حدث ما تخوف منه المجتمع الدولي، وفر قرابة 800 أجنبيا من مسلحي داعش، من مخيم عين عيسى شمالي سوريا، في أولى نتائج دخول القوات التركية للمنطقة.
وجاء فرار مسلحي داعش من السجون، بعد أيام من تحذيرات قوات سوريا الديمقراطية، التي أكدت أنها لا تملك العدد الكافي من الحراس، في السجون والمخيمات التي تضم مسلحي داعش وعائلاتهم.
الهجوم التركي وفرار داعش
لم يعد ما كان تخوفا دوليا من عودة داعش جراء الهجوم التركي على سوريا، مجرد احتمال وارد، بل بات حقيقة واقعة، والنتيجة، فرار 800 شخص من عائلات داعش، من جراء القصف التركي لمخيم عين عيسى.
وبعد القصف التركي المكثف لمخيم عين عيسى، انسحبت عناصر الحراسة الكردية، مما سمح بفرار عناصر داعش.
ولم تكن هذه الضربة التركية الأولى التي سمحت لداعش بأن يخرج من مراكز احتجازه، إذ استهدف الهجوم التركي منذ يومه الأول أحد السجون الذي يضم مقاتلي التنظيم.
وقال الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون التركية، أسامة عبدالعزيز: "كان من الواضح جدا أن أردوغان سيلجأ لهذا التصرف غير الحميد، بالرغم من أنه كان هناك اتفاق ضمني بين ترامب وأردوغان، في أن تتولى تركيا مسؤولية الدواعش في السجون".
وكثفت تركيا قصفها في محيط السجون والمخيمات التي توجد فيها عائلات التنظيم الإرهابي، فيما يراه مراقبون سعيا من أنقرة لتسهيل حركة داعش وخروجه.
ويرى مراقبون أن تنظيم داعش لن يتردد في رد الجميل لأنقرة، وسيقف إلى جانبها في إضعاف وتشتيت صفوف الأكراد، من خلال استغلال انشغالهم بالرد على ضربات تركيا.
وفجر عناصر من داعش سيارة مفخخة قرب السجن المركزي في مدينة الحسكة، الذي يضم عناصر من مقاتليه، و يأوي الآلاف من أسر مسلحي التنظيم الإرهابي.
واستغل عناصر داعش القصف الجوي على الأكراد كغطاء لهم لتأمين فرارهم، فيما يذهب البعض إلى القول إن الأمر منسق مسبقا.
وأكد الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، هشام الهاشمي، أن الخطر الأكبر سيتحقق عندما تفتح أبواب "السجون التي يمكث فيها المقاتلين الميدانيين والقياديين لداعش"، وهو أمر وارد، وفقا له.
وأشار الهاشمي إلى أن داعش يمتلك الآن فرصة حقيقية لاستعادة نشاطه في المنطقة، وذلك باسترجاع المناطق الهشة في شمال سوريا، والتي سيتيحها له الهجوم التركي.
الهجوم التركي يهدد بما كان يخشاه العالم
النتائج التي ترتبت عن العملية التركية فيما يخص عودة داعش هو ما كان يخشاه العالم، وتحديدا التحالف الدولي، الذي أرسل قواته إلى سوريا لمحاربة داعش والقضاء عليه.
إلا أن أنقرة لا يبدو أنها تشاطر العالم هذه المخاوف، بل على العكس من ذلك، إذ يبدو أن داعش بالنسبة لأردوغان ورقة رابحة على أكثر من صعيد.
الأولى في محاربة الأكراد، والثانية في الضغط على الأوروبيين.
وقال أسامة عبدالعزيز: "أردوغان سيستخدم الدواعش لمحاربة الأكراد، أما الدواعش فسيردوا الجميل للجيش التركي، بالمحاربة جنبا إلى جنب معه".
فمن جهة يساعدونه على القضاء على الأكراد، ومن جهة أخرى يعود لاستخدامهم كورقة ضغط على الأوروبيين وغيرهم، خاصة أن هناك المئات منهم جنسياتهم أوروبية وغربية.
هروب عناصر داعش وقيامهم بعمليات إرهابية، تعتبر مؤشرات خطيرة، تضع علامات استفهام كبرى على التداعيات المحتملة للعملية العسكرية التي تنفذها أنقرة، خاصة بعد انسحاب القوات الأميركية، وإضعاف شوكة الأكراد، الذين كانوا على رأس من يرفع راية محاربة داعش.
معاناة إنسانية
من ناحية أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أن الهجوم التركي شمال شرقي سوريا قد يجبر نحو 400 ألف شخص على النزوح، فيما كشفت المنظمة الدولة أن عدد النازحين وصل إلى 130 ألف شخص، فروا من مناطقهم وسط استمرار الاجتياح التركي.
وعلى وقع أزيز الرصاص وأعمدة الدخان التي تلبد سماء مدنهم جراء تواصل القصف المدفعي التركي، يستمر المدنيون العزل في الفرار من مناطق المعارك المستعرة شمال شرقي سوريا.
حركة نزوح غير مسبوقة ووضع إنساني صعب، فاقمه توغل الجيش التركي في مناطق متفرقة شمال شرقي سوريا.
اجتياحٌ باغت مئات الآلاف، الذين لم يسعفهم الوقت للوصول إلى مخيمات الإيواء، فاضطروا لافتراش الأرض وسط عراء على بعد أمتار من قاعدة عسكرية أميركية، يعتقد هؤلاء أنها قد تكون بمنأى عن القصف التركي.
المدنيون، ستواجههم أيام عصيبة، فالخطر قد يأتي من القصف التركي، أو من مسلحي داعش، في حالة من الفوضى خلقها الأتراك، وقد يذهب ضحيتها الآلاف.