يتوالى مسلسل التنكيل بالنصب التذكارية خلال المظاهرات التي تعم دول مختلفة للمطالبة بإنهاء الظلم العنصري بعد مقتل الأميركي من أصل إفريقي جوروج فلويد وهو رهن احتجاز الشرطة في منيابوليس بولاية مينيسوتا يوم 25 مايو الماضي.
فقد أعقب مقتل فلويد موجة عالمية من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية، وأدى إلى اندلاع حملة لإزالة التماثيل التي تمجد قادة الحروب أو كانت رمزا على العنصرية.
وبينما يقول البعض إن هذه التماثيل والرموز ما هي إلا تمثيل لحقب تاريخية وثقافية، يقول المحتجون عليها إنها تصور أشخاصها وكأنهم أبطال إلا أنهم متهمون بارتكاب جرائم قتل وتهجير وعنصرية لا تزال بعض الشعوب تعاني من تبعاتها حتى الآن.
وتحاول السلطات في الدول التي تشهد مثل هذه الاحتجاجات حماية التماثيل أو إزالتها "بهدوء" إلا أن إزالتها أو حمايتها لفترة بعيدا عن أعين المتظاهرين الغاضبين لن يلغي حقبة تاريخية أو ثقافية تتداعي آثارها في كل مرة تُرتكب فيها جريمة عنصرية مثل جريمة مقتل فلويد.
ففي بريطانيا، أمر صادق خان عمدة لندن، الخميس، العمال بوضع الألواح على تمثال ونستون تشرشل في ساحة البرلمان ومجموعة من المعالم الأثرية الأخرى لحمايتها من الأضرار قبل عطلة نهاية أسبوع أخرى من الاحتجاجات، حسبما نقلت صحيفة ديلي ميل.
كما أصبحت التماثيل التي ترمز لشخصيات شاركت في "تجارة الرقيق" أو كان لها تاريخا مع العنصرية في موقف صعب، فقد أسقط محتجون تمثالا لتاجر الرقيق من القرن الـ17، إدوارد كولستون، في بريستول ببريطانيا، الأحد الماضي، خلال احتجاج "حياة السود مهمة" بعد مقتل فلويد.
وعلق المتظاهرون حبلا على التمثال المدرج في الصف الثاني في شارع كولستون، قبل سحبه على الأرض، بينما هتف الحشود.
وقام المحتجون بدحرجة التمثال في الشارع في محاولة منهم إلى تدمير التمثال المثير للجدل في بريطانيا، حيث يعود ذلك التمثال البرونزي الذي أقيم في عام 1895، ويعتبر نقطة محورية للغضب بالمدينة خاصة أنه كان صاحبه يعمل في تجارة الرقيق.
وفي نيوزيلندا، أزال مجلس مدينة هاملتون تمثالا لقبطان بحري بريطاني بعد أن طالب رجل من السكان الأصليين (ماوري) بإسقاطه بالقوة.
وكانت شركة محلية منحت، في عام 2013، تمثال الكابتن جون هاملتون للمدينة الواقعة في وسط الجزيرة الشمالية والتي سميت باسمه.
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن تايتيمو مايبي أنه ينوي إزالة التمثال خلال مسيرة احتجاجية، السبت.
وقال إن تمثال هاملتون يوحي كما لو أنه كان بطلا لكنه "بقايا قاتلة".
كان هاملتون قائدا خلال معركة "بوابة با" ضمن حروب نيوزيلندا في القرن الـ19، والتي كانت عبارة عن سلسلة من المعارك الدامية بين الماوري والحكومة البريطانية حول شراء الأراضي المتنازع عليها والاحتلال الاستعماري.
وفي الولايات المتحدة، دعت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي، الأربعاء الماضي، إلى إزالة 11 تمثالا لعسكريين ومسؤولين يرمزون للحقبة الكونفدرالية، وذلك في إطار الجهود المبذولة لمكافحة العنصرية.
وفي رسالة إلى لجنة برلمانية مشتركة، قالت بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس، إن "تماثيل الرجال الذي نادوا بالوحشية والهمجية للوصول إلى هذه النهاية العنصرية الصريحة، تشكل إهانة بشعة لمُثُل الديمقراطية والحرية".