مع تصاعد التوتر في شرق البحر المتوسط إزاء الأنشطة التركية غير القانونية لاستغلال ثروات النفط والغاز الطبيعي على حساب دول المنطقة، بدأ زخم التحركات الدولية يتعاظم للتصدي لأنقرة بمجموعة من الخطوات، كان آخرها سعي اليونان لشراء طائرات مقاتلة من فرنسا.
وكان مصدر في الحكومة الفرنسية، قد كشف الثلاثاء، أن اليونان تجري محادثات مع بلاده ودول أخرى بشأن شراء أسلحة من بينها طائرات عسكرية، لدعم قواتها المسلحة مع تصاعد التوتر حول موارد الطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط.
وقال وزير المالية اليوناني، الثلاثاء، إن بلاده مستعد لإنفاق جزء من احتياطياته النقدية لشراء أسلحة، وغيرها من الوسائل التي ستساعده في زيادة "قوة الردع"، بعد أعوام من تقليص الإنفاق الدفاعي.
وأضاف: "نجري محادثات مع فرنسا، وليس هي فحسب، من أجل زيادة إمكانيات بلدنا الدفاعية. وفي هذا الإطار نجري نقاشا أيضا يشمل شراء طائرات"، لافتا إلى أنه لم يتم اتخاذ قرارات نهائية حتى الآن.
ماذا تملك أثينا وماذا تشتري؟
وكانت وسائل إعلام يونانية قد ذكرت، الاثنين، أن أثينا اتفقت على شراء 18 مقاتلة من طراز "رافال" من فرنسا.
وبحسب موقع "ميليتري ووتش" المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن أسطول المقاتلات اليوناني يعتمد حاليا على الجيل الثالث من مقاتلات "فانتوم إف 4 إي" (F-4E Phantom) والجيل الرابع من مقاتلات "إف 16" و"ميراج 2000" خفيفة الوزن، فيما أبدت أثينا سابقا اهتماما بالحصول على مقاتلات الجيل الخامس "إف 35" من الولايات المتحدة، كما طلبت تحديث طائرات "إف 16".
ويمكن لليونان الحصول على مقاتلات "رافال" بشكل أسرع بكثير من "إف 35" الأميركية بحسب الموقع، ليس لأن فرنسا لديها مصلحة أقوى وأكثر إلحاحا في تعزيز الدفاعات اليونانية، لكنها لأن ذلك أيضا سيساعد باريس في بيع عدد أكبر من مقاتلاتها الشهيرة.
ونقل الموقع أنباء تفيد بأن فرنسا ستقدم 18 مقاتلة بخصم كبير، حيث ستبيع 10 منها لليونان، وتقدم 8 أخريات كمساعدة.
وتأتي الخطوة الفرنسية التي كشفها الموقع، كترجمة فعلية لتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، قال فيها إنه اتخذ "موقفا صارما" هذا الصيف فيما يتعلق بأفعال تركيا في شرق البحر المتوسط، مؤكدا أن ذلك بغرض "وضع خطوط حمراء لأن أنقرة تحترم الأفعال وليس الأقوال".
تركيا.. وتصعيد الأزمة
وهناك نزاع بين اليونان وجارتها تركيا بشأن عدة قضايا، منها تداخل المطالب بحقوق السيادة على موارد الطاقة في المنطقة، استنادا إلى وجهات نظر متضاربة حول امتداد الجرف القاري للبلدين.
وصعد القادة الأتراك واليونانيون من لهجة خطاباتهم في الأسابيع الماضية، بينما كانت سفنهم الحربية تلاحق بعضها البعض في شرق البحر المتوسط، وتجري قوات البلدين سلسلة مناورات عسكرية في المنطقة البحرية الواقعة بين قبرص وجزيرة كريت اليونانية.
ووقعت مواجهة قبل أيام عندما أرسلت تركيا سفينة بحثية برفقة سفن حربية للبحث عن احتياطيات الغاز والنفط، وأعلنت أنقرة، الاثنين، مد مهمة السفينة "أوروش ريس" 10 أيام أخرى حتى 12 سبتمبر.
ووصفت وزارة الخارجية اليونانية الإشعار بأنه "غير قانوني"، داعية تركيا إلى "الكف عن إثارة الجلبة يوميا والعمل من أجل الأمن والاستقرار في المنطقة"، وأصدرت مذكرة مضادة تطلب من الملاحين تجاهل الإنذار التركي بشأن تمديد الأنشطة البحثية في المنطقة.
مواجهة جماعية
ولم تقتصر خطوات التصدي للتهديدات التركية في المنطقة على فرنسا واليونان، إذ أعلنت الولايات المتحدة أنها سترفع حظر توريد الأسلحة المفروض على قبرص منذ 33 عاما، وستعمل على تعزيز تعاونها الأمني مع نيقوسيا.
والجزيرة منقسمة منذ عام 1974 بعد غزو تركي أعقب انقلابا دعمته اليونان، وتعترف تركيا بجمهورية شمال قبرص التركية، التي لا تعترف بها الدول الأخرى، فيما انهارت عدة محاولات لتحقيق السلام.
وفرضت واشنطن قيودا على نقل الأسلحة إلى قبرص عام 1987، لتشجيع جهود إعادة توحيد الجزيرة وتجنب سباق للتسلح هناك.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على "تويتر": "قبرص شريك رئيسي في شرق البحر المتوسط. سنرفع القيود المفروضة على بيع معدات وخدمات دفاعية غير فتاكة لجمهورية قبرص في السنة المالية المقبلة".
وأبدى الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في تغريدة على "تويتر"، ترحيبه بهذه الخطوة بعد مكالمة هاتفية مع بومبيو.
ولقيت الخطوة رد فعل غاضبا من تركيا، إذ هددت وزارة خارجيتها بأنها ستتخذ "كدولة ضامنة، الخطوات اللازمة تماشيا مع مسؤوليتها القانونية والتاريخية لضمان أمن القبارصة الأتراك"، على حد قولها.