أثار فوز الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأميركية تساؤلات عديدة حول تجاوب الرئيس السابق دونالد ترامب مع هذا الانتصار، والخيارات التي لا تزال أمامه، وخصوصا مع إصراره على عدم الاعتراف بالهزيمة.
فبعد ما يقرب من أربعة أيام من الفرز والتي أسفرت عن فوز بايدن السبت، كان ترامب لا يزال يصر على أن السباق لم ينته، حيث صرّح بوقوع عمليات تزوير، ووعد بسلسلة من الإجراءات القانونية.
وقال ترامب في رسالة وجهها لأنصاره، إنه يعمل حاليا على تشكيل فريق دفاع "سيضم أقوى ما لديّ من محامين".
وكرر مزاعمه بشأن التزوير "في جميع أنحاء المدن الفاسدة التي يديرها الديمقراطيون"، واصفا تلك العمليات بأنها "لم يسبق لها مثيل".
وتابع: "أثبت اليسار أنه لن يترك سبيلا لنزع السلطة من الشعب الأميركي. الانتخابات لم تنته بعد. لا يزال أمامنا طريق طويل وأريدكم أن تعرفوا أنه يمكنني الاعتماد عليكم. أنا أقوم بتشكيل فريق عمل للدفاع عن الانتخابات سيتألف من أقوى المحامين. أدعوكم إلى التقدم والانضمام".
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، دأب ترامب على الهجوم على منظمي الانتخابات والتشكيك في نزاهتها والحديث عن "سرقتها" عبر "تويتر" بصفة أساسية، قبل أن يطلق بيانا في أعقاب إعلان فوز نائب الرئيس السابق، مشيرا إلى أنه سيلجأ للقضاء.
وذكر في البيان: "نعلم جميعا السبب وراء إسراع بايدن بالإعلان زورا عن فوزه، وسبب محاولة حلفائه في الإعلام بقوة لمساعدته: إنهم لا يريدون انكشاف الحقيقة. الحقيقة البسيطة هي أن هذه الانتخابات أبعد ما تكون عن الانتهاء. جو بايدن ليس الفائز الموثق في أي ولاية، ناهيكم عن الولايات المتنازع عليها التي سيتم إعادة فرز الأصوات بها، أو الولايات التي قدمت فيها حملتنا طعونا قانونية قد تحدد الفائز في نهاية المطاف".
ووفقا لأشخاص مقربين من ترامب، فإنه ليس من المتوقع أن يتنازل رسميا على الإطلاق، لكن من المرجح أن يخلي البيت الأبيض على مضض في نهاية فترة ولايته.
وتعليقا على ذلك نقلت "الأسوشيتد برس" عن لاري كودلو المستشار الاقتصادي لترامب قوله: "إنه يعتزم القتال، حيث أصبح من الواضح أن الرئيس يتجه نحو الهزيمة".
من جانبه، قال صديق ترامب ومستشاره منذ فترة طويلة روجر ستون: "سيكون لدى بايدن سحابة على رئاسته حيث يعتقد نصف الناس في البلاد أنه تم انتخابه بشكل غير شرعي".
وأشارت "الأسوشيتد برس" إلى وجود الكثير من أفراد دائرة ترامب المقربة الذين يحرضونه على رفض الاعتراف بالنتائج، بما في ذلك محاميه الشخصي، رودي جولياني، حيث كان عمدة نيويورك السابق يعد بتزويد الرئيس بدليل على تزوير الناخبين، لكنه لم يقدم سوى القليل، بما في ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده السبت في ساحة انتظار شركة صغيرة لتنسيق الحدائق في فيلادلفيا.
كما حثّ ابنا ترامب البالغان، دونالد جونيور وإريك، والدهما على مواصلة القتال وتحدى الجمهوريين للوقوف إلى جانبهما.
لكن الحلفاء السياسيين الآخرين ومسؤولي البيت الأبيض ضغطوا على ترامب لتغيير لهجته والالتزام بالانتقال السلس، حيث أكدوا له أن التاريخ سيكون قاضيا قاسيا على أي إجراء يتخذه وينظر إليه على أنه يقوّض خليفته، ونصحوه بإلقاء خطاب في الأسبوع المقبل يتعهد فيه بدعم الفترة الانتقالية.
وأفاد كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر، إنه حثّ الرئيس على قبول نتيجة السباق، حتى لو لم يقبل ترامب كيفية التوصل إليها.
ويعتقد معظم المساعدين أن الرئيس سيستغرق عطلة نهاية الأسبوع لاتخاذ قرارا بشأن خطة، والتي ستتضمن بالتأكيد المزيد من الإجراءات القانونية، لكن مساعدين آخرين يعتقدون أن المناوشات القانونية تدور حول تقديم مظهر قتال أكثر من تحقيق نتائج.
وقد تؤدي معركة قانونية طويلة يخوضها ترامب إلى إعادة إحصاء الأصوات في العديد من الولايات الأميركية، مما يرجئ العديد من الأنشطة المتعلقة بنقل السلطة، مثلما حدث في عام 2000، عندما لم يجر إعلان فوز جورج دبليو بوش إلا بعد 5 أسابيع من الانتخابات.
ويستعد الدبلوماسيون الأجانب والمراقبون لتحركات سياسية مفاجئة محتملة من جانب الرئيس الجمهوري من الآن وإلى يوم التنصيب في 20 يناير، من القرارات التجارية إلى انسحاب القوات إلى العفو الرئاسي، والتي يمكن أن تغل يد الإدارة المقبلة في وقت تحتاج فيه للتصدي سريعا لجائحة فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها.
ويمنح قانون الانتقال الرئاسي، الذي أُقرّ لأول مرة عام 1964 وعُدّل مرات عدة منذ ذلك الحين، موظفي الحكومة سلطة كبيرة على عملية نقل البيانات والخبرات إلى المسؤولين الجدد، وهو ترتيب يهدف إلى الحد من مخاطر التسييس.
ولا يمكن الإسراع بوتيرة عملية الانتقال حتى تصادق إدارة الخدمات العامة الحكومية على الفائز، حيث قالت السبت إنها لم تتخذ قرارا بعد.
وحتى ذلك الحين، يمكن للإدارة مواصلة تزويد فريق بايدن بالمكاتب وأجهزة الكمبيوتر والتحقق من الخلفيات للحصول على التصاريح الأمنية، لكن لا يمكنهم بعد دخول الوكالات الاتحادية.