بعد نحو أسبوع من إعلان فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية، لا يزال الرئيس دونالد ترامب، ومعه الجمهوريون، رافضين للنتائج التي تشير إلى هزيمتهم، وعازمين على ما يبدو على خوض صراع قوي للبقاء في السلطة.
والثلاثاء قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنه: "سيكون هناك انتقال سلس للسلطة"، لكن المفاجئ أنه أكد أن هذا الانتقال سيكون "لولاية ثانية لترامب"، الخاسر حسابيا في الانتخابات.
وفي إشارة إلى "نظرة أخرى" على نتائج الانتخابات، سمح المدعي العام الأميركي وليام بار للمدعين الفيدراليين، البدء في التحقيق في المخالفات الانتخابية، وهي خطوة دفعت رئيس وحدة جرائم الانتخابات في وزارة العدل إلى التنحي عن منصبه.
وتشير كل الدلائل إلى أن ترامب سيلجأ إلى كافة الحيل القانونية للبقاء في السلطة، مع استمرار إصراره على رفض نتيجة الانتخابات الرئاسية والتشكيك في فوز بايدن بها.
وتجتمع الهيئة الانتخابية في 14 ديسمبر المقبل للإدلاء بصوتها بشأن منصب الرئيس، وتستخدم كل ولاية تقريبا التصويت الشعبي لاختيار ناخبيها.
تجاهل التصويت الشعبي
ومن المتوقع أن يفوز بايدن بأكثر من 270 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي، وهو ما يحتاجه ليصبح رئيسا.
لكن هناك نظرية قانونية طرحها الجمهوريون قبل الانتخابات، مفادها أن المجالس التشريعية الصديقة لحزبهم، في ولايات مثل ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا، يمكن أن تتجاهل التصويت الشعبي في ولاياتها وتعين ناخبيها، وفقا لتقرير صحيفة "غارديان" البريطانية.
ويسمح القانون الفيدرالي للمشرعين بالقيام بذلك، إذا "فشلت الولايات في اتخاذ قرار" بحلول يوم اجتماع الهيئة الانتخابية، لكن لا يوجد دليل على ارتكاب مخالفات في أي ولاية.
وقال أستاذ القانون ريتشارد هاسن، إنه "ليس هناك أي مسار دستوري معقول لترامب للمضي قدما للبقاء رئيسا، باستثناء أدلة جديدة على فشل هائل في نظام الانتخابات في ولايات متعددة".
ويرى متخصصون في الانتخابات أن محاولة استخدام المجالس التشريعية للولاية للالتفاف على أصوات الناخبين، ربما يتسبب في احتجاجات شديدة، وأزمة حقيقية للديمقراطية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وقال أستاذ القانون في جامعة نيويورك ريتشارد بيلدس، إن: "المفارقة أو المأساة، هي أننا نجحنا في إجراء انتخابات سلسة للغاية، مع إقبال قياسي في ظل ظروف صعبة للغاية، ومع ذلك فإن جزءا كبيرا من مؤيدي ترامب مقتنعون الآن بأن العملية كانت معيبة".
انقسام داخل الجمهوريين
يبدو أنه ليس كل الجمهوريين متفقون مع ترامب في مسعاه لاستعادة السلطة، فبعد وقت قصير من يوم الانتخابات أشار جيك كورمان أكبر جمهوري في مجلس الشيوخ بولاية بنسلفانيا، إلى أن حزبه "سيتبع القانون" في الولاية، الأمر الذي يتطلب اختيار الناخبين عبر الفائز في التصويت الشعبي.
وفي مقال نُشر في أكتوبر الماضي، قال كورمان إن المجلس التشريعي للولاية "ليس له ولن يكون له يد في اختيار ناخبي رئيس الولاية، أو في تقرير نتيجة الانتخابات الرئاسية".
لكن الجمهوريين في المجلس التشريعي لبنسلفانيا أعربوا عن رغبتهم في التحقيق في مزاعم التزوير، ورغم عدم وجود أدلة حول مخالفات في الولاية فإن هذه الخطوة مثيرة للقلق، لأنها قد تكون بداية لمحاولة تقويض نتائج التصويت الشعبي في بنسلفانيا.
ويجري المجلس التشريعي الذي يقوده الجمهوريون في ميشيغن تحقيقا في الانتخابات، وكذلك الجمهوريون في ويسكونسن، ولا يوجد دليل على مخالفات في أي من المكانين.
ورفعت حملة ترامب عددا كبيرا من الدعاوى بعد إعلان فوز بايدن، ولا يبدو أن الغرض من هذه الدعاوى هو قلب نتائج الانتخابات فعليا، لكن محاولة خلق حالة من البلبلة وعدم اليقين، تقود إلى التحقيق في نتائج الفرز.
مواعيد نهائية
ولكل ولاية مواعيد نهائية خاصة بها للتصديق على نتائج الانتخابات، التي يتم استخدامها بعد ذلك لتخصيص أصوات الهيئة الانتخابية الخاصة بها، وتسعى حملة ترامب إلى منع المسؤولين من التصديق على النتائج في بنسلفانيا وميتشيغن، على الأقل.
والجدول الزمني للمصادقة على النتائج مهم، لأن القانون الفيدرالي ينص على أنه "في حال الانتهاء من نتائج الانتخابات بحلول 8 ديسمبر من هذا العام، تكون النتيجة حاسمة".
وقد تسعى حملة ترامب إلى تجاوز الموعد النهائي من خلال تأجيل العملية، وإيجاد مساحة أكبر للمناورة.
وقال ريتشارد بيلدس أستاذ القانون في جامعة نيويورك، إنه "حتى لو كان هذا هو أمل حملة ترامب، فمن غير المرجح أن تتدخل المحاكم".
وأشار بيلدس إلى أن الولايات "ستبدأ في التصديق على الأصوات في أقل من 10 أيام، ولا يوجد أساس في الدعاوى المقدمة حتى الآن للمحاكم لوقف هذه العملية".
رئيس بالنيابة
وهناك عوائق أخرى يواجهها ترامب أهمها حكام الولايات، ففي ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا ونيفادا، وهي ولايات حاسمة، حكام ديمقراطيون يرفضون الرضوخ للهيئات التشريعية التي يقودها الجمهوريون.
ويقول الخبراء إن القائمة التي يدعمها حاكم الولاية هي القائمة الصحيحة من الناحية القانونية.
وبغض النظر عن طول النزاع، يحدد الدستور موعدا نهائيا واحدا حتى إذا كان العد مستمرا، حيث تنتهي فترتا الرئيس ونائبه ظهر يوم 20 يناير.
وفي هذه المرحلة إذا لم تكن هناك نتيجة نهائية في السباق، فإن رئيسة مجلس النواب، على الأرجح نانسي بيلوسي، ستصبح رئيسة بالنيابة.