
ويضيف مفتاح لـ"سكاي نيوز عربية" "سيسعى أبوعبيدة صاحب المشوار الدموي الطويل مع تنظيم القاعدة سواء بالجزائر أو أفغانستان أو بمالي على إعادة رسم الخريطة الواسعة التي فقدتها القاعدة في أفغانستان وداعش في الشام والعراق ولكن بتلك المرة في منطقة الساحل والصحراء، لإعادة شوكة أقوى التنظيمات الإسلامية المسلحة بالعالم".
واستطرد: "ما يعزز فرضية استعادة تنظيم القاعدة لشوكته في منطقتي المغرب العربي والساحل والصحراء بعد الضربة القاصمة التي تعرض لها جراء مقتل درودكال في يونيو الماضي، هو ما يمكله أبو عبيدة من شبكة علاقات واتصالات قوية جدا بين كافة التنظيمات المتشددة والتكفيرية في أفريقيا، كتنظيمات ماسينا لاماذو كوفا وأنصار الإسلام والمسلمين ونصرة الإسلام والمسلمين وغيرها من باقي التنظيمات المتشددة والتكفيرية هناك".
وتابع مفتاح كل ما سبق سيمكن أبو عبيدة من أن ينسج خيوط تلك التنظيمات في شبكة واحدة، لاستكمال ما فشل في تحقيقه عبد المالك درودكال، في ظل زيادة عدد الإرهابيين القادمين من شمال سوريا ودول أسيا الوسطى الى شمال أفريقيا بفعل الدور التركي الداعم لنشر الإرهاب في المنطقة".
ربط الجماعات الإرهابية في أفريقيا
من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي الليبي، محمد الشريف، أن ما يحدث من تموضع جديد لتنظيم القاعدة في أفريقيا، بالتزامن مع ما تشهده الساحة في كل من مالي ونيجيريا من تحركات مريبة للتنظيمات القاعدية والتكفيرية هناك لا يأتي صدفة.
وأضاف الشريف لـ"سكاي نيوز عربية" "هناك مخطط كبير يدبر في الكواليس لمنطقة الساحل والصحراء كي تكون نقطة انطلاق جديدة لتنظيمي القاعدة وداعش معا".
وأوضح أنه "لم يكن هناك تنظيم جديد سيولد على يد القاعديين والداعشيين ولكن تحت مسمى جديد وراية جديدة".
واستطرد: "هناك نية لاستثمار هؤلاء المرتزقة والتكفيريين في جغرافية جديدة بخريطة العالم، فبعد أن أنهى هؤلاء المطلوب منهم في العراق وسوريا وليبيا واليمن، فتحت لهم تركيا أبواب أذربيجان، فكانوا في مقدمة الصفوف بحرب إقليم ناغورني كاراباخ".
وتابع: "اليوم يتم نقل أغلب هؤلاء المرتزقة والتكفيريين من نقطة تجمعهم الأكبر بشمال وشرق سوريا ومعسكرات تدريبهم في شرق تركيا إلى غرب ليبيا ومالي، فالتوجه التركي القطري نحو غرب أفريقيا بأخر عامين، ومالي ونيجيريا تحديدا لم يأتي اعتباطا".
وختم: "هناك مخطط تركي لتفجير الوضع أسفل أقدام القوات الفرنسية المتواجدة في مالي، ولربط بؤر الإرهاب في أفريقيا من نيجيريا مرورا بمالي وتشاد والنيجر وصولا لغرب ليبيا".